دائما نقيس قيمة الاحتياطيات الأجنبية للمملكة نسبة لفاتورة الاستيراد. وبالتحديد عدد أشهر المستوردات التي تغطيها هذه الاحتياطيات.
مؤخرا وصلت الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي إلى 22 مليار دولار، أو ما يعادل 8 أشهر من الاستيراد. وهذه نسبة مريحة تتجاوز ضعف النسبة المقبولة لدى المؤسسات المتخصصة الدولية بواقع 3 أشهر من المستوردات.
ولكن الاحتياطيات لا تستخدم فقط لتغطية الاستيراد، بل أيضا لتعويض انخفاض الصادرات، وسداد الديون الأجنبية قصيرة الأجل، واحتواء ما قد يغادر الاقتصاد من أموال في الأزمات.
من هذا المنطلق، وفي ظل ما تشهده المنطقة من ظروف استثنائية، نحتاج في الأردن إلى مقياس أشمل لكفاية الاحتياطيات الأجنبية، وبما يتجاوز الاعتماد الحصري على تغطية فاتورة الاستيراد.
معالجة هذه المسألة ليست مستجدة على المؤسسات الدولية، والمؤسسات الوطنية المختصة (البنك المركزي).
وهذا يتم من خلال احتساب ما يصطلح عليه "مصفوفة كفاية الاحتياطيات الأجنبية".
نتائج الأردن ضمن هذه المصفوفة ممتازة ومريحة كما هي بالنسبة للمقياس التقليدي، ممثلا بعدد أشهر المستوردات التي تغطيها الاحتياطيات.
فاحتياطيات الأردن تقارب 3 أضعاف الدين الخارجي قريب الاستحقاق، رغم أن معيار صندوق النقد الدولي يتطلب تغطية هذه الديون مرة واحدة فقط.
احتياطيات الأردن تتجاوز ضعف قيمة الصادرات السنوية للمملكة. أي أنها قادرة بسهولة على احتواء أي انخفاض في الصادرات نتيجة إغلاق أسواق معينة أو تراجع أسعار السلع عالميا.
في الأردن أيضا تتجاوز قيمة الاحتياطيات الأجنبية 30% من إجمالي عرض النقد، وهي نسبة تتجاوز الهامش المقبول لدى صندوق النقد الدولي ما بين 5% و20%.
وإذا استثنينا الودائع الحكومية والحسابات الجارية فإن احتياطيات المملكة تغطي 60% من الودائع في الجهاز المصرفي، وهي نسبة تفوق ما تحققه دول نفطية من تغطية الاحتياطيات الأجنبية للودائع.
أي أن عمليات الدولرة وتحويلات الودائع في الأزمات لن تؤثر على كفاية الاحتياطيات الأجنبية، وهو ما ثبت بالوجه العملي سابقا في أزمات كورونا واحتجاجات العام 2018.
بالمحصلة، وبعد أخذ جميع العوامل السابقة بعين الاعتبار، تبلغ نسبة كفاية الاحتياطيات الأجنبية في الأردن 111%، متجاوزة بذلك الحد الآمن لمواجهة الصدمات الخارجية، والبالغ 100% بحسب صندوق النقد الدولي.
احتياطياتنا الأجنبية كافية من مختلف الزوايا والأوجه، وليس فقط لتغطية المستوردات.