facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حِرَفية الكدية في بلدي


د.حنين عبيدات
06-01-2021 10:35 AM

لم يَعُد التَّسوُل في الأردن أمرًا عاديًا و يَختَصُّ بالمحتاجِ و المريضِ بل أصبح مِهنةً احترافيةً في جمعِ المال لجهاتٍ مُعينةٍ، و مهنةً تجاريةً موجودةً و مُوَثقةً على الأرضِ، تجارتها في البشرِ والإنسانيةِ و ليس لها علاقةٌ بحاجةٍ أو فقرٍ في مُعظمها.

وبحُكمِ العملِ العام الخيريِّ الذي عملتُ بهِ و اختصَّ بالفقراء والمحتاجين و الأيتام، فقد تمكنتُ من التَّفرقةِ بين صاحب الحاجةِ الحقيقي و المتسول الذي يجوبُ الأرضَ كي يجمع الأموال لغاياتٍ عديدة، و بالرُّغم من ذلك فإنني لا أنكرُ وجود من يتسول لحاجةٍ و عوز ، ولكن بصورةِ التَّسولِ الحالي فقد ذهب الصالحُ بالطالح و أصبحَ شُعور الشَّفقةِ ليس كاملًا و حقيقيًا تجاهَ من يتسول.

لم يَعُد التَّسوُل مُقتَصِرًا على الإشاراتِ الضَّوئيةِ بل في كُلِّ مكان، المطاعم والصيدليات والعيادات والمراكز الطِّبية وجميع المَحالِّ المتواجدةِ في المدنِ والقرى و حتَّى وسائلِ النقل العام، ناهيكَ عن المتسولينَ الذين يتجولونَ في الأزِقَّةِ و الحواري و يطرقونَ أبوابَ المنازل، من الرضيعِ للكبيرِ و المريضِ و النساءِ و الأطفال، ومتسولين وسائل التَّواصلِ الإجتماعيِّ و المتسولينَ أمام كاميرات وسائل الإعلام، فباتَ الأمرُ مُزعِجًا للغايةِ و كأنَّ وزارة التَّنميةِ الإجتماعيةِ التي ما زالت تعتقدُ أنَّ دورها يقتصرُ على إعطاءِ الفقراء مبلغًا ماديًا بسيطًا فقط قد تغاضَت عن ما تبقى من مهامِها و ما هو ضمن النِّظامِ الداخليِّ لعملِها.

نعم نشكو التَّسوُل، ونشكو طرقهُ، و نشكو انعدام الإنسانية الذي يسودهُ، أطفالٌ رُضَّع يتم التَّسول من خلالهم ، نساءٌ ينتزعنَ كرامتَهُنَّ ، و أطفالٌ يخرجونَ من المدارسِ، يتمُ استئجارهم للعملِ و بيع بضعة أشياء للحصول على المال!!!

للتَّسولِ آثارٌ نفسيةٌ واجتماعيةٌ سلبيةٌ عديدةٌ على الأطفالِ والنِّساءِ والكبارِ والصِّغار ومنها، أنه لا أساس تربوي للأطفال ومن الممكنِ تشرُدَهُم واكتسابَهم لعاداتٍ غيرَ مُستحبةٍ و خاطئةٍ تجعلُ من الطِّفلِ شخصًا غير طبيعي ولا يرتكزُ على مبادىءَ حياتية و دينية وإنسانية، والتَّسول أيضًا لا يحفظُ كرامةَ المرأة و لا كرامة الإنسانِ بشكلٍ عام.

في يومٍ من الأيامِ كان هُناك تدريبًا خاصًا لانتزاع الخوفِ من النَّفس و كان قد اختارني المدربُ لأُمثلَ دورًا مسرحيًا ل " متسولٍ" تفاجأتُ و لم أُصَدق و خُصوصًا أنني أنبذُ التَّسوُل و قلت له حينذاك: مُستحيل و لن أقبل، لأن التَّسوُل أسوأ أمر و لا يمكن أن أتقبله، قال لي : أريد أن أرى بشخصيتكِ شيئًا و أكسرُ شيئًا آخر، و بعد مُحاولاتٍ عديدةٍ بإقناعي لتمثيل الدور ، و مشاعر لا تُوصَف كانت سيئةً و ثقيلةً على القلبِ قمتُ بذلك، و لم و لن أنسى ذلك المشهد الذي وضعني في مكانٍ غريبٍ جدًا قد أثر بي، و أشغل تفكيري و نقلني من مكانٍ إلى مكانٍ و كيف لمُتسولٍ ان يتسول و ( يشحد ) دون الشُّعور بانحطاطِ الإنسانيةِ و كيف هيَ حاجةُ البعضِ و كيف هي القدرات التمثيلية للحصول على مايريدُ الفرد و غيرها من الأمورِ التي أشغَلَت عقلي كثيرًا.

نتمنى الخلاص من هذه الجائحةِ المرعبةِ التي باتت خطرًا يُهددُ المجتمع و الفرد من جميع النواحي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :