بحكمته المعهودة ابقى جلالة الملك عبدالله الثاني ،خلال لقائه الرئيس الامريكي ترمب في البيت الابيض امس،الباب مواربا ،ووقف في مربع الحكمة ،خاصة في اجاباته وردوده على اسئلة الصحفيين بعد اللقاء.
لا يستطيع احد ان يشكك بمواقف جلالة الملك ازاء القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني،ومن المعروف ايضا ،ان ما يدور اثناء المباحثات والمناقشات خلف الابواب المغلقة ،يختلف عن ما يعلن عنه في المؤتمرات الصحفية،لذلك استخدم الملك اللغة الدبلوماسية والخطاب السياسي ،الذي يبقي الابواب مفتوحة للنقاش والحوار مع الادارة الامريكية ولم يغلقها،لان اغلاقها لا يحقق الفائدة بقدر ما تحققها استمرار الحوار مع البيت الابيض والابقاء على جسور التواصل وقنوات الاتصال.
بكل تأكيد ان الملك جدد تأكيدات الاردن ومواقفه المعروفة ضد تهجير الشعب الفلسطيني من ارضه ،وعندما يقول ان الرد على هذا المقترح او المشروع سوف يكون عربيا ،هذا يعني عدم موافقة الاردن عليه منفردا،وهذا جواب دبلوماسي واضح ،كما ان اعلان الملك استضافة الفين طفل مريض من قطاع غزة للعلاج، لا يعني تهجيرهم الى الاردن بل معالجتهم وعودتهم الى القطاع،خاصة ان الاردن عالج المئات سابقا ،وله مستشفيات ميدانية في القطاع تقوم بهذه المهمة ايضا.
جميع الاجابات التي رد بها الملك على اسئلة الصحفيين ،كانت مدروسة ودبلوماسية وسياسية ،لم تعطي ترمب اية موافقة على اي طرح تحدث به عن قطاع غزة والضفة الغربية ،وانما في باطنها كانت رافضة لمشاريع ترمب وخططه بشأن الضفة والقطاع.
فعندما يقول الملك ان الرد سوق يكون عربيا ،هذا صحيح لان هناك اجتماعان مهمان في الرياض وقمة في القاهاهرة هذا الشهر ،لصياغة وبلورة رد عربي على مشروع التهجير الذي يطرحه ويتبناه ترمب،لان المسؤولية عربية جماعية مشتركة ،وليست اردنية او مصرية منفردة،والعرب يعلمون جيدا،ان القضية الفلسطينية تمر اليوم في اخطر مراحلها المفصلية، وهي على مفترق طرق،كما انهم يعلمون ان ترمب يتولى تنفيذ المشروع الصهيوني التاريخي في فلسطين التاريخية، الذي يمثل الحلم الصهيوني منذ العام 1897،وهو افراغ فلسطين التاريخية من اصحابها الشرعيين واقامة الدولة اليهودية احادية القومية فيها ،لذلك الرد يجب ان يكون عربيا موحدا وان لا تتكرر اخطاء 1948.
ترمب يتكفل بتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين ،بتمويل عربي وعلى حساب الاراضي العربية ،وهو يتعامل مع العرب من خلال قناعته بانه قادر على فرض سطوته وسيطرته عليهم، واجبارهم على تنفيذ ما يريد.
الملك اكد في لقائه مع ترمب على رفض التهجير ورفض الضم وعلى مبدأ حل الدولتين ،وضرورة خفض التصعيد في الضفة الغربية واستمرار اتفاق وقف اطلاق النار والحرب على غزة.
المطلوب ان يكون الموقف العربي رافضا لتهجير الشعب الفلسطيني الى اي مكان في العالم وبأية اعداد ،لأن الموقف يجب ان يكون رفض التهجير من حيث المبدأ ،والحفاظ على بقاء الشعب الفلسطيني في ارضه ووطنه ،ودعم صموده وثباته فيه،وليس رفض التهجير الى دول معينة فقط،لان التهجير يعني ضياع الارض وتصفية القضية الفلسطينية بالكامل ،بعد احلال المستوطنين مكان اصحاب الارض المهجرين،وهذا هو الهدف الاساسي لمشروع التهجير .
الموقف العربي الموحد هو الذي يحسم كل هذه المشاريع والمخططات الصهيو امريكية ،التي يعلنها ترمب ويدفع باتجاه تنفيذها وتطبيقها على الارض ،فهو يتحدث عن اسير اسرائيلي ويتجاهل خمسة عشر الف اسير فلسطيني في سجون الاحتلال،ويتحدث عن قتيل اسرائيلي مأسور قتله جيش الاحتلال ،ويتجاهل قتل مئات الاسرى الفلسطينيين تحت التعذيب في معتقلات الاحتلال النازية ،ولا يشير الى التعذيب الجسدي والنفسي الذي يتعرض له الاسرى الفلسطينيون في معتقلات الاحتلال،وحرمانهم من كل متطلبات الحياة ،والعمل على اعدام العديد منهم يوميا .
يدعو ترمب الى تهجير الفلسطينيين اصحاب الارض الشرعيين ،ولا يذكر كلمة واحدة عن وجوب انهاء الاحتلال للاراضي الفلسطينية ،ويؤكد في كل لحظة انه صهيوني، يقف على يمين الصهاينة الاكثر تطرفا وتشددا وعداء للشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين.