حكومة حسّان، هل تتسم بالطابع المُحافظ؟
د.طلال طلب الشرفات
13-04-2025 06:23 PM
بموضوعية صادقة؛ لم أكن أعرف الرئيس حسّان عن قرب، ولا عن توجهاته الفكريّة، ومنطلقاته الوطنيّة، وكنت حائراً في توصيفه وتصنيفه الفكري بعيداً عن التزاماته الوظيفيّة التي تُحتّم عليه عادة المناورة في مساحات الصَّمت والحذر، وربما ساورني القلق كثيراً عند تكليفه بتشكيل الحكومة؛ لخشيتي من عدم تمكّنه من امتلاك ناصية التَّفاهم والحوار مع القوى السِّياسيّة والأفراد، وبالذَّات تلك التي تعكس طبيعة المجتمع الأردني المُتّسمة بالصعوبة والإجهاد؛ لا بل ظننت أن الليبراليين سيكون لهم النصيب الوافر في تشكيلة الحكومة.
ورغم تحفظي وقت التَّشكيل على طريقة وأسلوب المشاورات مع الأحزاب، ومدى تناغمها مع خطة التحديث السياسي لأسباب ذكرتها في مقالة سابقة؛ إلّا أنني فوجئت بطبيعة التَّشكيل الذي غلب عليه الطابع المحافظ الرصين الذي نعتبره ضمانة معقولة للرضا العام، ومساراً عاقلاً لمواجهة التَّحديات الخارجيّة التي تتطلب صرامة حازمة في الحفاظ على لون الدَّولة، وهويّتها، وسيادتها التي لا تحتمل الاجتهاد؛ لإعتبارات وطنيّة بحتة تتقدم على كل ما سواها.
لن أتحدث عن إنجازات الحكومة أو إخفاقاتها فتلك من مسؤولية مجلس النُّواب الذي منحها الثِّقة، ولديه الأدوات الدِّستوريَّة لمحاسبتها؛ إلَّا أنَّ ما أثار إعجابي يكمن في قدرة الرَّئيس على قيادة وضبط إيقاع الفريق الوزاري، ووضع ضوابط حازمة لقياس الأداء، وتمّكين الوزراء من ممارسة صلاحياتهم بثقةٍ وشجاعةٍ، ومشاركتهم المسؤوليَّة السياسيّة في تلك القرارات، واحترام اجتهاداتهم دون إغفال المساءلة عن القصور والإهمال، وخاصة عند الخلط بين الخاص والعام في مسائل معينة.
في ظنِّي وتقييمي كمُراقب؛ أن الحكومة تُعبّر عن توجهات وتطلعات التّيَّار المُحافظ حتى الآن، وخاصة في مُنطلقاتها السِّياسيَّة والأمنيَّة، ولعلَّ حالة الانسجام الطوعي بين الفريق الوزاري التي يُرافقها لين من غير ضعف، وشدّة في غير عُنف من قبل الرئيس تستدعي ترسيخ استقرار الحكومة، وعدم الولوج في حمّى التَّعديلات الوزاريّة التي تُثير عادة انتقادات الرَّأي العام، وتشوّه صورة الحكومة في ذهن العامّة، وتُعيد للأذهان تجارب الحكومات السَّابقة في هذا الشَّأن.
الرئيس حسّان نجح -حتى الآن - وإلى حدٍ بعيد في تجنّب انتقادات القوى السِّياسيّة والإعلام، ومعظم الوزراء يمارسون أعمالهم برصانة، واعتدال، وهدوء، ولعل التزام الحكومة في تنفيذ مضامين كتاب التَّكليف السَّامي، وعدم المغامرة بمصير الدولة في سياستها الخارجيّة، ومتطلبات سيادتها، وهويتها الوطنيّة، وقيم المجتمع الرَّاسخة يشي بتعبيرها المعقول عن رؤى الناس، وقوى الوسط المُحافظ المسيطرة على الأغلبية البرلمانية، وبما يُحقق مصالح الدولة العليا.
ربما تحتاج الحكومة إلى ستة أشهر أخرى قبل إصدار حكم منصف ومُتكامل حيالها، وربما تكون التَّطورات السِّياسية القادمة بما تحمله من مخاطر وأحداث خارجيّة، وتلك المُتعلقة بمطامع اليمين الأسرائيلي المتطرف في سياسة التَّهجير والتَّوطين، واستهداف الوطن؛ هي المحكّ الأكبر لتقرير مدى قدرة الحكومة على تبديد مخاوف الأردنيين وتيَّار المٌحافظين المتيقظين لمواجهة تلك الأخطار.