facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسار استكشاف وادي أبو محمود سحر الجنوب


عبدالرحيم العرجان
07-11-2020 12:00 PM

تعد المسارات الاستكشافية من أصعب المسارات لتطلبها دراسة وحذر كبير، لعدم توفر معلومات كافية عنها سواء في المراجع أو ما نشره رواد المسير والترحال عن هذه الأماكن وهي دوماً تحمل الكثير من المفاجئات المدهشة وأيضا تتطلب قرار حكيم بالتصرف.
وادي أبو محمود من الأودية الغير مستكشفة نهائياً لدى الرحالة المحليين والأجانب وذلك لطول الوادي المتوجب انهائه بيوم واحد مع الأخذ بعين الإعتبار إدارة الوقت بالشكل الدقيق، وخطورة بعض مراحله المتطلبة العمل بروح الفريق لاجتيازها، وكثرة العوائق متوجبة الاستدارة حولها حتى لو تطلب ذلك صعود جبل أو أكثر وهو العرف المتبع في هذه الرياضة بعيداً عن الإنزال بالحبال والمغايرة لها من حيث الهدف والتكنيك والأدوات، ودون وجود أي نقطة تزويد وتعذر الإخلاء.

بدأ المسير بعد مبيت في مخيم سياحي بدوي وعشاء زرب في منطقة البيضاء بالبتراء حيث انطلقنا مع خيوط الفجر الأولى لنقطة البداية بالقرب من موقع اشكارات مساعد العائدة للعصر الحجري والمشرفة على طريق وادي نملة النبطي التاريخي والطريق الحديث الذي تم افتتاحه على أعلى مستوى، توجهنا بالمسير من الغرب منه بعد أخذ الاحتياجات الكاملة من ماء وعصير وبعض الفواكه والسندويشات الخفيفة بالإضافة إلى اختيار مستلزمات أساسية لأي حدثٍ طارئ بما فيها ؛ ضوء الرأس، قبعة حماية، حذاء مناسب، العصي المخصصة للمشي والإرتكاز والإسعافات الأولية، والأهم هو الإرادة بتحقيق الهدف باجتيازه بنجاح لجميع أفراد الفريق دون استثناء أو إصابة وهو ما تحقق بحمد الله.

من الفجر بجانب جبل بروي انطلقنا بمسار متكيف مع الوادي مسترشدين بمجرى السيل الموسمي الجاف ودروب الرعيان المحدودة، متخللين عدد من الأسوار ومصاطب كروم وبساتين نبطية وادومية وبعض من مواقع استراحة وإيواء القوافل، وبعد مسير ثلاثة كيلو مترات اختفت كل هذه المظاهر ما عدا مجرى السيل ليكن نجاحنا معتمداً على قرار قائد المجموعة الذي اجمعنا عليه، حيث بدأت العوائق والمفاجئات بالتتابع بدهشة وجمال الوادي البكر الساحر النادر الزيارة، فكان أولها اجتياز صخرة كروية ملساء، أغلقت المجرى بضخامتها فصقلها السيل لتصبح أيقونة خالصة البياض تتربع بجوفة جمالها، واسفل منها تشكلت بحيرة انزلقنا فيها، وكانت الضفادع ترحب بنا باستغراب بنقيق حاد طغى على صمت المكان وهدوئه.

اصبحنا في قلب الوادي المتعرج بين جبال شاهقة الإرتفاع بأشكال منشورية وألوان ما بين الأسود والأحمر والأصفر مزينةٍ بخام النحاس الأخضر المتأكسد كأنها لوحات فنية جل من أبدعها، وبين شقوقها نباتات شجيرات أصرّت على العيش على ماء الندى في هذا الإرتفاع لتصبح مأوى لأعشاش الطيور الجارحة، استكملنا مسيرنا بعد الإنتعاش بماء البحيرة لنصل الى عائق شلال جاف يزيد ارتفاعه عن العشرين متر، وما من طريق إلا أن نستدير حوله بصعود الجبل الحصوي الصعب، شديد الإنحدار كون حجارته منزلقة وتوجب توخي الحذر الشديد حتى لا ننزلق أو تنهار هذه الحجارة على من خلفنا، فانزلاق حجر يصبح كسيل من الحجارة، فكان الحل الأمثل أن نسيرعلى أربعة بشكل عرضي بعيد المسافة مرتكزين على أطرافها الكبيرة بحذر شديد لنصل قمة الجبل بعد مسير على سيفه بين واديين، سحرنا من جمال المشهد الذي فتح على الأفق المقابل لوادي أبو السكاكين وعربة الذي يجمع مياهه من عدد من أودية المنطقة القادمة من البتراء والشوبك والطفيلة، ويعتبرواحد من أضخم وأخطر مجاري المياه الموسمية في المملكة، وهنا كانت استراحتنا الرئيسة على هذه القمة بمشهد الروعة الذي تخلله أسراب من الطيور المستوطنة.

لم يكن نزول الجبل أسهل من صعوده فلولا جذور العرعر الفنيقي المتجذر بين الشقوق بثبات واستخدامها بدلاً عن الحبال لتوجب الالتفاف على جبل شاهق آخر لا نعلم ما بعده من مفاجئات وكم يتطلب من وقت، بلغ الإرتفاع عن القاعدة أربعمئة وستة وعشرين متر منتهياً بشلال جارٍ عذب عند نقطة الالقتاء مع وادي الفيض، أسعفنا ماءه البارد بالارتواء وقدح شاي بنشوة النجاح وإعادة التزود في مكان قد لا يتكرر الوصول إليه، وفريق أثبت براعته وتفانيه في كل خطوة.

وهنا بدأ المسير بين الصخور والحجارة بحذر؛ خشيةً من الأفاعي المعششة في ظلها للوصول الى التقاء وادي أبي محمود مع وادي ابي السكاكين وهي المرحلة قبل النهائية ويجب إكمال اجتيازه قبل حلول الظلام وما بعده سهل، وفعلا تحقق ذلك لندخل أبو السكاكين مع الغروب كما خططنا قاطعينه الى الجنوب نحو الحافلة بعد اجتيازه في ستَ عشرة ساعة بنجاح، مؤكدين على أن عزم روح الفريق وتخطيطه الاحترافي ومصادقة الطبيعة وعدم تحديها هي عنوان لنجاح أي مسار ونعتقد أننا أول من حقق ذلك في وادي أبي محمود المجول.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :