*الأردن .. صخرةُ السلام في بحرٍ من العواصف
إسراء خالد بني ياسين
17-06-2025 05:16 PM
على منصة البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، حيث تتلاقى حضارات الشرق والغرب، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني كقائدٍ حكيمٍ وسفيرٍ للسلام، حاملاً رسالة الأردن العريقة إلى العالم. لم تكن كلماته مجرد خطابٍ دبلوماسيٍ تقليدي، بل كانت بمثابة إعلانٍ تاريخيٍ واضحٍ كالمرآة المصقولة: الأردن أرض السلام لن تتحول إلى ساحة حرب، ولن تدفع ثمن صراعاتٍ ليست من صنع أبنائها.
جاءت كلمات جلالته كالنور الساطع في ظلام الاضطرابات الإقليمية، وكالبلسم الشافي لجروح أمةٍ أنهكها التطرف والصراعات. بينما تشتعل الحرائق على حدود المملكة من كل صوبٍ وحدب، يظل الأردن - بحنكة قيادته الهاشمية ووعي شعبه الأصيل - واحةَ أمانٍ ومنارةَ استقرار في محيطٍ مضطرب.
هذا الموقف الملكي الشجاع ليس غريباً على الأردن، بل هو امتدادٌ لسياسةٍ خارجيةٍ ثابتةٍ كالجبال الرواسي، قوامها الحفاظ على الأمن القومي كخطٍ أحمر، والتمسك بالحياد الإيجابي، ورفض الانجرار إلى متاهات الصراعات بالوكالة. فالأردن الذي تحمل عبء اللجوء والنزاعات لعقود، يعرف جيداً ثمن السلام ويدرك أن الاستقرار ليس منةً من أحد، بل هو حقٌ كفله أبناء الوطن بدمائهم وتضحياتهم.
في خضم هذه العاصفة الإقليمية، يبرز الأردن كقلعةٍ منيعةٍ تحمي ترابه وسمائه، وكصوتٍ عاقلٍ ينادي بالحلول السياسية والحوار بدلاً من لغة السلاح والدمار. هذه ليست شعاراتٍ جوفاء، بل مبادئٌ تنبض في قلب كل أردني، من شمال المملكة إلى جنوبها، يؤمنون بأن أرضهم ليست سلعةً في سوق النزاعات، ولا رهينةً في حسابات القوى الكبرى.
وما أقسى أن تدفع المملكة ثمناً باهظاً لأزماتٍ لم تسببها، لكن إرادة القيادة الهاشمية وشعبها الأبي أقوى من كل التحديات. فكما حوّل الأجداد الصحراء إلى جنةٍ خضراء، سيحفظ الأحفاد هذا الوطن غالياً، صامداً في وجه العواصف، شامخاً كجرش الأزلية، عزيزاً كقلعة الكرك الشماء. الأردن باقٍ بقاء الجبال، وسيظل كما أراده قائده: واحة أمانٍ في صحراء الصراعات، ومنارة حكمةٍ في ظلام الفوضى.