facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كم نحتاج أن ننمو؟


عبد المنعم عاكف الزعبي
10-09-2023 12:47 PM

مقال للدكتور يوسف منصور على عمون الأسبوع الماضي يستنتج أن الاقتصاد في الأردن يحتاج لمعدل نمو 15% على الأقل لكي تتمكن الحكومة من سداد فوائد قروضها، وأن استحالة تحقيق هذا النمو يحتم علينا الاستمرار في مسلسل الاقتراض. 

وبالتالي -يستمر المقال بالاستنتاج- لا بد لنا في الأردن من دعم الابتكار والريادة بهدف رفع الإنتاجية، وصولا إلى تحقيق النمو المطلوب لمعالجة المديونية وغيرها من المعضلات التي تواجه اقتصادنا. لكن الحكومة، بحسب المقال، تأبى الاستماع لهذه الوصفة السهلة، مما يجعلها غير قادرة على إنقاذ الاقتصاد.

المعادلات والفرضيات وطريقة عرض النتائج التي استخدمها المقال غير موضوعية وفيها مغالطات قد تخفى على غير المختصين، مما استدعى التوضيح.

بالفعل، إذا نما الاقتصاد بالأسعار الجارية مرة واحدة (بقدرة قادر) 15%، تتولد إيرادات جديدة تساوي في قيمتها كامل خدمة الدين العام.

تبدو هذه النسبة المرتفعة للنمو مستحيلة التحقيق، وهذا ما اعتمد عليه الكاتب في بناء استنتاجاته اللاحقة، وخلاصتها عقم النهج الاقتصادي الحالي، وحتمية فشله في معالجة أزمة المديونية.

المحير في الأمر هو الهدف الذي وضعه المقال للاقتصاد الأردني والحكومة الأردنية، وهو سداد فوائد الدين العام. فلماذا لم يختر الكاتب الأهداف المعتادة مثل سداد عجز الموازنة، أو تمويل النمو في الإنفاق الجاري أو الرأسمالي؟..

أن يكون الهدف المالي لدولة ما سداد فوائد قروضها يعني حكما بأن هذه الفوائد هي السبب في العجز بين إيراداتها ونفقاتها، وبالتالي المزيد من الاقتراض لسداد هذا العجز، أو أنها -أي فوائد الدين العام- السبب في نمو عجز الموازنة وارتفاع معدلات الاقتراض على أقل تقدير.

المفاجأة أننا في مثل هذا السيناريو، وعلى نقيض ما ذهب إليه الدكتور يوسف منصور، نكون أمام حالة اقتصادية حميدة، نستطيع في ضوئها معالجة عجزنا المالي المزمن بنسبة نمو اقتصادي منخفضة ومدة زمنية قصيرة. 

ولكن كيف نكون بخير ونحن بحاجة لنمو بمعدل 15% لتغطية العجز؟ ..

هنا يكمن المقتل الذي وقع فيه مقال الدكتور يوسف منصور، فنسبة ال 15% التي تبدو فلكية، تبدو كذلك لأن الكاتب قرر أن علينا تحقيقها خلال عام واحد، وكأنه يقول: "حتى نتمكن خلال 365 يوما من القضاء على عجزنا المزمن، مرة واحدة وإلى الأبد، يجب أن ينمو اقتصادنا ب 15%."

بالمقابل، إذا منحنا أنفسنا ثلاثة أعوام لتحقيق ذات الهدف نكون بحاجة نسبة نمو سنوي بقيمة 5% فقط حتى نصل إلى ذات النتيجة، أي أن ننمو ب 15%، ولكن خلال ثلاث سنوات بدلا من سنة واحدة، ولأن ديننا العام أكبر من الناتج المحلي، نصبح بحاجة نمو سنوي بقيمة 5.5% بدلا من 5%، حتى يوفر نمونا الاقتصادي إيرادات تكفي لسداد فوائد الدين العام، وبالتالي عجز الخزينة العامة للدولة.

طبعا نسبة نمو ال 5.5% سنويا، هي كباقي النسب التي استخدمها الدكتور يوسف منصور في مقاله، قيم إسمية بالأسعار الجارية، تشمل النمو الحقيقي إلى جانب التضخم. وبافتراض أن التضخم السنوي 3%، يصبح النمو الذي نحتاجه لسداد فوائد الدين العام، وبالتالي العجز، 2.5% فقط.

هذا يعني أننا نحتاج أن ننمو فقط ب 2.5% سنويا لمدة ثلاث سنوات حتى نسدد فوائد الدين العام.

ولكننا فعلا نحقق هذه النسبة في الأردن، كما تؤكد الإحصاءات الرسمية للسنوات السابقة.

لماذا إذا لا يزال عجز الموازنة قائما والاقتراض مستمرا ؟..

الإجابة بسيطة مفادها أن السبب الحقيقي وراء عجز الموازنة ليس ارتفاع فوائد الدين العام، إنما نمو البنود الأخرى من الإنفاق الحكومي نتيجة التضخم ومصاريف التعليم والصحة وفاتورة التقاعد ودعم السلع والظروف الطارئة. 

فمن سوء حظ الكاتب، أن فوائد القروض هي أقل بنود الإنفاق العام قدرة على النمو، وأقلها مساهمة في زيادة العجز، فمقابل كل 10% ارتفاع في الإنفاق أو العجز ترتفع فوائد الدين العام ب 0.4% فقط، أي 4% (معدل الفائدة) × 10% (قيمة الدين الجديد).

لتجنب الوقوع في مثل المغالطات التي وقع فيها المقال، محط النقاش، تركز أدبيات الاقتصاد دائما على هدف معالجة محصلة العجز النهائي للخزينة. كما تستخدم ذات الأدبيات القاعدة الذهبية التي تقول بأن بقاء نسبة العجز أقل من معدل النمو للناتج المحلي يعني أن نسبة المديونية بانخفاض، وأننا نسير بالاتجاه الصحيح.

ومن هنا يأتي الاستنتاج بأن تحقيق الأردن معدلات نمو اقتصادي حقيقي ب 5-7% سنويا، يكفي لوضعنا على المسار الصحيح نحو مستويات آمنة من المديونية والعجز.

أما الطرح القائل بحاجتنا لنمو سنوي 15%، فليس له أساس موضوعي، أو فائدة ترجى، إلا الإمعان في التشاؤم، وتوفير المسوغ لاقتراح تغييرات جذرية ومبادرات غير تقليدية، حتى لو تطلب ذلك مخاطرات مالية غير محسوبة، فالغريق لا يخشى البلل..

بالمناسبة، قد يكون هناك حل آخر لسداد فوائد الدين العام.. عبر سداد كامل مديونية الدولة البالغة 39 مليار دينار، فتصبح فائدة القروض صفرا !..

حل لا يبدو صعبا إذا كان لدينا فعلا حلول اقتصادية للابتكار والإنتاجية يتجاوز مفعولها رفع قيمة الناتج المحلي ب 15% في عام واحد.

الدكتور يوسف منصور اقتصادي مهم، ومرجع في الكثير من القضايا الاقتصادية على المستوى الوطني، وقد شغل في حكومة هاني الملقي موقع وزير دولة للشؤون الاقتصادية، وساهم مؤخرا في صد هجمة إعلامية على الاقتصاد الوطني بكل براعة ومهنية.

نتمنى أن يكون صدره رحبا متقبلا للنقد العلمي كما عهدناه..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :