عمون - الفلسفة هي دراسة المسائل الأساسية المتعلقة بالحقائق والقيم والوجود. تعود أصول الكلمة إلى اللغة اليونانية وتتكون من مقطعين: "Philos" وتعني "الحب"، وتشير إلى التحرك والإقبال، و"Sophia" وتعني "الحكمة"، وتشير إلى المعرفة بجميع أشكالها. وبالتالي، تعبر كلمة الفلسفة عن حب الحكمة، ويشير المفهوم إلى الشخص الذي يحب الحكمة ويسعى للتعرف عليها.
تعريف الفلسفة كمصطلح قد تغير عبر العصور والمذاهب الفلسفية المختلفة. في عهد سقراط، كانت الفلسفة تمثل دراسة الحياة الأخلاقية. أما شيشرون، فرأى الفلسفة على أنها علم يثري حياة الإنسان من خلال تقديم قواعد سلوك وفهم لمعاني الحق والواجب. ونظر كل من أفلاطون وأرسطو إلى الفلسفة على أنها دراسة للكون ولجوانب الحياة الإنسانية بأكملها. وفي العصور الحديثة، رأى رواد الفلسفة مثل ويليام جيمس أن الفلسفة تعبر عن التفكير في تحقيق المنافع العلمية، في حين عبر ماركس عن اهتمامه بتغيير العالم وتحسين الأنظمة الموجودة والتخلص من الظلم والخرافات والاستبداد.
ظهرت الفلسفة لأول مرة في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد في المدن اليونانية والمناطق الساحلية في آسيا الصغرى، وانتقلت بعد ذلك إلى جنوب إيطاليا وجزيرة صقلية ووصلت أخيرًا إلى مدينة أثينا اليونانية. يشير الاتفاق بين المؤرخين إلى أن الفلسفة نشأت في إطار العقلانية اليونانية وأن التراث اليوناني هو التراث الفلسفي القديم الوحيد الذي وصل إلينا بشكل واضح.
قبل ظهور الفلسفة، تميز التفكير اليوناني بأنه تفكير أسطوري يعتمد على القصص الخيالية. وكان التفكير الأسطوري الفلسفي يتركز حول الكون والطبيعة ومعتقدات الإنسان وتصوراته لذاته. يتضمن التفكير الأسطوري الفلسفي المغامرات والمعاناة والصراع بين الإنسان والقوى وغيرها من العناصر.
بدأ التفكير الفلسفي اليوناني عند الحكماء اليونانيين المعروفين (الحكماء الطبيعيين) قبل سقراط. واشتهر طاليس، الذي اعتبر الماء أصل كل شيء والمبدأ الأولي لتكوين الطبيعة. ومن بين الحكماء الشهيرين هيراقليطس الذي قال إن العالم ينشأ من النار، وأناكساغوراس الذي اكتشف العامل المحرك وهو العقل، وأنكسيماندروس الذي اعتبر الهواء أصل العالم.
مع ظهور الفلسفة في عصر سقراط وبعده، تركزت مفاهيم الفلسفة على طبيعة الإنسان ومعرفة الحقيقة والعدل والخير. وعند أفلاطون، تركزت الفلسفة على معرفة الخير للإنسان وفهم حقائق الأشياء. أما أرسطو (تلميذ أفلاطون)، فركز في فلسفته على معرفة المبادئ الأولية التي تفسر طبيعة الأشياء. وبعد ذلك، تجمدت مواضيع الفلسفة ولم تظهر محاولات فلسفية جديدة.
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي ساهمت في ظهور الفلسفة اليونانية وتطورها. من بين هذه الأسباب المهمة:
التقدم الذي حققته الحضارات التي سبقت الحضارة اليونانية مثل حضارة الرافدين ومصر والفينيقيين. تأثرت الحضارة اليونانية بتقدم هذه الحضارات في مجالات مختلفة وتواجدت قربها منها.
الموقع الجغرافي الفريد لليونان ومناطقها الساحلية في آسيا الصغرى. كان للموقع دورًا في التجارة والثقافة ونقل المعارف من الحضارات البعيدة إلى الحضارة اليونانية.
العوامل الاقتصادية والسياسية والفكرية التي تضمنت الاستقرار السياسي وتفرغ المواطنين للثقافة والفن. كانت الفلسفة جزءًا من هذا الفراغ الثقافي الناجم عن وجود العبيد الذين كانوا يؤدون الأعمال اليومية. كما تأثرت مالطا بثقافة أرستقراطية تسمح بالتسامح الفكري.
بهذه الطريقة، ظهرت الفلسفة اليونانية وتطورت على مر العصور، وساهمت في تطوير التفكير الفلسفي وتأسيس المبادئ والمفاهيم التي لا تزال لها أثرها حتى يومنا هذا.