facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الذكاء الاصطناعي وتعزيز الأمن الوطني


د. علي الروضان
24-04-2025 02:13 AM

في عصرٍ يتزايد فيه الاعتماد على التواصل الرقمي، لم يعد التطرّف مقتصرًا على الاجتماعات السرّية أو التجمّعات الواقعية. فقد بات للمنظّمات المتطرّفة حضورٌ واضحٌ على الإنترنت، حيث تنشر أفكارها وتجنّد الأتباع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مستفيدةً من سهولة الوصول إلى قاعدةٍ واسعةٍ من المستخدمين. أمام هذا التحدّي، تظهر تقنيات الذكاء الاصطناعي كأحد المسارات الواعدة لدعم جهود الأمن الوطني وتحديد التوجّهات المتطرّفة ورصد أنماطها على منصّات التواصل المختلفة.

يأتي بناء فرقٍ وطنيّةٍ متخصّصة في توظيف الذكاء الاصطناعي كخطوةٍ أولى لمواجهة المخاطر الرقميّة؛ إذ يضمن التنسيق بين الأجهزة الأمنية وخبراء التقنية قدرةً على تبادل المعلومات بسرعة وتحليل البيانات الضخمة في الزمن الحقيقي. وتُعدّ هذه المقاربة أساسيةً للانتقال من ردّ الفعل المتأخّر إلى التحرّك الاستباقي، الذي يُسهم في إحباط عمليّات التجنيد ورصد النزعات المتشدّدة قبل أن تتغلغل في النسيج المجتمعي.

على المستوى التقني، تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي بناء أنظمةٍ للإنذار المبكّر، يمكنها تعقّب مؤشّراتٍ كاللغة التحريضيّة أو الارتباط المفاجئ بحساباتٍ متشدّدة، ثمّ تحليلها بخوارزميات التعلّم العميق لتقدير درجة الخطورة. فإذا رُصد نشاطٌ رقميّ مريب، تُطلق تنبيهات تمكّن الجهات المختصّة من التحرّك الفوري. كما تساعد خوارزميات التعرّف الآلي في مسح الصور والفيديوهات وتقييمها، للتأكّد من خلوّها من رموزٍ أو محتوياتٍ تشجّع على التطرّف، وذلك ضمن الأطر والسياسات المعمول بها على المنصّات الاجتماعيّة.

وفي الوقت نفسه، يمكن الاعتماد على نماذج تنبئيّةٍ ترصد التغيّرات المفاجئة في سلوك المستخدمين، مثل التحوّل السريع في طبيعة التعليقات أو زيادة التفاعل مع صفحاتٍ معروفة بتشجيع العنف. تفتح هذه المؤشّرات الباب أمام تدخّلٍ وقائيّ يُسهم في تحجيم دائرة الخطر قبل أن تتسع. غير أنّ دقّة هذه النماذج تظلّ رهينةً بمدى مرونتها وتحديثها المستمرّ، نظرًا إلى تعدّد أساليب المراوغة والتخفّي التي تتّبعها الجماعات المتطرّفة.

وعلى الصعيد التشريعيّ، يُعدّ وجود إطارٍ قانونيّ واضح ضرورةً لتحقيق التوازن بين حماية الأمن الوطني وضمان حقوق الأفراد، خصوصًا وأنّ الذكاء الاصطناعي بات يتعامل مع كمٍّ ضخمٍ من البيانات ويستخلص استنتاجاتٍ بالغة الأهميّة للأمن. ويتعيّن على السياسات المرعيّة أن تضبط آليّات جمع هذه البيانات وطُرق تبادلها بين الجهات الأمنيّة والمنصّات الإلكترونيّة، تجنّبًا لأيّ استخدامٍ غير مشروع.

أما على المستوى الدولي، فيتطلّب التصدّي للشبكات المتطرّفة تعاونًا مشتركًا بين الدول والمنصّات الكبرى، نظرًا لامتداد هذه الشبكات عبر الحدود. وقد قطعت بعض المبادرات العالميّة أشواطًا في تبادل قواعد البيانات والصور والفيديوهات المرتبطة بالتطرّف، بما يُسهم في كشف المحتوى العنيف فور ظهوره والتعامل معه. ويُعزّز هذا التكامل من فاعليّة سياسات مكافحة التطرّف على المدى الأبعد.

وفي الختام، يُعدّ الذكاء الاصطناعي ركيزةً أساسيّةً في مواجهة التطرّف الإلكتروني؛ إذ يمكّن الجهات المعنيّة من رصد المخاطر واستباقها بقدرةٍ أكبر على التحليل والإنذار المبكر.

ورغم عدم خلوّ هذه التقنيات من تحدّيات ترتبط بالدقّة والتحيّز، يبقى تطويرها واستثمارها ضمن إطارٍ قانونيّ وأخلاقيّ خطوةً جوهريّةً لتوفير بيئةٍ رقميّةٍ أكثر أمانًا، قوامها التنوّع الفكري وضوابط الأمن الوطني.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :