حين يصبح "التغريد" قراراً عالمياً .. ترامب يقود العالم من هاتفه
ملاك الكوري
25-06-2025 10:17 AM
لم يعد "تويتر" مجرد منصة للتواصل الاجتماعي أو نافذة يعبر من خلالها المشاهير عن أفكارهم العابرة، بل تحوّل بفضل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منصة رسمية لإصدار القرارات الدولية، وإعلان السياسات، وحتى توجيه رسائل إلى الحكومات والشعوب.
فهل دخلنا عصراً جديداً تُكتب فيه أوامر القيادة العظمى في 280 حرفاً؟ وما الرسالة الخفية وراء هذه الاستراتيجية غير المسبوقة؟
من "ترند" إلى قرار دولي: تويتر كميدان للسلطة
عندما يغرد ترامب، يرتجف العالم. تصريحاته على المنصة الزرقاء لم تعد مجرد آراء شخصية، بل تحولت إلى وثائق سياسية تُحلّل في أروقة الأمم المتحدة، وتُترجم فوراً إلى جميع اللغات، وتُدرّس في كبرى الجامعات كظاهرة تواصلية غير مسبوقة.
ففي عصر السرعة، لم يعد هناك وقت للبيانات الرسمية المطولة أو المؤتمرات الصحفية التقليدية.
القرار الآن يجب أن يكون "فورياً
"صادماً"، وقابلا للانتشار مثل الفيروسات!
من فرض العقوبات على دول، إلى إقالة وزراء، إلى تهديد خصومه بالحرب التجارية، أصبح تويتر سلاح ترامب المفضل. فما الذي يجعله يفضل هذه الوسيلة على القنوات الدبلوماسية المعتادة؟
الرسالة بين السطور: تفكيك البيروقراطية أم تفجير المشهد السياسي؟
وراء كل تغريدة إستراتيجية مُحكمة اهمها
السيطرة على السردية الإعلام بتجاوز الصحافة التقليدية ووسائل الإعلام "غير الودودة"، يضمن ترامب أن رسالته تصل مباشرةً إلى الملايين دون تحريف أو تفسير.
و منها صناعة الصدمة فالتغريدات المفاجئة تُبقي العالم في حالة ترقّب، مما يعزز فكرة أن القوة لم تعد في المؤسسات، بل في يد القائد الذي يحرك الأحداث بإصبع واحد.
و ايضا تسييس الجماهير و تحويل السياسة إلى "ترند" يجعل المواطن العادي جزءاً من اللعبة، وكأنه يشهد صناعة التاريخ لحظة بلحظة.
لكن هل هذا النموذج قابل للتكرار؟ وهل سنرى قادة العالم مستقبلاً يعلنون الحروب عبر "الستوريز"، أو يوقّعون الاتفاقيات الدولية بـ"إيموجي"؟
تويتر.. منصة القيادة العالمية الجديدة؟
إذا كان القرن العشرين قد شهد صراعاً بين الأيديولوجيات عبر الخطابات الرنانة والوثائق الرسمية، فإن القرن الحادي والعشرين يشهد تحولاً جذرياً: "الحرب الهشة" التي تُخاض بالكلمات الموجزة، والمتابعين، وعدد الإعجابات. ترامب لم يغيّر فقط طريقة تواصل الرؤساء، بل أعاد تعريف مفهوم القيادة نفسها في عصر السوشيال ميديا.
السؤال الآن: هل نحن أمام نموذج ديمقراطي جديد يجعل السياسة في متناول الجميع؟ أم أن العالم أصبح أسيراً لقرارات تُتخذ في لحظة غضب أو حماس، دون دراسة أو تمحيص؟
و اخيرا سواءً رأينا في تغريدات ترامب انتهاكاً لبروتوكولات الحكم، أو تجديداً جريئاً للخطاب السياسي، فالحقيقة التي لا مفر منها هي أن "تويتر" لم يعد مجرد منصة، بل أصبح وثيقة تاريخية حية.
فهل نقرأ؟ أم نغرد؟ أم نستعد لعالم تُكتب فيه مصائر الأمم بين سطور "التايمز" القديم و"التابلوييد" الجديد؟