سيناريوهات الجنوب السوري: بين دروز السويداء ومخاطر التمدد الإسرائيلي
د. حمزة الشيخ حسين
18-07-2025 12:03 PM
في خضم التغيرات المتسارعة على الساحة السورية، يعود الجنوب السوري إلى واجهة المشهد مجددًا، لا عبر عمليات عسكرية داخلية أو تفاهمات دولية، بل من خلال ما يتردد عن تحركات درزية منفصلة في السويداء، يُقال إنها تمهد لاستدعاء تدخل عسكري إسرائيلي بذريعة “الحماية الطائفية”.
ورغم أن مثل هذه الأنباء لا تزال محل جدل وتحليل، فإن مجرد تداولها يعكس هشاشة الوضع السوري وتفتت السيادة، ويفتح الباب أمام احتمالات خطيرة، أخطرها: أن تتحول المسألة من “صراع أهلي” إلى مشروع تقسيم فعلي ترعاه تل أبيب، ويمتد ليطال أجزاء جديدة من الجغرافيا السورية، بتواطؤ دولي أو صمت عربي.
الطائفية.. مدخل التدخلات الأجنبية
التاريخ يُعلمنا أن الطائفية ليست هوية، بل أداة. وكلما استُحضرت لحشد جماعة أو تبرير تحرك انفصالي، كانت القوى الاستعمارية أول المستفيدين. ما يُحكى عن دعوات درزية للتدخل الإسرائيلي، إن صحّ، لا يمكن عزله عن ممارسات الاحتلال المستمرة في الجولان، ولا عن عقيدة “حماية الأقليات” التي طالما استخدمها الغرب لتبرير تقسيم الشرق.
لكن الأخطر أن هذا السيناريو – لو تطور – قد يفتح أبوابًا لمخططات شبيهة في مناطق سورية أخرى، وربما في دول مجاورة، مما يُحوّل الطوائف إلى جزر منعزلة متصارعة، ويُجهز على ما تبقى من هوية وطنية جامعة.
الجيش الإسرائيلي وتوقيت التمدد
إسرائيل لا تتحرك عشوائيًا. كل تدخلاتها محسوبة. وإن كان الجنوب السوري يعاني من ضعف المركز وغياب التنمية وتفكك السلطات، فإن أي اختراق عسكري – حتى لو بدأ بعبور “عائلات درزية إسرائيلية” عبر السياج – سيكون مدروسًا بعناية، ويخدم رؤية أمنية استراتيجية تتجاوز السويداء إلى ما هو أوسع: النفوذ في عمق الدولة السورية، وربما في مستقبل حدودها.
الدول العربية.. بين الصمت والعجز
المحزن في المشهد أن الجيوش العربية تراقب بصمت، وكأن ما يحدث شأن داخلي سوري. لكن التاريخ القريب علمنا أن المسألة لن تبقى محصورة في السويداء. فالتقسيم، إن بدأ، لن يعرف حدودًا، وسيطال الجميع، مهما ظنّوا أنفسهم بمنأى.
على الدول العربية أن تدرك أن المشروع الاسرائيلي لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يسعى لتفكيك كل ما هو عربي، طائفيًا وجغرافيًا. وما يجري في السويداء اليوم قد يتكرر غدًا في أماكن أخرى، بأسماء طوائف مختلفة..