facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجامعةُ الأردنيةُ: ستون عاماً من العطاء


د. محمد القضاة
04-09-2022 11:56 PM

شاهدت البارحة فيديو قصير عن افتتاح الجامعة الاردنية عام 1962 أمام حشد من رجال الدولة والاساتذة، استمعت فيه لخطاب المغفور له الحسين بن طلال وكان خطابا مفعما بالحيوية والحب والرغبة في بناء جامعة وطنية تلبي طموحات ابناء الأردن، وما لفت نظري تلك الرغبة الحميمية في التعلق بالعلم والمعرفة والحث عليهما، وحسن التنظيم والرعاية والكلام المسؤول وكأننا أمام دولة ناهضة تضع أسس التقدم والرقي للانسان والوطن من خلال العلم وقواعده امتثالا لحديث رسُول اللَّهِ: «منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريا إِلَى الجنةِ»، فالعلم والمعرفة هما الحياة والتقدم والرفعة والبناء والعطاء، وهذه اللحظات التي استمعت فيها وشاهدت تلك الاحتفالية هي ما دفعتني لكتابة هذه المقالة عن الجامعة الاردنية التي عاشت في قلوبنا قصة حبّ لا تمحى، ولا أنسى هؤلاء الذين التقيتهم من الأساتذة وابناء الوطن في الامارات العربية وهم يتحدثون عن خريجي الجامعات؛ خاصة الأردنية، كانوا يتناوبون الحديث عن الجامعات والتعليم العالي وتحدياته، وعن ذكرياتهم في الجامعة، وعن زمنها الجميل الذي تركته فيهم، وكان حديثهم مثار إعجابي، احسست لحظتها بالزهو والانتشاء وهم يترنمون بزمنها الحبيب، الذي هو أكثر من اربعة عقود ونيف من عمري، وهو بالنسبة لهم حقبة مهمة من أعمارهم، وهنا، وفي مناسبة الذكرى الستين لا بد ان نقول هذا بيتنا الدافئ الجميل، البيت الذي يفيء بظلاله الوارفة على كل المحبين؛ محبي العلم والمعرفة والفكر الرزين، واقول: ما مِن طالبٍ أو طالبة أو أستاذٍ أو موظفٍ درس أو عمل فيها، إلا عاش زمنها الجميل بطريقته، وزمانُ الأردنية زمان بألوانه ونبضه لا يتذوقه من مرّ به مرّ الكرام، مثل من تضوعه وعاشه ودخل عروقه حتى غدا زمانها أيامه وسنينه وحياته، وهو ما احسسته في هذا الرباح حين تذكرت فاروق جويدة وهو يردد في قصيدته «وأبحث عنك كثيراً.. كثيراً..: «ويرحل عنا زمان الأمان، فأشتاق من راحتيك الحنان، وأحمل قلبي كطفل جريح يصارعه الشيب قبل الأوان، وأصبح بعدك لحنا عجوزاً شقي الزمان، غريب المكان وتبقين وحدك فوق الزمان، وتبقى عيونك أحلى مكان سنين، من العمر تمضي علينا وفي الفرح ننسى حساب السنين، أعُد الليالي ربيعاً ربيعاً ويمضي الزمان، ولا ترجعين وتبقين وحدك نبضاً بقلبي، ويرحل عمري ولا ترحلين، وسافرت بعدك في كل أرض، وكم كنت أشعر أني غريب، وجربت يا حب عمري كثيراً، وأسأل قلبي.. ولا يستجيبا فألقاك في كل حلم بعيد، وألقاك في كل طيف قريب.

هي الأردنية سفر السنين، عريقة وجميلة عطرها يفوح في الستين، نقرأ سفرها، بتفاصيلها وإذا بها الاردن بتفاصيله كلها، إنها تعب الأجيال والعلماء على مر السنين، إنها الزمن الجميل حين عانقتنا شبابا، ورعتنا معظم سني العمر؛ إنها الروح التي عانقت روحي وامتزجت بأنفاسي عطرا طازجا، حتى تربعت الزمان بقصصه وحكاياته وأطيافه المغردة في الإرجاء كافة، هي طود شامخ امام الزمن، نعيش لحظاتها بارتفاعها واهتزازها، بحضورها وغيابها، وهي فيّ أنفاس ابنائها وعروقهم، احبوها وعشقوها بصمتهم العميق، وسمتهم الأنيق؛ أحبوها كأولادهم دون منِةٍ ؛لأنها عاشت فيهم وعاشوها قصصا معتقة في أرواحهم ووجدانهم واغلى أيامهم، وأخلصوا لها حتى غدت عالية خفاقة على مر الزمان، وغدا زمانها أسطورة على كل لسان، هي الأردنية التي عشقها ناصر الدين الأسدُ ورددها في كل مكان:

قسمتك في مهجتي قسمـــة فأنت أنا، ما لنـــا فاصل

عشقتك مذ أنت غيب خفــي وفي خاطري حلـــم خائل

سهرت الليالي أناجي الدجى وليس سواك هوى شاغل

وهبتك أغلى سني الهـــوى وما لا يجود بـه بــــــاذل

ها هي الاردنيةُ لا تتوقف، ولا تسمع غير صوت الحكمة والعلم والعلماء، ولا تقبل بديلا عن البناء والعطاء، ولن تتوقف الرحلة عند أحد، وليس عندها أحد افضل من أحد الا بما أبدع واعطى، وحين استعرض أبناء الاردنية من البُناة حتى الهواة، اشعر بالهيبة الباذخة التي تركتها فيهم، وأعرف حجم الألم وآثاره في نفوس المسافرين منها. هي الأردنية؛ الام الحنون، والقلب الكبير، والحرم العظيم، لا تبخل على أحد، تبحث عن التميز، وتقابل الإساءة بالإحسان، ولا تنتظر شهادة مني أو من أحد، أو مقالة من هنا أو هناك عن دورها أو حضورها أو أثرها في المشهد العام والخاص؛ لأنها مؤسسة وطنية بُنيت بأيدي ابناء الوطن على اختلاف صورهم وأماكنهم، وغدا عملها مؤسسيا، هكذا المؤسسات الناجحة تمضي مهما تقادم الزمن وتكالبت التحديات، غير عابئة بالأسماء، وها هي صور الرؤساء والعمداء والمدراء معلقة في مداخل مبانيها، وكلها تؤكد أنّ مسيرتها مستمرة، وعجلة الزمن تمضي وذكرياتها لا تمّحي طال الزمن او قصر عند أجيال يحتفظون بحبهم ورغبتهم الأكيدة ان تستمر جامعتهم بنهجها الأكاديمي الصارم، للوصول الى ارقى المستويات وأعلاها، وهؤلاء يعرفونها في طعامهم ولباسهم وحزمهم، يفرحون لكل كلمة جميلة تذكرهم بها، وبعضهم حين خرج منها نزفت دموعه ألما وحزنا، لا أنسى هذه المواقف وانا أودع أحبة لي في الجامعة من أساتذتها الذين عرفتهم عن قرب منذ اربعة عقود ونصف، هؤلاء ذهبوا وهم يحملون قناديلها بألوانها كلها، لم يكتبوا يوما على صفحات الصحف او المواقع الالكترونية أو الافتراضية انهم يحبونها؛ فقد امتزجت بانفاسهم وأرواحهم وحياتهم، هؤلاء كنت اسمع لكثيرين منهم كيف يحبون بيتهم الدافئ حتى أحسست حينها كيف تعمل الاردنية في حياة هؤلاء، ولا أنسى أحد الاصدقاء الجالسين وهو يقول لقد مضى على عمري في الجامعة نصف قرن هي انفاسي وحياتي واليوم أودعها بالدموع والألم، فهل ننسى هؤلاء؟ أقول لكل من يمر على حروفي وكل من يعيش فيها، وكل من يحمل مشاعلها، ستبقى قناديل الاردنية عنوان كل مرحلة في الستين من عمرها وفي المئوية الأولى ان شاء الله، وسيبقى ابناؤها يحملون مشاعلها من جيل الى جيل كي يضيئ زيتها نور المعرفة والعلم والعطاء وفي كل الأرجاء. وستبقى الأردنية متجذرة كجبال بلادي ترفع رأيتها لكل محب، تعطي بلا هوادة، وتعمل بهدوء العلماء النجباء الذين يتنفسونها صباح مساء، وها هي تمضي في الطريق غير عابئة بالتحديات؛ لان علماءها وأبناءها البررة لا ه? لهم غيرها، وان كان من تحية صادقة في هذا الصباح فهي لكل من يغمرون الجامعة بالطيِب والكلام الطيب، وان كان من تهنئةٍ صادقة فهي للجامعة الاردنية التي تحتفي بعطاءاتها وانجازاتها في العيد الستين، ولها مني ومن كل الأحبة من حولي صادق التهنئة وعظيم التقدم والانجاز.

(الراي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :