فساد الانا النرجسي: نموذج مشين من تقويض الجهود الجماعية
د. هيفاء ابوغزالة
16-07-2025 03:16 PM
في عالم مليء بالتحديات، تبرز الحاجة الملحة إلى استراتيجيات فعالة تهدف إلى بناء مستقبل أفضل للشباب وضمان أمنهم.
لقد عملت جامعة الدول العربية جاهدة على إعداد استراتيجية إقليمية تهدف الى إنشاء شبكة تضم الشباب، بدعم من وزارات الشباب، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية في مجال الامن والسلام ولكن للاسف كما هو الحال في بعض الاحيان، تظهر في الأفق نذر فساد الانا النرجسية التي تعيق هذه الجهود.
نموذج الفساد النرجسي الذي نتحدث عنه يتجلى في تدخل أحد المسؤولين عن ملف الشباب من أحد الدول، الذي اتخذ من موقعه حجة لتقويض هذه الجهود الجماعية، ساعيًا لمصادرة عمل الآخرين ليتوج نفسه على رأس قائمة المعدين لها دون أي مساهمة حقيقية من قبله لافتقاره بالمقومات الأساسية لهذا العمل المهني المتميز.
إن هذا السلوك يُظهر بوضوح مدى الانحدار الذي وصل إليه بعض القيمين على هذه الملفات، حيث يبدو أن الأنا الشخصية تتفوق على المصلحة العامة.
إن المسؤول، الذي يفترض به أن يكون حاميًا لرؤية الشباب وامانيهم، يتحول إلى عائق رئيسي أمام تحقيق الأهداف لهذه الاستراتيجية. فهذا ليس مجرد فعل فردي، بل هو تعبير صريح عن أزمة أعمق ترتبط بفقدان القيم والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن تسود في العمل الإداري والمهني.
فبدلاً من أن يشكل هذا المسؤول قدوة للمؤسسات التي يمثلها، تحول إلى مثال يُجسد الفساد الشخصي والمهني والتلاعب بالامانة التي كلف بها عند تسليمه الملف.. إن محاولة هذه الاشكال النرجسية لعزل جهود الآخرين ومنعهم من النجاح تُظهر ضعفًا في القيادة ورغبة غير مبررة في السيطرة. وهذا الأمر يدعونا جميعًا إلى التفكير مليًا: كيف يمكن لمجتمع صغير أو دولة أن ترقى إذا كانت بعض القيادات تُسيرها الأطماع الشخصية والمصالح الفردية؟
نحن بحاجة ماسة إلى عمليات إصلاح حقيقية وشجاعة للتصدي لمثل هذه الظواهر. يجب أن تكون هناك آليات واضحة للتحقق من حسن النية وتقدير الجهود الحقيقية، وأن تُشدد العقوبات على كل من يسعى للعبث بالمصالح العامة.
إن التأكيد على قيم الشفافية والنزاهة ليس كافيًا، بل ينبغي أن يكون جزءًا أساسيًا من ثقافة المؤسسات. يجب علينا جميعًا، سواء كأفراد أو كأعضاء في هيئات حكومية أو غير حكومية، أن نقف في وجه الفساد الشخصي ، وأن نكون صوتًا للحق. في النهاية، لا يمكن بناء مستقبل مستدام للشباب ما لم يتم القضاء على الفساد في جميع صوره وأشكاله.
وفي ختام هذه الكلمات، أؤكد مجددًا أن مسؤوليتنا تجاه الأجيال القادمة تفرض علينا مواجهة الفساد أيا كان ومكافحته بكل صلابة. إن الشباب هم عماد المستقبل، ويجب أن تُعطى لهم فرصة فعالة لتحقيق أحلامهم بعيدًا عن عبث الفاسدين.