facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لوشيا الفاريز دي توليدو تحكي 'قصة تشي غيفارا':


15-11-2010 04:47 AM

عمون - عن القدس العربي - ابراهيم درويش - في قصة الثائر العالمي الارجنتيني المولد تشي غيفارا (1928 -1967)، كل ملامح البطل الذي حمل منذ ولادته حلما ورؤية لتغيير عالمه، اولا قارته اللاتينية وثانيا تطبيق نظريته في التغيير عبر اعلان حرب شعبية 'طلائعية' تطيح بالانظمة الشمولية وتقاوم الامبريالية.

وقصة تشي غيفارا كتبت منذ اغتياله في اكثر من مظهر وملمح، كما ان حياته كثائر دولي صارت حلم الشباب في العالم، صوره مرسومة على قمصانهم، طاقيته المعروفة، ضفيرة شعره، وملصقاته لا تخلو غرفة طالب جامعي منها، ويطل وجهه على الكوبيين يوميا كلما صرفوا عملاتهم ليتذكروا ان هذا البطل ضحى وهو شاب من اجلهم وشارك في حرب التحرير وبناء الدولة الجديدة بعد الاطاحة بديكتاتورية باتيستا، فالحكومة الكوبية خلدته بوضع صورته على قطعة نقدية من عملاتها. تشي غيفارا، اسم ، ماركة، صورة وجه وتاريخ وحياة وكتاب وثورة هو الرجل الذي ظل يتجول في العالم حالما بالتغيير، بالانسان الجديد، ببناء مجتمع مثالي يسود فيه العدل والحرية، هذا الطبيب ابن الطبقة المتوسطة الارجنتنية (لم يكن ارستقراطيا) اتخذ قراره ان يكون دائما مع المحرومين، بدأ منذ شبابه رحلات على الدراجة الهوائية (قطع مرة 4700 كم في رحلة واحدة) في بلاده ومن ثم على الدراجة النارية مع اصدقائه حول القارة اللاتينية، حاملا معه احلام الوحدة واعادة تشكيل حلم سيمون بوليفار، الثائر الذي اطلق عليه اسم 'بوليفيا' واستطاع بناء فدرالية من الدول اللاتينية التي حررها من الاستعمار الاسباني، ومع بوليفار تغنى باشعار الكوبي خوسيه مارتي.

انسان القرن العشرين الكامل
قصة تشي جيفارا خلافا لغيره من ثوار القرن العشرين، تغري الكثيرين للدخول في عالمه، بدايته ونهايته. فهو حسب جون بول سارتر 'انسان القرن العشرين الكامل' لكن البطل الذي تغيرت حياته فجأة وفي مدار سبعة اعوام اي منذ قراره الانضمام في المكسيك لكاسترو ومجموعته في 1953 ومن ثم وبعد انتصار الثورة في عام 1959 تحول وجها من وجوه الثورة المهمة، قائدا، مثقفا يبني حلمها ووجهها في العالم، متحدثا نيابة عنها في الامم المتحدة وممثلا لها امام رابطة الشعوب اللاتينية، ومبعوثا لها في دول افريقيا وآسيا من اجل بناء علاقات وتوقيع اتفاقيات تكسر الحصار الامريكي عن الجزيرة التي ضحى من اجلها واصبح مواطنا من مواطنيها. هذا التحول الهام في حياة الثائر الذي لم يتوان في تجواله في قارته عن العمل في مهن قاسية وهو المتخرج كطبيب يشير الى ان تشي في كل حياته ظل مسكونا بهاجس الانجاز والحركة المستمرة، وان الجلوس لا يحرك الاشياء بل لا بد من الخروج وتعليم الجماهير والتفاعل معها. تشي لم يكن ينام الا قليلا وكان يقرأ كثيرا، ويجد ملجأه في الحمام بعيدا عن صراخ الاطفال وعيون الحرس، وكان يفكر دائما ويكتب دائما، يخطط ويبني، عندما كانت حالته المرضية تضطره للبقاء في البيت كان يعلم الخادمات القراءة والكتابة، حيث كان يختار قصة روبن هود التي يقرأها بصوت عال لهن، وفي بوليفيا اثناء حملته الاخيرة قبل اغتياله كان ابناء الفلاحين يخوفون ابناءهم من تشي غيفارا عندما كان الاطفال يتركون دروسهم، وفي اثناء رحلة الثورة الكوبية من جبال سييرا مايسترا والزحف نحو العاصمة علم الفلاحين والفلاحات وصنع منهم- منهن كوادر مخلصة للثورة. نعرف الكثير عن حياة غيفارا، من مذكراته وكتبه عن الثورة ورحلاته في القارة اللاتينية وتقييمه لحملته الفاشلة في الكونغو، ومن خلال ما كتبه معاصروه عنه، رفاقه واصدقاؤه في المدرسة والجامعة وفي طريق الثورة وما كتبته النساء اللاتي رافقنه في الكفاح، كما تزودنا كتب المعارضين له بالكثير من الصور عنه، وفوق كل هذا فإيفارا كان وجه الثورة الكوبية المعروف لدرجة ان الكثيرين يلمحون الى دور لرفيقه فيدل كاسترو في نهايته عندما ابعده عن كوبا كما يقول المغرضون ورمى به في ادغال بوليفيا حيث لاقى نهايته على يد عملاء الـ'سي آي ايه' الذين يرصدون تحركاته منذ ان بدأ نشاطه السياسي واظهر ميلا للثورة، وهو التحول الذي جاء بعد الانقلاب في غواتيمالا والحرب الاهلية (1954) التي اندلعت هناك وقتلت اليسار. سيعتبر تشي غيفارا ما حدث في غواتيمالا نقطة تحول في تفكيره ونظرته للتغيير فانصار الرئيس في حينه وحكومته كان من الممكن انقاذهما من العسكر المدعومين من امريكا لو تم تسليح الشعب ولتم تجنب المجازر التي حدثت نتيجة استقالة الرئيس في حينه.

قصته وكفاحه كتاب مفتوح
من الكم الهائل من الكتب والمذكرات والافلام والصور التي نملكها عن غيفارا، لا زالت قصته تمنحنا الكثير، فبعيدا عن موته وشهادته من اجل مبادئه، لا تزال قصته تمنحنا الكثير، لانه كان يعرف ان القدر ساقه لتحقيق هدف في الحياة. ومن هنا ظل يكتب ويفكر ويرحل من مكان الى مكان، فالرحلة في حياة غيفارا لم تكن للاستمتاع والتفرج فقط بل كانت من اجل المعرفة واكتشاف جذور القارة التي ولد فيها، والتعايش مع المحرومين من ابنائها الاصليين، الهنود الحمر، ولهذا ظل غيفارا طوال رحلاته منهمكا بالقراءة والحوار والجدل والتصوير، حيث كان يهوى التقاط الصور للمعالم التاريخية للقارة اللاتينية. متاع الثائر بالنسبة لغيفارا كان قلبه والتزامه بمبادئه وتصميمه على الحركة واستمرار الحلم بالتغيير. في قصه غيفارا اصرار على الحياة من اجل الآخرين، عدم الالتفات للماديات، مات كغيره من القادة الذين غيروا التاريخ، بدون متاع، متاعه عند غيره، وهنا نفهم طهورية الثائر الذي تجاوز الخطوط الفاصلة بين الطبقة والدين والاصل والعرق، وكان نفسه شاهدا ونموذجا. عندما وصل الثوار مثلا الى كوبا، اعطى الجنود الكوبيين السود من فرقته غرفا قريبة منه وهو امر لم يكن معروفا في كوبا على الرغم من نهاية العبودية، هناك، وفي رحلاته في امريكا اللاتينية لم يتوان عن السفر في عربات القطارات المخصصة للامريكيين الاصليين (الذين كانوا يحشرون مع الحيوانات).
بطل الجميع
في حياة غيفارا رمزية الثائر الذي وقف ضد الجميع واحبه الجميع، ففي رحلته الطويلة وتشرده الباحث عن حلم، كان يجد احيانا العون من الطبقة ' البرجوازية' التي طلقها وكانت تخرجه من ورطات السياسة في امريكا اللاتينية، وفي موته الطقسي لم يكن غيفارا بطلا للفقراء والمحرومين بل بطلا للجميع، فهو وقف ودافع عن القارة الامريكية الجنوبية، ولا يزال سكان القرية البوليفية التي اخذ فيها غيفارا وجماعته من الثائرين يتحدثون بندم عن الطريقة التي عاملوا فيها الثائر ويقولون انه جاء اليهم بدون ان يكونوا جاهزين له فالقائد جاء اليهم ولم يفهموه وهجروه ومات بسببهم. والموت كان لازمة مهمة في احاديثه قبل نهايته، ويبدو ان الثائر كان يحس بقرب اجله ونهاية طريقه، وتظهر حواراته مع الرئيس عبدالناصر والتي نقلها عنه محمد حسنين هيكل، الذي كان حاضرا اللقاءات عدم ارتياح او قلق من ناصر من تكرار لازمة الموت في احاديث إيفارا حيث قال الاخير انه يحلم بالعثور على مكان ما للكفاح من اجل الثورة العالمية ، مما دعا ناصر للتعليق قائلا ' لماذا تكثر الحديث عن الموت؟ لا زلت شابا، اذا كان من الضروري يجب ان نموت من اجل الثورة ولكن من الاجمل الحياة من اجلها'، كان هذا عندما كان يحضر غيفارا لحملته الافريقية الفاشلة في الكونغو والتي تعلم من دروسها الكثير.
حياة مع غيفارا
هناك الكثير من الرموز والرمزيات في حياة غيفارا، الثائر والسياسي والاب والقائد والمثقف و'الشاعر' والمصور، والايقونة وكاتب اليوميات ومنظر الثورة، وكل ملمح منها يقدم لنا صورة عن عصره وزمنه. ولانه كذلك فلا بد من دراسة تضع حياته في سياق وطنه، تاريخه الذي ولد وتشكلت فيه رؤاه، ولهذا ترى لوشيا الفاريز دي توليدو، الاعلامية المجربة وابنة بيونس ايرس ان الكتابات التي كتبت عنه اغفلت البعد الارجنتيني في حياته، اي لم تعط الاجواء التي عاش فيها قدرها من البحث، ولم تجذر رؤيته السياسية في حلمه الدائم بالعودة مرة الى الارجنتين ويقود فيها الثورة، وقد تعهد له فيدل كاسترو عندما انضم الى الثورة الكوبية انه عندما تهدأ الاحوال فسيساعده على قيادة الثورة في بلده الارجنتين. ميزة الكتاب الجديد انه يلاحق رحلة الثائر ويحاول فهمها في سياقها التاريخي، وهو جهد 15 عاما من الكاتبة حاولت قراءة معظم 'او كل' ما كتب عنه بعد وفاته في اربع لغات، وكما تقول انها كمواطنة من مدينة بيونس ايرس مسلحة بفهم رحلته واصوله وهو البعد الذي ادى ببعض من كتبوا عنه وكلهم اجانب لسوء فهم لطبيعة اللغة التي استخدمها غيفارا المتجذرة في تاريخ نشوء الارجنتين وتطور اللغة والاعراق فيها، وعلاقة الكفاح من اجل الاستقلال بدول الجوار، وطبيعة قوى المصالح التي حكمت الطريقة التي شكلت السياسة والثقافة في الارجنتين. وتقول لوشيا ان كونها امرأة يعطي سيرتها بعدا آخر لمحاولتها استعادة 'غيفارا' ووضعه في سياقه اللاتيني.
نقض الترهات
فعندما نضع غيفارا في سياقه الطبيعي نتمكن من ازاحة الكثير من الاساطير وتقويضها والتي ارتبطت به وبحياته من انه كان ابن طبقة ارستقراطية طلقها من اجل الثورة، وانه اختلف مع كاسترو الذي سلمه للسي آي ايه، وانه كان رجلا قاسيا قتل الاطفال والنساء واعدم العصاة في قلعة لاكابانا في هافانا، وانه قتل اعداء الثورة، اضافة لكونه رجلا مهووسا بالنساء او كما نقول 'زير نساء'. وكذا تصحيح فهم عن غيفارا انه كان محدود القدرات القتالية والخبرة في مجال حرب العصابات وهو ما يشهد عليه فشل حملتيه في افريقيا وامريكا اللاتينية. ومع هذه الاهتمامات التي يحاولها كتاب لوشيا التي تصغر غيفارا بعشرة اعوام (مولودة في عام 1938) هناك محاولة لاظهار ان ثائرنا كان رجل اجماع 'من اليمين واليسار'. وتأمل من خلال هذه القراءة التاريخية 'المحقبة' فهم تراث غيفارا في سياقه العالمي او اللاتيني، مشيرة الى ان تراثه ظل محط جدل ونقاش من ناحية فهم تجربته وتحديدها في سياقها الكوبي ام سياق القارة التي تحررت الآن من اعباء الامبريالية الامريكية وتبرز دولها كقوة اقتصادية وسياسية مهمة، ويبدو ان حلم بوليفار، الجنرال في متاهته، وغيفارا الشهيد يتحقق الآن. المهم في كتاب لوشيا انه يحاول جمع كل الروايات المتناقضة حول حياة غيفارا، كما انها حاولت تتبع خطاه التي سارها منذ ان بدأ الترحال والتشرد وقابلت الكثيرين ممن عاصروه وسجلت رواياتهم. وتحاول السيرة الجديدة ان تلمح الى تماهي حياة الكاتبة بحياة الثائر من ناحية ربطها بين حوادث شخصية حصلت لها وذكرتها باهمية ابن بلدها واثره على تراث القرن العشرين، فهي تشير الى حادثة لها اثناء وجودها في هافانا عندما وقف سائق سيارة اجرة وحملها معه الى فندقها عندما علم انها من بلد غيفارا وحوادث اخرى.
رحلة حياة
واختارت الكاتبة تقسيم كتابها وفصوله بناء على حقب زمنية تبدأ من مرحلة ولادته في مدينة روزايو في منطقة سانتا في 14 حزيران (يونيو) 1928 وتقول ان ولادته في تلك المدينة لم تكن مخططا لها، ولا توجد روابط للعائلة بالمدينة ذلك ان الاب ارنستو غيفارا لينتش والام سيليا دي لا سرينا كانا في طريقهما من مزرعة شاي 'ماتي' الى بوينس ايرس عندما جاءت آلام المخاض. واصول العائلة الاسبانية تعود الى اقليم الباسك، وتذكر الكاتبة لاحقا انه عندما اصبح غيفارا وجها مهما في الثورة الكوبية كتبت له سيدة تعيش في المغرب تحمل نفس الاسم وتسأل ان كانت تربطهما علاقة قرابة؟
تنقل دائم
تكشف قصة غيفارا عن تنقل العائلة الدائم، بسبب الظروف المالية او لان الابن ارنستو الذي كان يعاني من مرض الربو والذي رافق حياته كلها وظلت نوباته تلاحقه حتى عندما كان يحضر للقاء الزعيم ماو تسي تونغ. تعطي قراءة كتاب لوشيا سردا تاريخيا حول اصول الارجنتين وسكانها البيض الذين تقول ان الدراسات الحديثة انهم لا يعتبرون عرقيا بيض البشرة، بل خليط من الاعراق والالوان، كما تشير الى نزعة والد ووالدة غيفارا التي قالت انهما كانا يمثلان زوجا غريبا في المجتمع ليس من ناحية النشاط السياسي ولكن من ناحية التصرف، قلق وفوضى في الحياة، وخروج على المألوف وهو ما ورثه الابن عنهما. تخبرنا الكاتبة انه عندما كانت العائلة تقيم في بلدة التا غارسيا التي رحلت اليها بسبب جوها المناسب لمرض ابنها، كان غيفارا دائم التغيب عن البيت ودائم الاختلاط مع ابناء البلدة من الفقراء وغير البيض، حيث كان يزور بيوتهم ويرى كيف ينامون في غرفة واحدة وكيف كانوا يعملون الوسائد والفرش من ورق الجرائد. وكان غيفارا يتبرع بلباسه المدرسي لابناء هذه العائلات المحرومة. وستعلم تجربته في البلدة ومشاهداته في رحلاته في جنوب امريكا انه كان يتمتع بقدرة على الصبر على الجوع والبرد والفقر، ففي رحلته الاولى على الدراجة والتي قادته الى فنزويلا ومنها الى الارجنتين عبر ميامي، وصل هناك وفي جيبه دولار واحد، وعاش في الايام الاولى على فنجان قهوة بالحليب في اليوم وسكن في منزل بعيد عن المكتبة العامة التي ظل يداوم عليها حتى وجد حلا للعودة، ولم تكن مشاهداته في امريكا مشجعة له فقد وصفها مستشهدا بشعر لخوسيه مارتي الذي قال انه 'شاهد بطن الوحش'، ولاحظ غيفارا عدوانية الامريكيين عندما كان يناقش معهم الحرب الكورية. وعندما كان موجودا هناك كانت الحملة المكارثية وصيد الحمر في ذروتها.
الو هذا هو الدكتور غيفارا دي لا سيرنا
تطلعنا السيرة على علاقة الابن مع والدته سيليا الناشطة والمثقفة والتي ستموت وغيفارا في ادغال افريقيا. وكيف انها ظلت تشجعه من اجل اكمال دراسته الطبية حيث تخرج في 11 نيسان (ابريل) 1953 وكان اول شيء يعمله هو الاتصال بأمه من تلفون عام حيث قال لأمه 'هذا هو الدكتور (تشديد على اللقب) جيفارا دي لا سيرنا' . بعد تخرجه مباشرة انطلق مرة ثانية في رحلة لزيارة بلدان المنطقة، وفي هذه الرحلة سيشاهد الكثير من مظاهر التمييز والاستغلال والاهانة التي يتعرض لها الهنود من السلطات، كيف يتم رشهم بمادة الدي دي تي من اجل تطهيرهم من القمل قبل مقابلة مسؤول وكيف كان يبيعهم قس امكنة في الجنة مقابل مبالغ يدفعونها الى الكنيسة وان المكان علوه وهبوطه يتم تحديده بناء على المبلغ المدفوع. ما يهم في الرحلة التي قادته الى المكسيك التجربة الغواتيمالية والتدخل الامريكي الذي انهى حكم جاكوب اربانيز عام 1954. تلك التجربة التي عاش فيها وشاهد غيفارا النار والدمار والقنابل علمته كما كتب لأمه حب القنابل واجواء المعارك. وعليه عندما انخرط في النشاط السياسي مع المنفيين الكوبيين في المكسيك وسجن بعد اكتشاف خلية كاسترو الاولى كتب لأمه وهو في السجن انه ليس رجل خير او المسيح بل على العكس من السيد المسيح لانه، اي غيفارا، يؤمن بالقتال حتى الموت وبسحق عدوه باستخدام كل الوسائل المتاحة امامه دون ان يعطي فرصة للعدو كي يسمره على الصليب. وسيؤمن غيفارا بحتمية التغيير عبر العنف الثوري حتى النهاية. سيؤكد غيفارا لاحقا ان الثورة يجب ان لا تتوقف عند حد التصفية بل يجب ان تترك آثارها العميقة على المجتمع كما قال اثناء التحضير للدخول الى كوبا حيث دخل مع كاسترو ورفاقه على متن سفينة 'غرانما' والتي وصف رسوها على الشواطئ الكوبية بانها لم تكن في الحقيقة رسوا بل تحطما، في اشارة الى المصاعب التي قابلتهم في الطريق. وضمن اطروحة شخصية الاجماع التي تتبناها تقول انه بعد وصول الانباء عن دخول الثوار الى كوبا واعلان حكومة باتيستا عن تصفيتهم قلقت العائلة على مصير غيفارا ومن هنا كان اليمين المحافظ او المعارضون للثورة هم من بحثوا عنه، وتأكدوا من عدم وفاته، في اشارة للحكومة الديكتاتورية في بيونس ايرس.
خيبات مع نهرو واعجاب ناصر وصداقة بن بيلا
ما يهم في السيرة انها تشير الى الجذور والمؤثرات الثقافية على غيفارا، فقد قرأ في صغره اشعار رينية ماريا ريلكة، وكتابات فرويد وفولكنر وستيفنسون وحفظ اشعار بابلو نيرودا وخوسيه مارتي ولاحقا اطلع وحفظ واعجب باشعار ناظم حكمت الذي زار كوبا لكن لا توجد ادلة عن لقائهما. طبعا عندما يصبح غيفارا على قمة العالم، سيجد الفرصة للقاء الكتاب والشعراء الذين احبهم وسيعطونه نسخا موقعة من كتبهم، وسيجد غيفارا في عالم السياسة خيبات في المثال فمثلا عندما زار الهند التي اعجب بمثال غاندي فيها والتقى بنهرو الذي تأثر بكتابه 'اكتشاف الهند' لم يكن نهرو مهتما بالنقاش او الحديث او فتح احاديث مع الثوار الجدد من كوبا بقدر ما اهتم بالرسميات، ومع ان امله خاب بنهرو الا ان الهند نفسها لم تخيب امله فقد زار تاج محل، واغر وكالكوتا. ولم يخيب امله جمال عبدالناصر الذي اسكنه ووفده في قصر صيفي يعود للملك المخلوع فاروق، وزار الاسكندرية ودمشق حيث كانت الجمهورية العربية المتحدة لا زالت موجودة وغزة وبور سعيد وقناة السويس. وتقول الكاتبة ان جمال عبدالناصر لم يكن يتوقع استمرار الثورة الكوبية وانها ستنهار بسبب امريكا والمخابرات المركزية، كما انه تعامل مع خطاب كاسترو على انه خطاب مسرحي لا جوهر فيه لكن زيارة غيفارا غيرت موقفه من الثورة. ولم تخيب ثورة الجزائر امل غيفارا، حيث اقام صداقة مع احمد بن بيلا، ويذكر ان الاسلحة التي اخذتها القوات الكوبية من مرتزقة خليج الخنازير تم التبرع بها للجزائر.
يا الهي انه جميل
تمنح سيرة غيفارا الجديدة القارئ فرصة للتعرف اكثر على معالم حياة شاب ذكي مثقف، ووسيم كان يمكن ان يكون اي شيء، مصورا، كاتبا، مؤرخا، رحالة، طبيبا، باحثا علميا في مجال امراض الحساسية والجذام، سياسيا لكنه اختار ان يكون جنديا ثائرا لان الجندية هي المكان المناسب له كما اعتقد. تكشف السيرة عن حضور او جاذبية تشي وهو الاسم اللقب الذي اعطي له وهو في المكسيك واحبه، ففي حفلة اقيمت على شرفه في كوناكري صاحت زوجة السفير الايطالي لاحدى المدعوات 'يا الهي انه جميل'، كما تكشف كيف حاولت الدعاية الامريكية- هوليوود و'التايم' وغيرها استغلال قصة الرجل الذي صنع اسطورته وفبركت كل القصص حوله. في تفاصيل حياة وكفاح غيفارا معالم شبه من شخصية ارجنتينية اخرى مثيرة هي ايفا بيرون حيث ترسم الكاتبة هنا معالم الشبه لكن قصة حياة غيفارا تظل اكثر التصاقا ببوليفار ومارتي. رجل الاسماء والهويات المتعددة آمن طوال حياته بالخير في الانسان. ولكن استعادة بلاده له انتظرت اربعة عقود حتى انتهت الديكتاتورية هناك وحيث ظهرت صورته على طوابع الارجنتين البريدية واقيم له تمثال ضخم طوله اربعة امتار، مما ادخله في مجمع الخالدين، يذكر انه في عام 1983 تسابقت دول امريكا اللاتينية على احياء المئوية الثانية لميلاد بوليفار وتخليد الذكرى بطوابع بريدية. كتاب لوشيا جميل، مؤثر مليء بالتفاصيل والتاريخ يضع البطل في سياقه المحلي والعالمي، وكل بطل كما تظهر السيرة لا يخلو من العثرات والاخطاء.

The Story of Che Guevara
By: Lucia Alvarez De Toledo
Quercus/ London -2010.
' ناقد من اسرة 'القدس العربي'






  • 1 عناد 15-11-2010 | 12:22 PM

    تخيلوا :: شارون ابن خال الملحد تشي جيفارا !!

  • 2 الى عناد1 15-11-2010 | 08:04 PM

    من اين لك هذه المعلومة القيمة، يرجى ذكر مصدرها لو سمحت؟!؟

  • 3 الى عناد 15-11-2010 | 08:53 PM

    اصحى فانت تعيش في احلام وضيعة وفكر متخلف

  • 4 15-11-2010 | 10:15 PM

    وينك يا تشي تيجي تشوف اللي جرالنا

  • 5 عناد 16-11-2010 | 12:27 AM

    الثقافة تنقيط بتنقط منك يسعد ربك

  • 6 شيشاني 16-11-2010 | 12:53 PM

    بالاضافه انه ملحد وكافر كان سفاحنا وقاتلا

  • 7 16-11-2010 | 02:11 PM

    جهل وجاهلية ابطالها جهلة لا يجهلهم لا جاهل ولا عارف.

  • 8 قصي عبد الرحيم النسور 16-11-2010 | 08:19 PM

    الاخ عناد أجبرتني كلماتك على التعليق إقرا هذا المقال والذي تم نشره على عمون
    http://ammonnews.net/article.aspx?articleNO=73184


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :