عمون - تاريخ النهضة الأوروبية في القرون الثالث عشر والرابع عشر يمثل فترة هامة في التحولات الفلسفية والسياسية والثقافية. تأثر المفكرون في عصر النهضة بفتح القسطنطينية عام 1453م وانهيار الإمبراطورية البيزنطية. هاجر العديد من المفكرين البيزنطيين إلى إيطاليا، حيث سعى الأمراء الإيطاليون إلى توفير بيئة مشجعة للعلماء والفلاسفة من بيزنطة. يمكن اعتبار هذه الهجرة نقطة تحول أعلنت نهاية العصور الوسطى وبداية النهضة، حيث بدأ الفلاسفة رحلة الاستقلال الفكري.

ومع ذلك، لم تحدث الاستقلالية بشكل مفاجئ ومتجانس، بل كانت تطورات تدريجية. ولدت الفلسفة الحديثة نتيجة لجهود متراكمة. على الرغم من الصراع بين رجال الدين والأمراء، الذي أدى إلى انفصالهم عن المؤسسة الدينية، فإن الفلاسفة حاولوا موازنة الدين والفكر والفلسفة.

في العصور الوسطى، كانت الفلسفة ذات طابع لاهوتي بامتياز، وكان معظم الفلاسفة رجال دين. لم يكن تفسير الكتاب المقدس والنصوص الدينية متاحًا للجميع، وكانت القراءة والكتابة مقتصرة على طبقات الأمراء ورجال الدين. تطورت الفلسفة بفضل محو الأمية والانفتاح على الحضارات المختلفة ودور الترجمة والنشر والتوزيع في عصر النهضة.

ظهرت الروح العلمية في عصر النهضة، وازدهرت العلوم التجريبية. اكتشف العالم البولندي نيكولاوس كوبرنيكوس نظام الشمس، وتحدى الآراء المسيطرة التي تبعتها علماء الفلك السابقون. اكتشافات كوبرنيكوس دفعت العلماء إلى فقدان الثقة بالمعرفة التقليدية.

واستمر التطور العلمي مع العالم الألماني يوهانس كبلر، الذي قدم نظريات حول الفلك والرياضيات. أكد كبلر على صحة اكتشافات كوبرنيكوس وأضاف أن المدارات الكوكبية ليست دائرية وإنما بيضاوية، وأن الكواكب تتسارع كلما اقتربت من الشمس.

مع التقدم العلمي، حاول الفلاسفة تقديم إجابات فلسفية حول الطبيعة الإنسانية وتساؤلات الوجود. ظهر المنهج الديكارتي الذي يعتبر ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة. قام ديكارت بشك الجميع، بدءًا من المعرفة السابقة وصولًا إلى وجود العالم والله. وضع ديكارت قواعد منهجية للفلسفة، وقدم نموذجًا للتفكير الحديث.

تعد فترة النهضة الأوروبية وظهور الفلسفة الحديثة من أهم التحولات السياسية والفكرية والثقافية في التاريخ. قدمت النهضة فرصة للاستقلالية الفكرية والعلمية وتعززت الفلسفة مع تقدم العلوم الحديثة واكتشافاتها.