facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الذكاء الاصطناعي لتنظيم المرور: هل اقتربنا من إنهاء أزمات السير؟


د. علي الروضان
25-02-2025 10:31 AM

نشهد حاليًا تزايدًا ملحوظًا في أعداد المركبات وتنوّعًا في الأنشطة التجارية والعمرانية، مما انعكس على الطرقات الرئيسة وزاد من حدّة الاختناقات المرورية. في ظل هذا المشهد، يبرز الذكاء الاصطناعي كإحدى التقنيات الواعدة لتحقيق نقلة نوعية في إدارة المرور، بفضل قدرته الفائقة على تحليل كميات ضخمة من البيانات والتنبؤ بأنماط الازدحام في الوقت الفعلي.

تشير دراسة حديثة نُشرت في مجلة Transportation Research عام 2023 إلى أن اعتماد أنظمة تحكّم ذكية في الإشارات الضوئية، تعتمد على خوارزميات التعلّم الآلي، ساهم في تقليص مدة الانتظار عند التقاطعات بنسبة تصل إلى 30%. وتعتمد هذه الأنظمة على أجهزة استشعار وكاميرات موزعة في نقاط حيوية حول المدينة، حيث تجمع بيانات متجددة طوال اليوم. بعد ذلك، تقوم الخوارزميات المتطورة بتحليل هذه البيانات وتعديل توقيت الإشارات المرورية تلقائيًا بما يتناسب مع تدفق المركبات في كل اتجاه.

ومن الأمثلة البارزة على نجاح هذه التقنيات ما قامت به مدينة هانغتشو الصينية عبر مشروع City Brain، الذي استخدم الذكاء الاصطناعي لإدارة الحركة المرورية. وفقًا للتقارير المحلية في الصين، نجح النظام في تقليل الازدحام بنسبة فاقت 15% في بعض الطرقات الرئيسة، حيث يعتمد المشروع على تحليل البيانات الضخمة من الكاميرات والهواتف الذكية، ثم يوجّه تنبيهات فورية إلى مشغّلي المرور وحتى السائقين بشأن المسارات الأكثر انسيابية.

أما في الولايات المتحدة، فقد ساهم النظام المركزي ATSAC في لوس أنجلوس في التحكم بالإشارات المرورية في أكثر من 4000 تقاطع، باستخدام مستشعرات وكاميرات ترصد الحركة وتعدّل الإشارات تلقائيًا وفقًا للكثافة المرورية. وقد أدى هذا النظام إلى تحسين تدفق الحركة وتقليل فترات الانتظار، مما أسهم في خفض استهلاك الوقود وانبعاثات الغازات الضارة. وفي نيويورك، ساعد نظام Midtown in Motion، الذي يربط مئات الكاميرات والرادارات بقاعدة بيانات مركزية، على تحسين سرعة التنقل بنسبة 10% في مانهاتن من خلال ضبط توقيت الإشارات وفقًا للحركة الفعلية للمركبات.

وعلى الصعيد المحلي، تبنّت بعض المدن في المنطقة العربية مشاريع لإنشاء قواعد بيانات مركزية تجمع معلومات عن الكثافة المرورية، وأوقات الذروة، ومعدلات الحوادث، إضافة إلى رصد الإغلاقات والتحويلات الطارئة. يتم تخزين هذه البيانات في خوادم موحدة ومعالجتها عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي تبني نماذج تنبؤية لتحديد أماكن الازدحام قبل وقوعه. وبمجرد ظهور مؤشرات على زيادة الكثافة في منطقة معينة، يتم إرسال توصيات بتغيير مسارات الحافلات أو توجيه المركبات عبر طرق بديلة. ووفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2022، فإن اعتماد هذه التقنيات يُحسّن تدفق الحركة المرورية بنسبة تصل إلى 25% في المدن التي تطبّقها بشكل متكامل.

لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي وحده القضاء على أزمات المرور؟، دراسة نُشرت عام 2023 في Journal of Advanced Transportation تؤكد أن الحل الأمثل يكمن في تكامل التقنيات الذكية مع بنية تحتية متطورة، تشمل تركيب كاميرات ذات دقة عالية وأجهزة استشعار متقدمة، إلى جانب الصيانة الدورية لضمان كفاءتها. كما تلعب السياسات الداعمة دورًا مهمًا، مثل تعزيز ثقافة استخدام وسائل النقل العام وتوسيع شبكات الحافلات، مما يقلل الاعتماد على المركبات الخاصة ويخفف الضغط على الطرقات.

في الختام، يبدو واضحًا أن الذكاء الاصطناعي يشكّل فرصة حقيقية لإحداث نقلة نوعية في إدارة المرور، لكنه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى استعدادنا لتهيئة الأطر القانونية والإدارية، وتوفير الخبرات التقنية اللازمة. كما يعتمد نجاح هذه الأنظمة على مدى استعداد القطاعات المختلفة للتعاون وتبادل البيانات بشكل آمن وسريع لضمان كفاءة التطبيق وتحقيق الأهداف المنشودة.

مع تطور أنظمة الإشارات الذكية، وتطبيقات الملاحة الفورية، والمشاريع المعتمدة على قواعد بيانات مركزية، تتزايد الآمال في جعل المدن أكثر تطورًا وانسيابية، مع تقليل معدلات التلوث وتخفيف الضغط على سكانها. لقد بدأنا بالفعل السير نحو مستقبل مروري أكثر ذكاءً، ويبقى السؤال: إلى أي مدى يمكننا توظيف الذكاء الاصطناعي لدعم التحول الرقمي في إدارة المرور؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :