* السياحة الذكية هي الطريق نحو الريادة الإقليمية

في عصرٍ تتسابق فيه الدول لتبني الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء بهدف إعادة تشكيل تجربة السائح، يبرز أمام الأردن خيار استراتيجي لا يحتمل التأجيل: تحويل ثروته السياحية إلى تجربة ذكية، قائمة على التكنولوجيا، دون التخلي عن هويته الثقافية العريقة وعمقه التاريخي الأصيل.

الأردن، بثرواته الطبيعية والتاريخية الاستثنائية، يمتلك كافة المقومات ليكون لاعبًا إقليميًا رائدًا في السياحة الذكية. من البتراء – إحدى عجائب الدنيا السبع – إلى وادي رم بصحرائه الخلابة، والعقبة بمياهها الدافئة، وعجلون بغاباتها، وجرش بآثارها الرومانية، وصولًا إلى السلط، المدينة المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو… كلها روافد قادرة على أن تتحول إلى وجهات ذكية تتخطى حدود الأسواق التقليدية.

الذكاء الاصطناعي: أداة استراتيجية للسياحة الأردنية

فيما يلي مجموعة من السيناريوهات القابلة للتنفيذ والتي يمكن أن تقود نهضة سياحية رقمية في الأردن:

1. مرشد رقمي ذكي للسياح

تطبيقات قائمة على الذكاء الاصطناعي تقدّم معلومات تفاعلية مخصصة لكل زائر، تُبنى على اهتماماته الشخصية. مغامر يبحث عن الإثارة؟ الذكاء الاصطناعي يوجهه نحو مغامرات وادي رم. مهتم بالتاريخ؟ تُنسج له جولات مخصصة في السلط والبلقاء.

2. تجارب غير تلامسية وخدمات فندقية ذكية

من لحظة دخول الفندق إلى تجربة المطعم والموقع الأثري، يمكن للتحول الرقمي أن يضمن الراحة والخصوصية للسائح من خلال تقنيات الحجز الذكي، والخدمات الآلية غير التلامسية.

3. تسويق ذكي وتحليل فوري

خوارزميات ذكاء اصطناعي لتحليل بيانات السلوك السياحي عالميًا، تتيح للأردن استهداف أسواق واعدة بدقة. البتراء، وجرش، وأربد وعجلون يمكن أن تصبح وجهات مفضلة لشرائح جديدة من السياح لم يتم الوصول إليهم من قبل.

4. إدارة الحشود والسلامة

في مواقع حساسة كالبتراء، وجرش، والعقبة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث فرقًا جذريًا في تجربة الزائر من خلال تنظيم الحشود وضمان السلامة، دون أن يشعر الزائر بأي تدخل.

5. السياحة البيئية والريفية الذكية

تقنيات الذكاء الاصطناعي تتيح تصميم مسارات سياحية مستدامة في القرى الأردنية كعجلون والكرك والاغوار، ما يخلق فرصًا اقتصادية جديدة ويحافظ على التوازن البيئي.

ما الذي يحتاجه الأردن ليقود هذا التحول؟

• بنية تحتية رقمية متقدمة في المواقع السياحية

• شراكات استراتيجية بين القطاعين العام والخاص

• رؤية وطنية موحدة تدمج التكنولوجيا في الترويج السياحي

• مراكز ابتكار سياحي تحفّز الشباب الأردني ورواد الأعمال

التوصيات لصنّاع القرار

1. إنشاء تحالف وطني للسياحة الذكية يضم الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع التكنولوجي.

2. الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وربط المواقع السياحية بأنظمة ذكاء اصطناعي تفاعلية.

3. تحفيز الشركات الناشئة لتطوير حلول في مجالات السياحة البيئية، الفندقة الذكية، وإدارة الزوار.

4. تطوير برامج تسويق رقمي مدعومة بالبيانات لاستهداف شرائح سياحية جديدة ونوعية.

في النهاية، السياحة في الأردن لم تكن يومًا مجرد صناعة، بل بوابة إنسانية وثقافية للعالم. واليوم، ومع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبحت الفرصة مهيأة للأردن كي يصيغ نموذجًا سياحيًا إقليميًا متطورًا، يمزج بين عمق التاريخ وحداثة التكنولوجيا. الذكاء الاصطناعي لم يعد رفاهية في هذا القطاع، بل رافعة تنافسية قادرة على إعادة تموضع الأردن عالميًا على خارطة السياحة الذكية.