facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسارات: أم قيس مدينة الفلاسفة ومعجزات المسيح (صور)


عبدالرحيم العرجان
23-01-2021 10:26 AM

أيها العابر من هنا، لا تخف مر مرورك بين أجداث الموتى فهنا يرقد عجوز مسالم رقدته الأخيرة أنه ميلياغروس الذي تغنى بالحب.
بهذه الكلمات اختصر حكيم جدارا كل وصف قد نقدمه لمدينة الفن والفلاسفة أولى محطات المسيح ومعجزته الإنسانية، الجميلة التي طمع بها القادة واستعصت على الآف الجيوش.

فبعد طريق طويل بين قرى بني كنانة للشمال للغربي من إربد وصلنا أثينا الشرق السمراء أم قيس سيدة الحكمة والبلاغة مدينة الشعر والفن والعمارة والماء، المدينة التي أدهشت كبير المستشرقين شوماخر 1889 بخصوبة تربتها ولعبت دور البطولة في حرب الأيام الستة وخط دفاع أول في المعركة، كانت البداية من مركز الزوار السياحي بعد قطع تذاكر الدخول اتجهنا نحو المسرح الشمالي الذي احتاج إلى أمهر الحرفين لبنائه من صخور المكان البازلتية القاسية وبدقة معمارية متناهية واتجاه خشبة مسرح بين الجنوب والغرب، الأمر الذي يدل على حكمة هندسية وهي أن لا يكون مقابلا لأشعة الشمس لما بعد وقت الظهيرة، والذي اعتلى منصته من خلدهم التاريخ: ليصدح مينبوس شاعر الهجاء وميليا غروس الذي تغنى بالحب وليبدع الفصيح يودوروس وكبير الفلاسفة ارايبوس بحكمته المكتوبة على قبره "أيها المار من هنا، كما أنت الآن كنت أنا، وكما أنا الآن ستكون أنت، فتمتع بالحياة لأنك فان". هذه العبارة التي يجب أن يقف عندها طويلاً كل إنسان ويتفكر فيها كما وقفنا عند شاهده في متحف البلدة ببيت فالح الروسان، أخذنا جولتنا بين حوانيت الشارع الأثرية الدالة على مدى الترف و الأهمية الإقتصادية للمدينة التي كانت تربط بين مجموعة حلف الديكابولس ومركز مهم على طريق التجارة، وقد استكملنا جولتنا  بالحواري العتيقة ومساكن البلدة العثمانية البناء التي حولت إلى مراكز تراثية لنصل إلى مطل الجيش العربي المصطفوي والمركز الذي كان مستحكماً فيه أبطالنا الأشاوس، لإشرافه على الجولان وطبريا واليرموك ونهر الأردن حتى جبل الشيخ اللبناني، وهذا يذكرنا باسم جدارا المأخوذ من الأصل السامي "جدر" أي المدينة المحصنة، أما اسمها الحالي أم قيس/ كيس فهو الاسم الذي أُطلق عليها بالعصر الهاشمي مأخوذ من كلمة "مكوس" الضريبة بالعثماني لكثرت دفعها بذلك الوقت والمفروضة على كل شيء.

استكلمنا جولتنا الأثرية في شارع الأعمدة المبلط وما على جانبه من قنوات مائية كانت تجر فيها المياه العذبة من عين أم قيس وماقوق والشيخ وأم التراب لخدمة المدينة، فيما مررنا ببعض من مقابرها وخزاناتها ودخول جزء من نفقها المائي المحفور في الصخر وما حوله من خزانات وآبار وحمامات وعقود بيوت كانت أبوابها حجرية تزن أطنان، لنبدأ بعدها المسير على جزء من درب الأردن متخللين البلدة الحديثة المسكونة نزولاً عبر الوادي نحو الغرب، المطلة على وادي الفخت والعين وخنيزير.

سرنا مع الدرب نزولاً نحو قلب الجرف وما بدأ من نباتات الربيع بالظهور مروراً بعين أم قيس والإشراف على وادي زحر الذي يصب بسد وادي العرب، متحاشين المرور بين خلايا النحل وآثارها، الموضوعة بالشعاب والفجوج لحمايتها من الريح والصقيع والمعروفة بعسلها المشهود بجودته من أزهار الحمضيات والبرية، ومن هناك صعدنا الجبل الحاد دون درب معلم، تاركين لخبرتنا اختيار موطئ أقدامنا بين صخور قاسية، ونباتات عطرية انعشتنا رائحتها التي كانت تتطاير مع تلامس اقدامنا لأوراقها، فيما غرسنا بعض بذار الصنوبر الحلبي والسماق البري على أمل زيادة الرقعة الحرجية بالمكان وزعها علينا الرحالة زيد قطامي، لنصل الى ظهرة سعيد المشرفة على السد والروعة والباقورة المستعادة، وبلدة العدسية والمشيرفة ونهر اليرموك وجسر المجامع لمرج بن عامر وجبل دبوريا الذي كانت عليه معجزة التجلي غربي النهر، لتكون نقطة أفطارنا  واستراحتنا والإبحار بهذا الأفق المليئ بالقصص والمعجزات متخيلين كيف الحاكم السلوقي أنطيوخوس الثالث، والذي أحتاج الى 162 الف جندي و أكثر من مائة فيل حتى يدخل المدينة 217 ق.م، لمناعة اسحتكماتها العسكرية والطبيعية وتخريبها.

ومن هناك اتجهنا شمالاً قاصدين كهف نبي الله عيسى عليه السلام الذي يعتقد أنه كان أولى محطاته شرقي النهر بعد النبوءة برفقة الحواري بطرس برحلته من الجليل إلى كفر ناحوم لجدارا التي يعتقد أن الموعظة كانت بها ومما جاء فيها "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين"، وصلنا الكهف وللمسيح ومعجزة مؤكدة بالمكان وهي طرد الأرواح الشريرة من المجنونين كما جاء في انجيل متى 28:8 – 34 "أنها البقعة التي طرد فيها يسوع المسيح عليه السلام الأرواح الشريرة من مجنونين، وخرجت الأرواح الشريرة من المجنونين ودخلت في قطيع من الخنازير" ليفر القطيع ويغرق بطبريا أمام أهل جدارا، وليؤكده المجنون لجون بعد أن كان هائم بين جبال البرية.

ومن أمام الكهف المطل ترى بحيرة طبريا والتي أيضا حدثت فيها معجزة المسير على الماء عندما هاجت أمواجها لإنقاذ تلاميذه الذين كانوا في السفينة، فنحن في أرض نشعر بالطاقة وما فيها من كرامة وأهل علم وكما تقول الحكمة "الأرض تورث فكر ساكنيها"
ومن نفس التلة ترى موقع معركة اليرموك 636 م التي انتصر بها القائد المسلم خالد بن الوليد بحنكته على جيش الروم الجرار خلال فتوحاته لبلاد الشام، ومنه توجهنا صعوداً نحو البلدة مروراً بمساحات شاسعة من من بيادر القمح وبساتين الزيتون ضمن أرضٍ عالية الخصوبة تم زراعتها بعد تجريف مافوقها من صخور بازلت ضمن مشاريع الاستصلاح الأرضي المرتفعة، وقد كانت إحدى العوائق طين الأرض المحروثة الذي يعلق بأحذيتنا حيث راعينا أن تكون مطرية لما فوق الكاحل ذات فرزات نعل عريضة مع ارتداء واقيات الساقين حتى لا يتسلل شيء ما بين الحذاء والبنطال، أو يتسبب بانزلاق بما يلتصف بها من طين عند العودة للمسير على الصخور، وأثناء مرورنا ببعض الأطلال الأثرية وجدناه بينها من سلاحف وبعض القنافذ كما لمحنا سناجب وقطفنا شيء من أوراق نبات اللوف الشهي، لننهي مسار بلغ خمسة وعشرون كيلومتر بمستوى جبليّ صعب.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :