من أكثر ما ميز الحكومة الحالية ولاقى ترحيبا واسعا لدى مختلف الأوساط زيارات رئيس الوزراء الميدانية.
الزيارات مهمة ليس فقط لأجل متابعة الإنجاز ووضع المؤسسات الحكومية في حالة تأهب مستمر، فهي مؤشر على هيبة الدولة وحضورها ممثلة بالسلطة التنفيذية، وهذا أيضا يعزز من شعبية الحكومة لدى المواطنين والنخب السياسية، وهذه ليست مصلحة محصورة برئيس الوزراء ووزراء حكومته، إنما مصلحة استرايجية للدولة بكافة مكوناتها.
ومن نافل القول أن عبور المراحل الصعبة سياسيا واقتصاديا يحتاج مستويات ثقة شعبية مرتفة تيسر وتدفع حركة المركب نحو بر الأمان.
وحتى في الظروف الاعتيادية، تزيد معدلات الشعبية من منسوب التفاؤل المحفز على الإنفاق والمشجع على الاستثمار.
الحكومة أيضا توجت نهج الزيارات المكثف بمؤشرات أداء ولوحة انجاز معلنة، وأيضا باجتماعات في المحافظات تضمن تحقيق مستوى جيد من التوزيع الجغرافي.
يبقى التحدي الرئيسي أمام الزيارات آلية تحديدها والمفاضلة بين المواقع المستهدفة.
كذلك تحتاج الزيارات إلى موازنة مالية نظامية تعد سلفا اعتمادا على البيانات المتوفرة من الزيارات السابقة، وبالتنسيق مع أهداف ومحددات المالية العامة.
الإطار التشغيلي لمواجهة هذه التحديات، والنهوض بالتجربة الحديثة الناجحة، ربما يستدعي تأسيس دائرة مستقلة للزيارات في رئاسة الوزراء تكون عابرة للحكومات.
هذه الدائرة تحتاج إلى شركاء أهمهم وزارة المالية ودائرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى مجالس المحافظات واللامركزية.
وهذا العنصر الأخير له أهمية خاصة، ذلك أن الاعتماد على مجالس المحافظات واللامركزية بترشيح مواقع الزيارات الأسبوعية، يزيل أي حرج أو مفاضلة غير عادلة يمكن أن تتهم بها زيارات الرئيس بين موقع وآخر.
فهذه المجالس منتخبة، والرؤية من وراء تأسيسها تفعيل الدور التنموي والخدمي للهيئات المنتخبة، وفصل هذا الدور عن مجلس النواب.
أي أن زيارات الرئيس بهذه الحالة تعبر عن رغبة الناخبين، وتمنح المجالس المنتخبة أهمية واعتبارا يعزز من مكانتها ودورها مستقبلا.