facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسار "الحميمة" معقل العباسيين الأول (صور)


عبدالرحيم العرجان
07-03-2022 10:23 AM

بين ملتقى طرق القوافل والتجارة ووادي عربة ورم، من بين أرض حسمة وجبال الشراه، حيث نشأت الدولة العباسية بمرحلتها السرية الأولى لمناعة المكان وسهولة الاتصال بين الجزيرة والشام وخرسان والعراق حين وظفوا التجار لتحقيق غايتهم ببث العيون والتخابر، لتكون الحميمة وآثارها غربي الطريق الصحراوي خالدة لهذا اليوم ببلدة تجسد مرحلة مهمة من التاريخ السياسي الإسلامي وما سبقه من عصور.

عبر طريق قرى النعيمات، وقرب بلدة آيل كانت بداية المسار متجهين نحو الجنوب بعد ترسيمة بالتطبيقات المتاحة والسير حسب نظام التموضع، في حالة جوية بلغت فيه سرعة الرياح فيها 38 كم/ ساعة وحرارة لم تتجاوز العشر درجات مئوية دون أمطار ليكون تدريب حي لرحلتنا القادمة إلى درب مناسلو في جبال الهاملايا، أما آيل ذات الاسم الكنعاني القديم الرامز إلى آلهة الأساطير أو المستمد من اسم مفرد الغزال ذو القرون، حين كان يكثر فيها وما زال عدد ضئيل يشاهد بين جبال المنطقة بوادي عربة والطفيلة الوعرة.

تمرين مقاومة الريح:

بين طور الشفا وجبل المليح ومن ارتفاع 954م، سلكنا طريقنا عابرين الوادي الأبيض نحو جبل جميل، وجويبل عبوراً بوادي قصيب، متخللين برك ماء الشتاء بين صخور عمل الزمان في بياضها الأصم، آيات من الجمال ومن صفته استمد الوادي اسمه، لتكون مقصد لسقاية الماشية والإبل، وملجئ بين الشعاب من الرياح والبرد، ومن قلب الوادي، حيث أخذنا درباً حاد الصعود نحو جبل زبلية الأعلى ارتفاعاً في دربنا 1404م ومواجهين الغرب والريح، مجتازين عدد من البيوت التراثية المهجورة بطرزها المعماري والمأخوذة من صلب المكان "حجر وأخشاب" فوق كهوف ما زالت تستخدم زرائب وملاذاً للرعاة وماشيتهم لغاية اليوم، وصولاً لمطلة البنورامي المشرف على جمال وادي عربة، وفي الأفق الغربي سلاسل متوالية لا تنتهي من جبال الشراة من نقب العوينات، وجبل السيق، وللشرق رأس النقب، وجبلي الجهير والثغرة، وعلى قمته لاستراتيجية أطلال لموقع أثري نعتقد أنها نبطية من طراز البناء والتشذيب التي كانت تحصينات ونقاط مراقبة للمسالك التجارية، والتأمين لعاصمتهم البتراء وما حولها، وطريق قديم مشيناه برصف، وتمهيد حضارات لم يستمر طويلاً.

جمالٌ أخاذ لسواد غمام يستوقفك سحره وحواره مع سرعة الريح، وكيف لك أن تتوازن وتتكيف معها باتجاه جسدك، وأدواتك من قناع كامل للوجه ونضارة الحماية، مغلقة الجوانب وملابس يُفضل ألا تكون فضفاضة حتى لا تزيد المقاومة وعصي ارتكاز الضرورية جداً بهذه الحالة لحفظ التوازن وقفازات للحماية من البرد الذي قد يتسلل إلى الجسم وكيف تعتمد على إحداثيات ومتابعة الحالة الجوية ودراستها قبل وخلال المسار ومؤشر ساعة جارمن الذي يعطيك التغير بالضغط الجوي أولاً بأول مع تحديد المنافذ ونقاط الحماية بخارطة الطريق لأي طارئ.

الثغرة ومسار الخير:

ومن ذلك الشفا، بدأت تظهر بلدة الثغرة وبيوتها المعدودة ومدرستها وما بينها من حضائر ماشية، واستقبال الأهالي واصرارهم على دعوتنا لتناول الشاي، ولهذه البلدة حكاية مع زميل دراستنا المصور الإعلامي محمد قرالة ومبادرته "مسار الخير" التي جابت القرى النائية، وأقامت بالثغرة صالون حلاقة وعدد من صهاريج ضخمة لمياه الشرب، وكيف أن عدسته نقلت معاناة الطفولة والناس ونال جل تكريم من جلالة الملك المفدى بمنحة وسام الاستقلال لجهوده ورسالته.

ودعنا مضيفنا لنعبر وادي الحلوة ذو الطبيعة الملونة وسلسة من القباب الصخرية وما بينها رمال ذهبية ذرتها الرياح بين إخفاء وإظهار معالم الطريق الغنية بمخلفات البحر القديم، وحجارة شفافة من كل لون، وصولاً لشق العجوز الذي تناولناه سابقا، لنكمل مسيرنا بمحاذات قناة المياه النبطية الممتدة من عين الجمام بمحاذات العباسية حتى "حواره" الاسم القديم للحميمة بمسافة 26 كم التي تعود بإنشائها الأول للملك النبطي الحارث الثالث 52 ق.م وبقيت تستخدم حتى وقت قريب، لنجتاز وادي الجمام وصولاً لمقصدنا التاريخي.

"الحميمة" المدينة المستترة بين الجبال:

وصلنا الحميمة المعقل العباسي الأول التي جرى بها التخطيط بالخفاء لتغير سياسي، وأعمارها بموقع استراتيجي حصين، وهو سهل التواصل بين هضيبات الذرو والخروط وأم الأظافر وحلقة من سلسلة جبال كلحة ومعزان والجل وتلال رأس النقب حسب لسان أهل المكان، وبها ولد وترعرع أبو العباس السفاح 104 هجرياً أمير المؤمنين، أول الخلفاء العباسيين والذي كانت خليفته بالحكم أخاه من والدة وأم بربرية أبا جعفر المنصور 95 هجري، والمهدي بن المنصور والد هارون الرشيد وبها توفي الإمام الباقر "باقر العلم" ودفن في البقيع 774م.

وبها من المقومات ما يؤهلها لتكون نقطة جذب طبيعية لعذرية بيئتها وتاريخية، لتعاقب حضاراتها المختلفة وأهمية إحداثها فقصرها بناة علي بن عبدالله بن العباس 713م بعد أن أهداها له الوليد بن عبد الملك بن مروان لتكون دار إقامته قبيل الانقلاب على بني أمية 750م وتقول الروايات أنه أكثر بها الأعمار وزراعة الزيتون، وأقام جامع والعديد من المساكن، وحصن وحمام روماني شيدا بعد احتلالها عام 106م وعبور طريق الإمبراطور تراجان والذي جعل بها أكبر معسكرات جنده وهناك إشارة بمرسوم بئر السبع أن مخصصاتها المالية كانت ثاني أعلى مخصصات بعد أذرح بشرق الأردن، وأستبقه ب 950 عام الملك ميشع الذبياني بشق طريقه التجاري، إلى جانب كنائس بيزنطية كشفت التنقيبات عن اثني عشرة منها أربعة عمرة بالعصر الإسلامي، وهذا دليل على مدى التسامح الديني فيها، ولأجدادنا الأنباط والأدومين الأثر الكبير، فقد أسسها الملك الحارث الثالث 62م باسم "أوارا" تحريفاً من حوراء نسبتاً للصخور البيضاء المحيطة، وذلك حسب المؤرخ البيزنطي أورانيوس حيث استحدث بها نظام مائي من قنوات وسدود وخزانات بعضها ما زال عاملاً لتكون جنة زراعية كثرت بها البساتين جفت بعد تعطله، ، وممن زارها من الرحالة اللذين أفردوا لها فصولاً بمراجعهم البكري والحازمي صاحب كتاب الأماكن، وأمام مركز زوارها السياحي اختتمنا مسارنا البالغ 32 كم بمستوى طويل سهل الصعوبة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :