facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسارات: بين القصريّن .. من عمرة الى الحرانة


عبدالرحيم العرجان
19-09-2020 11:40 AM

مسارنا تدور أحداثه ما بين قصرين، إحداهما استجماميّ والآخر للحماية والدفاع، وببقعة جمعت الطرق التجارية القديمة والحديثة في نفس المنطقة، في أرض أصحاب الفصاحة واللسان، موطن الصيد والفروسية والشهامة ومصنع الرجولة والتاريخ وبداية استيطان البشر.

بعد جولة في قصير عمرة الأموي، وما فيه من دهشةِ ثراء وذوق رفيع وطراز بديع، من رسوماتٍ وزخارفٍ، تميزت في العصر الإسلامي لبني أًمية والذي بَنيِّ لجارية الخليفة الحسناء المطربة شهد / شهدة، كما تشير الكتابات فيه ورسم جدارية ملونة ضمن مجموعة تفردت بمضمونها من ذلك العصر ليدرج ضمن الإرث الإنسانيّ والاهتمام الدوليّ، بما فيها من بُعد فني فلسفي، تجعلك تتفحص كل كبيرة وصغيرة؛ حتى تعود إلى أدراج الزمان لوصفٍ بصريّ وحياة عامة وخاصة، من لهو وتحرر، وعريّ نسائيّ. و قصة الملك رودريق القوطي الذي افتخر العرب بقتلة أثناء فتح الأندلس قبل ثلاثة عشر قرن وغيره من الأباطرة، مزينة بكلٍ من التواريق، والأشكال الهندسية، والفسيفساء المذهبة، والقباب، والعقود المعشقة، وقد بُني ليكون للاستجمام والخلوة وذلك لتوطيد العلاقة مع أبناء المنطقة وقبائلها وللصيد والفروسية، حيث كان يبعث الأمويّن أبنائهم لتلك المنطقة لتّعلم من ملكة اللغة، بلسان أهله الذين ينطقون بالفصاحة والبلاغة، ونهل شيم الفروسية وصقل الرجولة.

تجول بين ذهاب وعودة في غرف القصر الملوكية وحمامة المعقود بقبة تمثل أجرام وأبراج سماوية، رُسمت بدقة واحتراف بأبعاد تُقارب الواقع، حيث كان يصاحبنا شعورتام أن المكان كان للخاصة والمقربيّن جداً من سدة الحكم وله اسرار طواها الزمان.

انطلقنا من أمام بوابة القصير وجدرانه التي تُرك عليها الماريّن كتاباتهم ورموز ووسم قبائلهم، عبر وادي البطم الذي يغذّي بئر القصير العميق نحو الشرق، عبر الحرة وأرض السواد القاسية إلى هدفنا المنشود لنقطة النهاية... قصر الحرانة والمسمى نسبةً الى حرة المكان، ليكون قصر دفاعي من الطراز الأول والوحيد لهذا الهدف لبني أمية في بلاد الشام والذي يعتبر همزة الوصل بين الجوف ودومة الجندل وبصرى الشام ودمشق. وقد قمنا باختيار اتجاه الشرق لتكون الشمس خلف ظهورنا؛ حتى نتفادى مواجهتها وانعكاسها خلال المسار المحاذي للطريق الدولي الحديث من جهة الشمال الرابط ما بين العاصمة والسعودية والخليج قاطبة والعراق -طريق التجارة والمغتربين الذين يعرفوا المكان حق المعرفة-وما بين القصريّن تختفي معالم الحياة المدنية، إلا من نباتات غير رعوية تستمد حياتها من رطوبة قليلة ما بين الصخور البازلتية والتي تتجدد مع قطرات الندى وتتجمع في القيعان أمطار الشتاء، فهناك ترابط بيئي كبير بينها وبين محمية الأزرق المائية التي سوف نفرد لها مسار خاص.

وقبل مائة وخمسة وعشرين عام، زار المستشرق التشيكي لويس موزيل المكان وذكره بيركهارت في كتابه وكيفية ترابطهم مع قصور المنطقة، من الطوبا، والمشتى، والحلابات، والسرح وعين السل، وبرقع الذي كنا فيه قبل اسبوع وغيرها مما بني في البادية وطرق التجارة والحج وبين القبائل لكسب الولاء وبسط النفوذ بذلك الوقت.

وبعد اثنين وعشرين كيلو متر بمسير بمعدل مشي ثلاثة ونصف كيلو بالساعه لعدم وجود درب مرسم، وصلنا لمكانٍ ومستوى متوسط منخفض الصعوبة، بدأت مشارف أبراج قصر الحرانة الأسطوانية بالظهور، والذي لا تراه إلا عند الاقتراب من موقعه، والذي بهندسته المعمارية نرى إبداع نظام الإظهار والإخفاء بعمل بناء عظيم مربع مكتمل الشكل دون مظاهر الرخاء والترف، وقاعات وغرف؛ أُعدت للجند والقادة والزوار، ونظام تهوية ينعشك بعد عناء مسير طوال النهار بتياراتٍ تتخلل جدرانه عبر فًتحاتٍ؛ أًعدت أيضاً لهذه الغاية وللمراقبة وإطلاق السهام من واجهاته الأربعة، تدور في القصر الطيني البناء من باب الى آخر ومن قاعة الى أخرى بشعور وراحة لا تقل عن راحة نهار كامل بخلوه الطبيعة وهدوئها الآسر، وختامة بدعوة عشاء من صديق شيشاني من اهل الازرق الكرام لتناول طبق الحلطمش الشيشاني الشهي ليعيد شحن طاقه للعوده لعمان.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :