facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل امتحان الثانوية العامة بصيغته الحالية يواكب متطلبات وظائف المستقبل؟


م. هاني محمود البطش
28-06-2025 11:33 AM

في خضم التحولات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم، وتحوّل الاقتصادات نحو الرقمنة والذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال جوهري لدى التربويين وصنّاع القرار: هل ما زال امتحان الثانوية العامة (التوجيهي)، بصيغته التقليدية، مناسبًا لإعداد الأجيال القادمة لوظائف المستقبل؟

أولًا: نظام تقليدي في عالم متغير

يُعد امتحان الثانوية العامة في معظم الدول العربية، ومنها الأردن، المحطة الحاسمة التي تحدد المسار الجامعي والمهني للطالب. إلا أن هذا النظام التقييمي، الذي ما زال قائمًا على الاختبارات الورقية الموحدة، يركّز في الغالب على قياس المهارات المعرفية الدنيا مثل الحفظ والاسترجاع، ويغفل المهارات الأكثر طلبًا في سوق العمل المستقبلي.
في المقابل، تسير وظائف المستقبل في اتجاه مغاير تمامًا، إذ تتطلب قدرة على التفكير النقدي، حل المشكلات المعقدة، الإبداع، المهارات الرقمية، العمل الجماعي، والمرونة العالية. ومع صعود وظائف جديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، الأمن السيبراني، وتقنيات البلوك تشين، بات من الواضح أن مخرجات التعليم التقليدي لم تعد كافية.

ثانيًا: الفجوة بين المخرجات التعليمية وسوق العمل

تشير دراسات مثل تقرير “مستقبل الوظائف” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن أكثر من 50% من مهارات القوى العاملة ستتغير بحلول عام 2030. وفي حين تتهيأ الاقتصادات المتقدمة لإعادة هيكلة نظمها التعليمية بما يتماشى مع هذه التحولات، ما زالت الكثير من أنظمتنا التعليمية تدور في فلك نماذج القرن العشرين.
امتحان الثانوية العامة، بوضعه الحالي، لا يقيس مهارات مثل:
● البرمجة والتفكير الحاسوبي

● التواصل الرقمي والتعاون الافتراضي

● ريادة الأعمال والذكاء العاطفي

● المرونة والتعلم المستمر

هذه المهارات تُعتبر الآن جوهرية للنجاح المهني في عصر الذكاء الاصطناعي، ولا يمكن اكتسابها أو تقييمها من خلال امتحان نهائي واحد، يُقدَّم في ظروف ضاغطة، ويعتمد على نماذج تقليدية في القياس.
ثالثًا: نحو نموذج بديل للتقييم
إصلاح امتحان الثانوية العامة لا يعني إلغاؤه بالضرورة، بل إعادة تصميمه جذريًا ليصبح أداة لقياس الجاهزية المستقبلية للطلبة، لا مجرد أداة لتصنيفهم أكاديميًا. ويمكن أن يشمل هذا الإصلاح:
● إدماج التقييم المستمر والمشاريع التطبيقية ضمن العلامة النهائية.

● استخدام ملفات الإنجاز الرقمية (Digital Portfolios) لعرض مهارات الطلبة وإبداعاتهم.

● تنويع أدوات القياس لتشمل عروضًا تقديمية، دراسات حالة، تجارب ميدانية، وغيرها.

● تبني مسارات تعليمية مرنة تسمح بالتخصص المبكر في مجالات تقنية أو تطبيقية.

رابعًا: التوصيات الإستراتيجية
لضمان مواءمة نظام الثانوية العامة مع متطلبات سوق العمل المستقبلي، نقترح ما يلي:
1. إعادة تعريف النجاح الأكاديمي ليشمل الكفاءات الشخصية والتقنية، لا الدرجات فقط.

2. إشراك القطاع الخاص والتقنيين في تصميم المناهج والتقييمات لضمان ارتباط التعليم بالواقع المهني.

3. تضمين مفاهيم الذكاء الاصطناعي، الحوسبة، وريادة الأعمال في المرحلة الثانوية.

4. تدريب المعلمين على مهارات المستقبل وأساليب التقييم غير التقليدية.

5. تجريب نماذج بديلة في مناطق أو مدارس نموذجية، ثم تعميمها تدريجيًا على النظام التعليمي بأكمله.

لا يمكن أن يكون امتحان الثانوية العامة مجرد روتين تقليدي في زمن يتطلب الابتكار والتجديد. وإذا أردنا بالفعل إعداد جيل قادر على المنافسة، وقيادة اقتصاد المعرفة، وتحقيق التحول الرقمي المنشود، فعلينا البدء بإصلاح جريء وشامل لنظم التقييم، ليصبح التعليم استثمارًا في المستقبل، لا عبئًا على الحاضر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :