عمون - لقمان إسكندر - في الأردن ظهر يوم الثلاثاء مشهدان: الأول لأردني كان مستعدا للانتظار ساعات من أجل خمسة دنانير، والثاني يبدو انه مستعد لدفع عشرين الفا من أجل ساعات من الطرب.

وفي الأردن أيضا، ظهر رجل ثري بحاجة إلى سيولة. هي إذن، ثلاثة مشاهد حزينة وصلت إليها الحالة الاردنية. اثنان بحاجة ماسة للمال، أما ثالثهم فلا حاجة له في عشرين ألفا ويرغب في حرقها على ليلة.

بعيدا عن أن هذا يشي بضعف شرايين المملكة عن استيعاب أية دهون إضافية، إلا أن مشهد الاردنيين الثلاثاء يجب أن يشعر المسؤولين بالرعب.

في الخبر أن محطات محروقات أعلنت عن خصومات على تعبئة الوقود؛ ما أوقف شوارع المملكة على قدم ونصف.

سيارات فارهة من كل نوع كانت تبحث عن الخمسة دنانير الثلاثاء في الشوارع.

بالطبع الخمسة دنانير ليست "مكسبا" مهما لينتظر الرجل في الشارع ساعات من أجلها. فهل الناس "مغطية" بقشة؟ لكن هل هذا يبرر لهم مشهدهم؟ ما الذي يجري في الخفاء لكل تلك السيارات الفارهة الباحثة عن الخمسة دنانير؟

كأن الشعور بالفقر الذي يطغى على الأردنيين صار أشد بطشا على المجتمع من الفقر نفسه. أم أن المسألة أبعد من الشأن المالي؟

ربما هي عادة في ثقافتنا. ربما. فقد اختبرنا أنفسنا أو بعضنا كثيرا في تهافتنا على المخابز في "الثلجات" وكأننا على أبواب كارثة. هل هذه الحالة مشابهة؟

لقد أظهر أردنيون مبالغة في طمعهم بالخمسة دنانير، حتى تجشّؤوا الفقر. هذا شأن بعضهم سوى أنهم بالغوا فيما لا يكاد يوصف.

فاجأ الأردنيون أنفسهم بتهافتهم على الخمسة دنانير. لم؟ والواحد فيهم يدفع اكثر منها ليريح نفسه. فما المال إلا أداة راحة، فإن تحوّل الى "تعب" فَقَد معناه.

ما وقع به الأردنيون ليس إظهارهم للفقر، بل في إظهار لشعورهم الجمعي بأنهم فقراء، وهذا ألعن.