أقوال العلماء في كروية الأرض
04-09-2023 01:53 PM
عمون - في العصور القديمة، كان للقدماء تصوّر خاص حول شكل الأرض. كانوا يعتقدون أن الأرض هي جسم دائري مسطح، وأن السماء تشكل قبة كرويّة تحيط بسطح الأرض. استمر هذا الاعتقاد في عقولهم وعقول علمائهم حتى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي تقريبًا.
لكن مع مرور الوقت، بدأت أفكار مختلفة تنشأ عن شكل الأرض. قام العلماء والفلاسفة الإغريق بمراقبة ظواهر مختلفة في الطبيعة وأدلتها على تصوّرات جديدة. على سبيل المثال، لاحظ الفيلسوف الإغريقي سقراط أن الظل الذي تلقيه الأرض على القمر خلال ظاهرة خسوف القمر هو دائري الشكل. استنتج من ذلك أن الأرض كانت كروية.
عمل سقراط على توجيه الانتباه إلى أن الشمس والقمر هما جسمان سماويان كرويان، ومن ثم فإنه اعتمد على هذه المعرفة لتوضيح أن الأرض أيضًا كانت جسمًا سماويًّا وكرويًّا. من هنا، تبنى سقراط فكرة الكروية للأرض.
عالم آخر من الإغريق يُدعى اراتوستينس، قدم دليلًا آخر على كروية الأرض. لاحظ اراتوستينس أن ظل قرص الشمس يكون عموديًا تمامًا عندما يسقط في بئر مليئة بالماء في مدينة أسوان، بينما يظهر مائلاً بزاوية 7 درجات في بئر آخرى في مدينة الإسكندرية. استنتج من هذا الاختلاف أن سطح الأرض يجب أن يكون منحنيًا، واستخدم هذا التفسير لحساب قطر الأرض.
في العالم الإسلامي، أسهم العلماء المسلمون أيضًا في تأكيد فكرة كروية الأرض. تضمن القرآن الكريم بعض الآيات التي يُمكن تفسيرها على أنها دليل على تصوّر الأرض ككرة، مثل قوله تعالى "وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا"، وهو مصطلح يشير إلى التوسع والتبسيط، ما يمكن تفسيره بأن الأرض مستدقة.
كما قام العالم المسلم الإدريسي بدراسة شكل الأرض وأكد على كرويتها، استنادًا إلى توزيع الأرض والماء على سطحها وبين القارات والبحار.
فيما يخص السفن البحرية، لوحظ أن الجزء الأول من السفينة الظاهر عندما تقترب من الميناء هو الصاري (العمود الرأسي للشراع). هذا الظاهرة تكون مختلفة إذا كانت الأرض مسطحة. إذا كانت الأرض مسطحة، لكانت السفينة مرئية بأكملها من بعد بعيد دون أي تغيير في مظهرها، ولكن الواقع هو أن الجزء الأول من السفينة يظهر تدريجياً وينتشر مع اقترابها من الميناء، وهذا يُظهر تحدب سطح الأرض.
باختصار، يُظهر التاريخ والعلماء القدماء والأدلة الكثيرة أن الاعتقاد بكروية الأرض تطور بمرور الوقت ومع التقدم في العلم والملاحظات.