واقع أمتنا والبحث عن مخرج
د. بسام العموش
10-06-2025 08:53 AM
قالها علماء التوحيد الاسلامي منذ قرون (لكل حادث محدث) واستخدموا العبارة في سياق الدلالة على وجود خالق لهذا الكون . استخدمها اليوم لتعليل حالة العجز التي تعاني منها أمتنا لا لجلد الذات بل لوصف الواقع ومن ثم إثارة عصف ذهني حول الدواء بعد وصف الداء.
سياسيا" نحن مفلسون ، ليس من اليوم بل من اليوم الذي انقلب الحكم الشوري إلى حكم تسلطي فذهب الراشدون إلى التاريخ ودخلنا الأموية فالعباسية والفاطمية والمملوكية والعثمانية ، رغم أنها دول ممتدة لكنها جبروتية رسخت العصا على حساب الحوار والتعددية ، وادعت أن الحزم يقتضي التصفيات . ولما اشتد مرض " الرجل المريض" كانت الأمم ذات الصراع الحضاري معنا تستعد لتنقض علينا ففعلت ونتج عن ذلك أكثر من عشرين دولة عربية وأكثر من خمسين دولة إسلامية بينها من الخلافات والمشكلات التي زرعها الإنجليز والفرنسيون والاسبان و الطليان والبرتغاليون وفي الطبعة الأخيرة الأمريكان والسوفييت.
وتحولت أمة الخيرية و الرسالة الى مائدة يتناولها اللئام من كل حدب وصوب مستخدمين كل أدوات النهش والتقطيع من سكاكين ونحوها مستمتعين بينما الضحية تصرخ إلى أن أغمي عليها بعد أن تم ايجاد القاعدة المتقدمة لهم من شذاذ الآفاق وأسكنوهم على ارض الاسراء والمعراج لمراقبة أية محاولة للنهوض كي يتم اجهاضها بكل الوسائل من مال وإعلام وتركيع سياسي واقتصادي وعلمي وتعليمي وانهيار أخلاقي، واحتشد كل الموافقين على النهش ووجدوا أن العصا و الجزرة لا بد من استخدامها بصورة مستمرة.
اغرقوا البلدان بالمديونية ، ورسخوا الاستهلاك والتبعية واستأجروا الفن ليكون أداة هدم في السينما والمسرح والمسلسل، كما استخدموا المناصب والنساء والعطايا للإغراء بينما القبضة الحديدية تمارس عملياتها بالمشرط والنبضع والسكين والساطور ،دون أن يقلل ذلك من دور الإعلام المطبل المؤله والمزور والمضلل، بل ذهبوا أبعد من ذلك في استخدام الدين نفسه عبر الصغار من ممثليه لأن المضبطة تحتاج إلى ختم وأي ختم أفضل من ختم وتوقيع مدعي النطق باسم الرب ، وصار التزوير السياسي والديني على رؤوس الأشهاد . هذا وغيره هو الذي يفسر عجز الأمة تجاه مذبحة غزة ، إذ كيف تطلبون من مشلول أن يسابق في الماراثون فضلا" عن الوقوف في وجه المعتدي ؟!.
يوم كانت الأمة أمة ، كانت تتحرك لصرخة امرأة معتد عليها ، بينما اليوم لا صرخة امرأة ولا صراخ طفل ، ولا دموع عجوز ولا انين مريض ولا بكاء طفل يريد الطعام ، يحرك في الأمة إلا اللسان المحوقل الذي يطلب من الله أن يدمر اسرائيل ويحرر الأقصى ويجعل الاسرائيليين غنيمة وذهب بعضهم لفتح النقاش حول "السبايا" وضرورة استعادة ذلك الفقه حيث يجهز الفحول فحولتهم الجنسية بدل فحولة معارك الشرف.
هذا بعض الوصف، واقول بعض لأنني لم أصف كل المشهد ، وبالتالي لا زلت أبحث عن مخرج فلا يكفي أن نلعن الظلام ، فهلا أرشدتم إلى معالم المخرج أيها المفكرون والسياسيون والحزبيون والمتفلسفون والغيورون والوطنيون والإسلاميون والقوميون واليساريون واليمينيون والإعلاميون والأكاديميون ؟!.