facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أكثر من خطاب


د. أشرف الراعي
19-06-2025 11:31 AM

منذ اشتعال الحرب بين إيران وإسرائيل غابت غزة عن شاشات التلفزة والعالم، والواضح أن الإعلام العربي عموماً يشهد تراجعاً في بث الأخبار المتعلقة بهذه المنطقة المنكوبة من العالم، لكن الخطاب الملكي جاء مذكراً بها.. إنسانياً يتحدث بالواقع الذي يعيشه أهل القطاع، وعالياً؛ كما كان صوت الأردن دوماً عالياً في الدفاع عن الإنسانية والحق وكرامة الشعوب وخيرها والداعية إلى السلام.

خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أمام البرلمان الأوروبي كان أكثر من خطاب.. كان بمثابة هزة لضمير الإنسانية ودعوة للصحوة العالمية بأن الحلول القائمة على الإنسانية والبعيدة عن الحروب واستنزاف الدماء هي التي تعيش وهي التي تريدها الشعوب وهي التي يمكن أن تحقق للعالم ما يرنو إليه من سلم وأمن عالميين وأن احتكار إسرائيل وإيران لأسلحة الدمار الشامل يمكن أن يؤدي في يوم من الأيام إلى تقويض النظام العالمي وجره إلى منطقة اللا عودة، ليصبح كل ما يجري مخالفاً للقواعد القانونية التي استقرت عليها الدول لفترات طويلة وأرست قواعد القانون الدولي الذي بات شماعة لتعليق الأخطاء الدولية.

لقد حمل خطاب جلالة الملك في ثناياه موقفا ثابتا لم يتغير منذ تأسيس الدولة الأردنية التي قامت على أن العدل هو الأساس لأي سلام وأن الكيل "العالمي" بمكيالين لن ينتج إلا مزيدا من الظلم والاضطراب، وعندما تحدّث جلالته عن غزة، لم يكن يوجه كلماته إلى قاعة البرلمان الأوروبي فقط، بل كان يخاطب الضمير الإنساني في كل مكان، محذرا من أن تجاهل هذه المأساة الإنسانية لا يعني انتهاءها بل يعني انتقالها لأجيال من الأطفال الذي يمكن أن يكبروا على واقع سيء من الألم والمعاناة.

إن هذا الخطاب لم يكن ينتمي لخانة "الدبلوماسية التقليدية"، بل هو رد أخلاقي وسياسي راق يسجل لبلدنا في وقت تتراجع فيه الأصوات ويعلو صوت السلاح وتتناثر الأشلاء والدماء، وهذا هو إرث بلدنا الأخلاقي الذي كان وما يزال وسيبقى سنداً وداعماً لقضايا الحق والإنسانية والكرامة والعدالة والحرية والسلام.

إن ما يُميز هذا الخطاب أنه لم يكن دفاعا عن غزة فقط، بل عن القيم التي تتآكل يوما بعد يوم في النظام الدولي؛ فقد جاء تذكير جلالة الملك بأن الإنسانية كل متكامل لا يجزأ وأن ما يرتكب في غزة من فظائع لا يمكن التغاضي عنها وبذلك أعاد جلالته توجيه البوصلة نحو جوهر الصراع والحل الحقيقي في تكريس العدالة والكرامة وأحقية الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرض بلاده.

إنه أكثر من خطاب لأنه انتصر للمدنيين في زمن طغت فيه لغة التجاهل الدولي وذكر أن السلام الحقيقي لا يكون بفرض الوقائع على الأرض بل بصناعة أمل جديد يستند إلى العدالة وحق تقرير المصير، حتى بدا واضحا ان الرسالة الأردنية كانت متقدمة على كثير من المواقف وجاءت في وقت بدأت فيه شعوب العالم تُدرك أن الصمت لم يعُد مقبولا وأن دور المؤسسات الدولية بات على المحك وأن المنادين بالحرية في مكان لا يمكنهم الصمت عن قمعها في مكان آخر.

ولعل الأهم في كل ذلك، أن الخطاب لم يكتفِ بإدانة الواقع، بل دعا إلى تغييره، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والسياسية... إنها دعوة ملكية هاشمية أردنية صادقة إلى أنسنة السياسة وإعادة تعريف "الأمن" بوصفه أمنا جماعيا لا يُبنى على حساب شعب آخر.

لقد كتب جلالة الملك، بكلماته ووقوفه الصلب سطورا جديدة في سجل المواقف النبيلة ليبقى الأردن رغم التحديات في مقدمة المدافعين عن الحق والحرية والعدالة وعن العالم الذي يجب أن يكون أكثر عدلاً وإنصافاً وأقل موتاً ودماراً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :