المخدرات باب البلطجة والاتاوات
النائب السابق فيصل الاعور
04-07-2025 03:21 PM
العلاقة بين أبناء الوطن تستند إلى منظومة متكاملة من القوانين والأنظمة التي تفرض هيبة الدولة وسلامة الأفراد والممتلكات.
خروج البعض عن قواعد الانضباط والتوجه نحو أعمال العنف والبلطجة يشكل تماديًا واستقواءً على سلامة المجتمع وأمنه، وهو تحدٍ لحالة الاتزان وسيادة القانون التي ينعم بها الوطن وأبناؤه.
تتميز الحياة الاجتماعية في الأردن بثقافة مجتمعية واعية تدرك أن العلاقة التي تحكم حاجات المجتمع ومصالحه هي احترام الإنسان واحترام القانون واحترام السلطة كسبيل نحو مجتمع آمن ومستقر، وإغفال أي جانب من هذه الجوانب سيؤدي إلى خلل مباشر في البيئة الآمنة، وحالة واحدة من الاعتداء على المواطنين كفيلة بتحريك سلطات الدولة والأجهزة الأمنية، وهو أمر إيجابي يترك في النفس ارتياحًا عامًا لأننا ندرك -والحالة هذه- أن الخطأ الجسيم يقع تحت الرقابة الأمنية والمجتمعية.
ما وقع مؤخرًا من حدث مؤسف وجريمة قتل للشاب عبادة في وادي السير يدق ناقوس الخطر ويؤشر اتجاه الآثار المتوقعة التي تحملها لنا آفة المخدرات، والتي بدأت تظهر في شكل سلوك خارج عن المألوف.
لقد حان الوقت لينْهض الوطن وأبناؤه في مواجهة جادة وحقيقية ضد سموم المخدرات من خلال مؤسسات المجتمع المدني والمواقع الإعلامية والمؤسسات التعليمية للوقوف صفًا واحدًا في مواجهة نفوس الشر وعناصر السوء.
تُواجه محكمة أمن الدولة سنويًا عشرات الآلاف من قضايا المخدرات بموجب تشريعات لا ترقى إلى مستوى الردع والإصلاح، وخاصة جنحة التعاطي التي تشكل الخطوة الأولى لإنتاج وحوش بشرية تنهش المجتمع وتدمر بنيانه.
لقد أصبح من الضروري تشكيل لجنة وطنية لصياغة قرارات هامة تضع حلولًا فورية لمتعاطي المخدرات، وإنشاء صندوق وطني يساهم في إقامة المزيد من المراكز العلاجية، ووضع برامج تضمن إقبال المتعاطين على العلاج، وتأمين أسرة المتعاطي بالاحتياجات المطلوبة لحين علاج رب الأسرة، وكذلك الجمع بين العلاج والتدريب المهني لكي نضمن خروج المتعاطي إلى المجتمع متعافيًا جسديًا ومحصنًا بمهنة يستطيع من خلالها تأمين حاجاته اليومية وحاجة أسرته.
تشكل المخدرات الخطر الأكبر على السلم المجتمعي، وهي السبب الرئيسي في نشوء ظاهرة الإتاوات التي نخشى من انتشارها مع تفشي المخدرات؛ ولكونها تتلازم معها وترتبط بها، ودليل ذلك أن عموم المتورطين في البلطجة والإتاوات لديهم سجل حافل بالمخدرات، مما يتوجب علاج السبب للوصول إلى الهدف.
لقد أدركنا خطر الحروب وما تهدده من خسائر في الأرواح والمعدات، ونرصد لأجلها مليارات الدولارات لتحصين المجتمع وضمان أمنه، وعلينا أن ندرك أيضًا أن المخدرات هي مسيّرات محملة بالمواد المتفجرة لنسف المجتمع والقضاء على الأرواح والممتلكات، وعلينا أن نرصد لها الأموال والبرامج لضبط هذا الخطر الذي يهدد أمن الوطن وأمن مواطنيه.
على السلطة التشريعية أن تعمل فورًا على تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، وأن تُغلِّظ العقوبة على جنحة التعاطي لتكون من فئة الجناية، وأن تتعامل مع المتعاطي باعتباره مجرمًا وليس ضحية، فمن يقبل لنفسه تعاطي السموم سيهون عليه وطنه وأبناء وطنه، مع ضرورة ربط المتعاطي بعلاج إجباري وإخضاعه لفحوصات دورية، فإن عاد إلى جرمه يعاقب مجددًا بعقوبة التكرار، وضرورة إخضاع قوائم المتعاطين سابقًا لدراسة اجتماعية وصحية تضمن سلامة المجتمع والتخلص من تهديد خطير لعموم أبناء الوطن.