الإعلام الأردني .. التحديث المطلوب والمهمة الغائبة
د. أشرف الراعي
06-08-2025 11:04 PM
نحتاج إعلاماً أردنياً قادراً على صناعة الخبر، وتزويد المواطن بالأخبار التي تتعلق بالوطن والبلد والقيادة من دون اللجوء إلى وسائل إعلام معروفة الغايات والمقاصد.
ومع تزايد الحديث عن إعادة هيكلة الملف الإعلامي، نحتاج اليوم إلى إعلام مؤسسي أكثر من أي وقت مضى.. إعلام وصحافة قادرة على مجابهة كل حملات التشويه والتضليل التي تحاول أن تتطاول على صورة الأردن.. إعلام قادر على أن يكون في الواجهة، ويدافع عن الأردن لا أن يكون منشورات للعلاقات العامة والبيانات الرسمية الصادرة عن مؤسسات الدولة والتي لا تهم المتابع الخارجي، كما تتكرر في المشهد الإعلامي الداخلي بصورة مستفزة، وأن يكون قادراً كذلك على تزويد المواطن بالمعلومة الصحيحة الصادقة التي تشكل بالنسبة له مصدر ثقة لا مجال للنقاش فيها.
كما نحتاج إلى استراتيجية إعلامية واضحة المعالم تضع مخططاً طويل الأمد يمتد لسنوات.. يحدد المطلوب من الإعلام وأين أخفق وأين أصاب، مع مراجعة التشريعات الناظمة للعمل الصحافي والإعلامي، وتعزيز دور نقابة الصحفيين التي تعتبر بيت الخبرة المهنية الصحافية، من خلال تشريعات تواكب التطور والتقدم في المجال الإعلامي والصحافي، فليس من المعقول اليوم أن تكون القانونين الناظمة للعمل الصحافي قد شرعت قبل فترة طويلة تصل في بعضها إلى نحو 20 عاماً وأكثر!
التطورات التي حدثت في الملف الإعلامي كبيرة، وهي تحتاج وقفة جادة ومراجعة صارمة تعيد الاعتبار لدور الإعلام كسلطة رقابية رابعة، لا كمجرد ناقل للأخبار أو مكرر لما يُقال في المؤتمرات الصحافية؛ فالإعلام الحقيقي لا يُبنى على المجاملات ولا على "النسخ واللصق"، بل على المعلومة الموثوقة، والتحقيق المعمق، والتفاعل اليومي مع قضايا المواطن وهمومه، بعيداً عن الاصطفافات والمصالح الضيقة.
ومن الضروري أن يدرك صناع القرار أن الإعلام لم يعد مجرد ترف، بل هو حاجة وطنية وأمن وطني بامتياز، خاصة في ظل عالم رقمي مفتوح، تتسابق فيه المنصات ومواقع التواصل على كسب المتابعين، وغالباً ما تكون هذه المنصات مأخوذة بالسرعة لا بالدقة، وبالسبق لا بالمسؤولية، وهنا يأتي دور الإعلام الوطني المهني المسؤول في التصدي للشائعات، وتصحيح المفاهيم، وبناء الوعي الجمعي القائم على الثقة والمصداقية.
كما لا بد من الاستثمار في الكفاءات الإعلامية الأردنية الشابة، وتوفير بيئة حاضنة للإبداع الصحافي من خلال التدريب المستمر، وتوفير أدوات العمل الحديثة، ومنح الصحفيين الحماية المهنية والقانونية التي تمكنهم من أداء رسالتهم بحرية ومسؤولية؛ فالإعلامي الذي يشعر بالخوف من الملاحقة أو التضييق لن يستطيع أن يكتب بجرأة، ولن يُنتج محتوى مؤثراً، وستفقد المؤسسات الإعلامية قدرتها على التأثير في الرأي العام.
إننا بحاجة اليوم إلى ثورة إعلامية هادئة، تُعيد ترتيب الأولويات، وتعيد للإعلام الأردني هيبته، وتضعه في مكانه الطبيعي كرافعة وطنية تُسهم في حماية الأمن المجتمعي وتعزيز الانتماء والهوية الوطنية، وتُواكب طموحات الدولة الأردنية الحديثة التي تسير بخطى ثابتة نحو مئويتها الثانية.