facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بلدياتنا اليوم أمام لحظة حاسمة


د. أحمد غندور القرعان
07-07-2025 09:14 PM

قرار حل المجالس وتعيين مجالس مؤقتة أثار كثيرًا من الجدل، وتعددت التعليقات بين من رأى الخطوة ضرورية لتصحيح مسار، ومن اعتبرها تراجعًا عن الخيار الديمقراطي. الناس انشغلت بالأسماء وبالمحاصصة، والبعض بدأ يعد العدة للانتخابات المقبلة وكأننا نعيد تدوير نفس المشهد دون مراجعة أو تغيير.

لكن القضية أبعد من ذلك. البلدية ليست مجرد مجلس منتخب. هي مؤسسة خدمية وتنموية يجب أن تملك رؤية، أدوات، وصلاحيات حقيقية. ما نراه في أغلب بلديات الأردن هو غياب للتخطيط، اعتماد شبه كلي على المركز، ميزانيات مستنزفة في الرواتب، وجهاز إداري يفتقر للكفاءة. الحديث عن التنمية لا يتجاوز الشعارات. الشوارع محفورة، الإنارة معدومة، والنفايات تُكدّس بلا حلول.

عندما تعيش في دول مثل نيوزيلندا، تكتشف أن البلديات هناك لا تعرف هذا التردي. قرى صغيرة ومجالس محلية نائية تُدار بمهنية وكفاءة تضاهي ما يُدار في المدن الكبرى. ترى الأرصفة نظيفة، الأشجار مزروعة بانتظام، المرافق العامة منظمة، وتوزيع الخدمات مدروس. لا يحتاج المجلس هناك أن يطلب الإذن لتعبيد طريق، ولا ينتظر تحويلًا من الوزارة المركزية ليبني حديقة أو يصلح خط مياه.

المجالس المحلية في نيوزيلندا تُنتخب على أساس البرامج، وتنشر موازناتها، وتدير مشاريعها بتمويل ذاتي يعتمد على رسوم محلية واستثمارات ذكية. الجمال هناك ليس ترفًا، بل سياسة. كل مدينة، مهما صغرت، تعمل على تنظيم مساحاتها، تنسيق أبنيتها، زراعة أشجارها، وتوفير بيئة حضارية. هذه البيئة لا تخدم السكان فقط، بل تجذب الزوار وتنعش الاقتصاد المحلي.

في المقابل، تعود إلى بلدتك — الطيبة — وتُفاجأ أن المدينة التي كانت في بدايات القرن الماضي تضاهي إربد بعدد السكان، ما زالت تعاني من غياب المشاريع والتنظيم. مستثمرون هجروها، والشباب يبحثون عن فرص خارجها. لا حدائق، لا مطاعم عائلية، لا أماكن استجمام. رغم أن الطيبة صغيرة، مترابطة، وتملك من المقومات ما يجعلها قصة نجاح محلية، إلا أن غياب الرؤية والخطط أبقاها في حالة انتظار دائم.

الطيبة ليست طارئة على التاريخ. اسمها القديم عفرا، وهي من أقدم البلدات في شمال الأردن، لكنك لا تجد معلمًا واحدًا يدل على هذا الامتداد. لا شجرة معمّرة، لا موقع أثري مهيأ، لا لوحة تُعرّف الزائر بها. أما أقل ما يمكن فعله، فهو التحضير الجاد لمساحات خضراء، وزراعة الأشجار، وتجميل المداخل والمرافق.

من يرى في نفسه القدرة على تحويل الطيبة إلى نموذج للجمال والتنظيم والاستثمار، فليتقدّم. لن تُبنى المدن بالكلام، بل بالجهد والخطة والإرادة.

الناس تشتاق، لكنها تصطدم بالواقع. تُسأل عند عودتها: "شو رجعك لهون؟"، وكأن المدينة فقدت قدرتها على الاحتضان. لكن الحقيقة أن الفرصة لا تزال موجودة. اللواء يملك من المقومات ما يكفي لبناء نموذج بلدي ناجح، لو وُجد القرار والتخطيط والرغبة الصادقة في النهوض.

اليوم، نحن بحاجة إلى أن نسأل أنفسنا بصدق: هل نريد بلدية لتُصلح شارعًا، أم بلدية تُدير مدن اللواء؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :