مثلت الندوة التي عقدتها الجامعة مؤخراً حول ابعاد الخطاب الملكي في البرلمان الاوروبي أطاراً متقدماَ ونوعي في تناول هذا الخطاب وابراز مضامينه وحيثياته فضلاً عن الظروف والاحوال الاقليمية التي احاطت بهذا الخطاب والتي لا تقتصر على ما يجري حالياً بل السياقات السابقة وما صاحبها من رؤى ملكية أردنية ، فمن البديهي ان لا يختلف أحد أن ما تشهده المنطقة وما شهدته منذ السابع من تشرين الاول اكتوبر 2023م لم يكن وليد لحظته بل كان عنوان ما جرى ويجري هو انسداد أفق السلام العادل الذي يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي كان ثمرته الرئيسية فقدان الأمل الحقيقي في السلام الحقيقي لدى شعوب المنطقة كافة ، فالسلام الحقيقي ما تتفوه به وتقره الشعوب لا ما تظهره شاشات التلفزة من مجاملات دبلوماسية لا ترقى للواقع الحقيقي بشيء.

استطاع القائمون على إقامة الندوة من اساتذة متمرسون في علم العلاقات الدولية والاعلام في الجامعة الهاشمية وباتفاق كل من حضر الفعالية تقديم رؤية متقدمة في تناول الخطاب الملكي وابراز اهميته والذي ياتي في لحظة مصيرية تسودها احداث لا تلقي بظلالها على الاردن والاقليم فحسب بل يتعداه الى العالم وبالذات الجار الأوروبي الذي يمثل برلمانه تمثيلاً لشعوب القارة العجوز المختلفة ، فالملك بخطابه امام هذا البرلمان لم ينقل هموم وتطلعات شعوب الشرق الاوسط فحسب بل وضع البرلمان وصانع القرار الاوروبي امام مسؤولياتهم ليست الاخلاقية العالمية فحسب بل وامام مواطنيهم وناخبيهم ، فالوقائع السابقة تشير بصراحة أن اوروبا ليست بمأمن عما يجري من نيران في شرق المتوسط.

يحسب للندوة قدرتها على تجاوز الاسلوب التوصيفي للخطاب الملكي الى البعد التحليلي العميق والسهل الوصول للسامع في نفس الوقت وذلك من خلال استقطاب متحدثين ذوي خبرة علمية وعملية مباشرة في الإعلام الوطني والأوروبي والقانون والعلاقات الدولية ، فتميز الندوة وغيرها من الفعاليات "الهاشمية" هو ما اشار اليه رئيس الجامعة الدكتور خالد الحياري بكلمته الافتتاحية والترحيبية في بداية الندوة من كون الجامعة تلتزم بدورها في مواكبة الخطاب الوطني وترجمته إلى واقع معرفي وثقافي يسهم في بناء المجتمع ويعزز من مكانة الأردن في المحافل الدولية.

الندوة بمحاورها النوعية في تناول الخطاب الملكي كانت بمثابة البعد عن التناول التقليدي بل الانتقال الى خارج الصندوق في القراءة الشاملة المستفيضة للحدث ، فكان الحديث عن هذه محاور الندوة وربطها بخطابات سابقة للملك في البرلمان الاوروبي وإبراز تعاطي الاعلام الاوروبي مع هذه الخطابات فضلاً عن بيان المضامين الاخلاقية والقانونية فكان التأسيس هنا لمرحلة جديدة عنوانها التحليل الوافي لمضامين الخطاب الملكي وربطها بما يجري على ارض الواقع بكافة المجالات في ظل الرؤية الأردنية المؤكدة ان السلام العادل الحقيقي هو الوصفة الحقيقية الناجعة لمشاكل المنطقة .

وختاماً فالندوة التي ادارها بمهارة الاساتذة الدكتور جمال الشلبي والدكتور عطا الله السرحان اصابت الهدف وبتميز ، هذه العبارة كانت القاسم المشترك لاحاديث الحضور الجانبية التي اعقبتها ، والندوة تضاف بلا شك لنجاحات الجامعة الهاشمية في تناول المواضيع الوطنية والعالمية في كافة العلوم والمضامين والمجالات وابرازها الابراز الذي يليق بأهميتها للمهتم والمواطن والدارس الاردني والدولي بشكل عام .