facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأودية الملونة في سيناء (صور)


عبدالرحيم العرجان
17-06-2025 10:20 AM

تتجلّى في سيناء أودية ومسالك مرّ منها قادة وملوك فاتحون، وأنبياء يحملون رسالة سماوية، وتُجّار محمّلون بالحرير والبخور، لتُصبح قبلة لعشاق المسير والترحال، الباحثين عن سحر الطبيعة وثقافة الاستكشاف. وذلك انطلاقًا من رحلتنا التي قطعنا بها سيناء، بدءًا من الحميمة وصولًا إلى خليج السويس.

الوشواش (وادي الهدوء والسكينة)

من جمال صوته وهدوئه استمد اسمه، الناتج عن احتكاك الريح والنسيم بما فيه من نخيل وأطراف الجرانيت العالية، بحوار كالهَمْس، ضمن محمية أبو جالوم الطبيعية. عبرنا إليه من مدخله بين طابا ونويبع، الميناء الذي وصلنا إليه مع الفجر برحلة بحرية على متن عبّارة “الجسر العربي”، حيث كان هناك موعد اللقاء مع مجموعة الرحّالة بقيادة هاني خليلي، وعدد من المرافقين من أبناء قبيلة مزينة، العربية الأصل واللسان، التي ينتمي إليها الشاعر الكبير زهير بن أبي سلمى، والصحابي الجليل معن بن أوس المزني، وإياس بن معاوية المزني، قاضي البصرة الذي أذهل الخليفة عبد الملك بن مروان بفصاحته وفطنته.

بدأنا المسير من النقطة التي يتعذر بعدها دخول سيارات الدفع الرباعي، متتبعين الطريق النبطي القديم ودرب محمل الحج المصري، الذي يصل من هنا إلى “أيلا” (العقبة)، ويُعتقد أيضًا أنه نفس الطريق الذي سلكه نبي الله إبراهيم عليه السلام في طريقه إلى مصر وأرض الكنانة حيث تزوج السيدة هاجر. مررنا بصخور جرانيت صماء وردية، وجبال الفيروز، في تفرّع من وادي المالحة الكبير، الذي يعود بتكوينه إلى عصر الكامبري، بطريق محدود الارتفاع، وصولًا إلى عين المالحة، المتوارية بين صف من النخيل المثمر، لتكون هناك استراحتنا الأولى.

سلكنا دربًا دكّته أقدام العابرين من أهل المكان وعشاق الترحال، ممهَّدًا بين صفّي صخور، بين ارتفاع وانخفاض، يدهشك فيه كيف لصخور ضخمة أن تكون معلّقة مرتكزة فوق مخاريط، لينفتح الفضاء على منطقة “الفريع”، ويزداد الجمال جمالًا بين سحر الجيولوجيا وروعة الطبيعة وفطرية المكان، مع كل خطوة نسير بها، مرورًا بنقب الكحلة، والمعترش، ووادي النخيل، حيث كانت استراحتنا وإعادة التزود بالماء بعد أن شارف على النفاد. وفي كل مرحلة، جمال يختلف كليًّا عمّا كان قبله.

الوادي الملون

هو صدع صخري صقلته تعاريج مياه الشتاء، ليكون مقصدًا للسياح القاصدين سواحل جنوب سيناء. وبين المسير في لولبيّاته، وتوالي المشاهد بين المخاريط والحفر التي تشبه الجرون المحدودة العمق والاتساع — مكان فقط لقدميك ويد عون من رفاقك — لم نحتج لوقت طويل لكسر حواجز اللقاء والتعارف الأول؛ دون ألقاب أو رسميات، تزول بعرف الطبيعة الذي ننشده في رحلتنا.

هو وادٍ من نفس جيولوجيا “الوشواش”، ومتمّم لمسير نهارنا، حسب برنامجنا، ينتهي بمساحة في قلب وادٍ آخر بين الشواهق، مُهِّد إليه طريق وأُعدّت له أدراج لتسهّل على مختلف القدرات زيارته، بهدف خلق منتج سياحي جديد متنوع، وإطالة برنامج الزائر لسيناء. كما أُضيفت مواقع محددة لرمي النفايات الشخصية والتخلص منها بالحرق، وهذا من أهم معايير ترسيم المسارات المطروقة بكثرة من الزوّار.

السد النبطي بالوادي الأبيض

بعد تخييم ذاتي في قرية “عين حضرة” الجميل فيها فطريّتها، وبعدها عن ترف المدينة وتقنيّاتها وشبكات الاتصال، كان النظام أن تحضر خيمتك وتختار المكان الذي يناسب إقامتك حسب ذوقك وراحتك، مع توفّر مكان للاستحمام.

البيوت التراثية المبنية من الصخر الرملي والطين الجبلي، بُنيت فوق صخور صمّاء، تشدّك لجولة فيها. وقد ابتدع أهلها نظامًا خاصًا لتبريد الهواء ينساب إليها عبر فتحات أسفل الجدار العريض، وشبابيك مرتفعة، وبالقرب منها بئر عميقة تدلّى فيها سلم ثُبّتت درجاته الخشبية بحبل منسوج من شعر الماعز. انطلقنا منها لوجهة جديدة: الوادي الأبيض، المُستمد اسمه من طبيعة صخره الأبيض.

ويُعدّ الوادي الأبيض من أمهات الأودية في سيناء، إذ يبدأ من جبل المقرّاة ويَصُبّ في وادي العريش، ويشكّل متاهة طبيعية تحتاج إلى دليل. من فروعه “العوجا”، وبه آثار بيزنطية من كنيسة وآبار ومساكن وقلعة. وما إن دخلناه حتى ظهرت أطلال جدار عظيم لسد قديم يشبه في أسلوب بنائه الطراز النبطي من حيث القصّ والتشذيب، وحوله مصاطب زراعية ممهّدة على كتفي الجبل.

وهو وادٍ يحتاج إلى شيء من الخبرة لاجتياز عوائقه، والتعاون لتسلق صخوره الرملية الهشّة، مع ارتداء حذاء عريض خشية الانزلاق في مسالك تتشابه فيما بينها. وقد ثبتت في بعض المراحل سلالم وحبال لضمان السلامة وسهولة الصعود.

الوادي المغلق

لا يختلف كثيرًا عن الوادي الملون، إلا أنه يحتاج إلى لياقة أعلى ومهارات في التسلق، إذ تحتاج لأن تحشر نفسك بين جانبيه لتتمكن من اجتياز عوائقه وصخوره الملساء، التي انحشرت جانبيّ الصدع في مسلك يرتفع كلما تقدّمت، وصولًا إلى نقطة النهاية المغلقة عند مسقط الشلال، ثم العودة من نفس الطريق، بحذر أكبر خشية الانزلاق على الجلاميد.

ومن مقاطعه ما يتشكّل فيه الصخر بشكل مجدول كزهرة اللوتس، ما يستوقفك بدهشة لالتقاط أجمل الصور وقضاء لحظات من التأمل في هذا الجمال الذي يتوحّد معه الناظر، حين يعجز عن مجاراته أمهر النحاتين.

وما يُميّز هذه الصدوع الضيقة أن طبيعة الصخر الغني بخام الحديد تعادل ما في جسمك من طاقة كامنة، نتيجة الاحتكاك به والبقاء لفترة زمنية، وهو ما أكّده أهل الاختصاص في هذا العلم.

وادي حماط

تشكيلات جيولوجية كانت يومًا قاع بحر، قبل أن يجف في سالف الزمان. منها ما اتّخذ شكل نبتة الفطر أو الكأس والمخاريط والصواعد، أرادت له الطبيعة أن يكون، وصولًا إلى جسر حجري عظيم عند قاعدة الجبل، عند مدخل الوادي الذي بدأ بالانحسار مع تقدّمنا فيه، مغلقًا بشجرة تين حماط برية عبرنا من أسفلها.

والجميل في هذا الوادي استقامة مساره، الذي لا يتجاوز عرض الكتفين، وارتفاعه يزيد عن أربعين مترًا، وفي بعض مراحله تحتاج إلى المسير بشكل جانبي، متأملًا منمنمات تكوين الطبيعة وسحر جمالها، بتعدّد الألوان ودرجة حرارة أقل من المحيط بمعدل سبع درجات، بفعل رطوبة الصخر وظلاله.

وعند المقاطع الصعبة، أقامت المحمية أدراجًا وسقالات خشبية لتسهيل عملية الصعود، الذي يفضي في نهايته إلى مشهد بانورامي آية في الروعة والجمال.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :