facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كفاءة المسؤولين بين التقييم والمساءلة


د. اسماعيل ابوعامود
06-03-2025 01:52 AM

في ظل الظروف الاقتصادية التي نواجهها، أصبح من الضروري البحث عن وسائل فعّالة لتحسين إدارة الموارد وتوجيهها نحو تحقيق التنمية التي تنشدها رؤية التحديث الاقتصادي، فالتحديث الاقتصادي يكون من خلال الكفاءات لا الشعارات. ومن بين هذه الموارد المهمة التي تتطلب اهتمامًا خاصًا هي النفقات المرتبطة بالمسؤولين الذين يشغلون المناصب القيادية العليا، بما في ذلك رواتبهم، مكافآتهم، ونفقات الضيافة والمحروقات.

لا شك أن تكلفة بعض المسؤولين، في كثير من الحالات، تفوق ما يحققونه من إنجازات ملموسة على أرض الواقع. فبينما يكافح المواطن العادي لتأمين لقمة العيش، تُصرف مبالغ طائلة على فئات محددة دون وجود مخرجات تبرر هذه التكاليف، أو أن يتم صرفها في أوجه غير قانونية. في حين أن هذه الأموال يمكن أن تُستثمر في مشاريع تنموية صغيرة توفر فرص عمل للعشرات وتساهم في الحد من البطالة.

لعل السؤال الذي يفرض نفسه هنا: ما الجدوى من تخصيص ميزانيات ضخمة لمسؤول لا يُحدث فارقًا يذكر في الأداء الحكومي أو التنمية الاقتصادية؟ إذا كان الهدف من المناصب العليا هو تحقيق إنجازات ملموسة على الصعيد الوطني، فمن المنطقي أن يُقيَّم شاغلو هذه المناصب بناءً على ما يقدمونه من نتائج تفوق كلفتهم.

هناك ضرورة لإيجاد توازن بين ما يحصل عليه المسؤول من مميزات وما يقدمه للوطن. المسؤول الذي يتولى قيادة قطاع ما يجب أن يكون قادرًا على تحويل هذه الموارد إلى إنجازات واضحة، سواء كانت في شكل مشاريع تنموية، تحسين الخدمات العامة، أو تحقيق مكاسب اقتصادية ملموسة.

إلا أنه وللأسف، نجد أن بعض المسؤولين بدلًا من أن يبنوا على إنجازات من سبقوهم ويتقدموا في مؤسساتهم، يدفعونها إلى الخلف ويعيدونها إلى مراحل بدائية من خلال تكليف أشخاص من الفئة الثالثة مثلًا في التخطيط وقيادة مفاصل مهمة في المؤسسات التي يقودونها، ذلك أن هؤلاء يدينون بالولاء والطاعة لقادتهم أو أن هناك مآرب ومنافع شخصية من وراء هذه الولاءات.

هؤلاء لا يختلفون عن من وصفهم جلالة الملك في لقائه مع المتقاعدين العسكريين حينما قال "عيب عليهم"، ونحن نقول هنا: حريٌّ بكم أن تصونوا الأمانة وتقدروا مكانة الإرادة الملكية التي منحت لكم للقيام بواجبكم بأمانة وإخلاص، والكف عن التنفع واستخدام مناصبكم كأنها قوة تخولكم التمادي في ظلم العباد أو التعدي على الأموال العامة.

وهنا لا بد من وضع آلية لتقييم المسؤولين في المناصب العليا تقوم على أساس وضع مؤشرات أداء قابلة للقياس لكل مسؤول وفقًا لطبيعة القطاع الذي يشرف عليه. على سبيل المثال، إذا كان المسؤول عن قطاع الصحة، يمكن أن تكون المؤشرات هي تحسين الخدمات الطبية في المناطق النائية، أو نسبة الأطباء إلى عدد السكان، وهكذا.
كما لا بد من ربط المكافآت بالإنجازات: لا يجب أن تكون المكافآت تلقائية أو مرتبطة بالمنصب فقط، بل يجب أن تعتمد على تحقيق الأهداف المحددة مسبقًا. المسؤول الذي يحقق إنجازات كبرى يستحق مكافآت مجزية، بينما من يتقاعس أو يفشل في أداء مهامه يجب أن يُعاد تقييمه.

إضافة الى إشراك المجتمع المحلي من خلال لجان مستقلة تضم ممثلين عن المجتمع المدني وخبراء مستقلين لتقييم أداء المسؤولين وضمان الشفافية في العملية.
كما لا بد من إجراء مراجعات دورية للأداء وتقديم تقارير شفافة للرأي العام حول ما تحقق من إنجازات وما لم يتحقق، مع توضيح أسباب النجاح أو الإخفاق.
وختاما، تحديد سقف للإنفاق، فمن المهم أن يكون هناك سقف محدد للنفقات المرتبطة بالمناصب العليا، بحيث يتم تقليص النفقات غير الضرورية وتوجيهها نحو المشاريع التنموية.

المسؤولية في المناصب العليا ليست تشريفًا، بل هي تكليف لخدمة الوطن والمواطن. ويجب أن يكون الهدف الأساسي للمسؤول هو تحقيق إنجازات تبرر ما يُنفق عليه. إن تطبيق آليات تقييم فعّالة وشفافة سيضمن تحقيق العدالة، تحسين الأداء الحكومي، وتقليص الهدر في الموارد. فالموارد التي تُهدر دون جدوى يمكن أن تكون أداة لتغيير حياة العديد من المواطنين نحو الأفضل، وهو الهدف الأسمى لأي حكومة تسعى لخدمة شعبها بصدق وأمانة.
"إذا وُلِّيَ الأمرُ غيرُ أهلِه فانتظرِ الفقدَ وضياعَ الأمل"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :