حين يصبح العمل للمرأة أكثر من راتب… إنه هوية وكرامة
د. هيفاء ابوغزالة
14-08-2025 12:07 PM
في زمن تتسابق فيه النساء لاقتحام كل مجال مهني، يطل رأي مثير للجدل من شخصية سياسية بارزة، يرى أن من حق المرأة أن تقول “كفى” وتنسحب من مضمار الركض اليومي بين المكتب والمنزل، لتختار حياة هادئة بلا أوامر رئيس عمل ولا ضغط ساعات الدوام.
كان هذا الطرح عنوان نقاش طويل كشف عن جدل أعمق حول معنى الحرية الحقيقية للمرأة: هل تكمن في العمل والمنافسة، أم في التفرغ لحياتها الخاصة دون قيود مهنية؟ البعض يرى أن الاعتكاف عن العمل قد يكون رفاهية لا تتاح إلا لقلة، بينما آخرون يعتبرونه قرارا واعيا لحماية الصحة النفسية وإعادة التوازن للحياة.
لكن السؤال يبقى معلقا: هل يمكن أن يصبح هذا الخيار نمطا اجتماعيا مقبولا، أم أن ثقافة الإنجاز والعمل ستظل تحاصر المرأة حتى في بيتها؟ وبين القناعة والجدوى، يظل صوت المرأة هو الحاسم في تحديد أي طريق تختار، سواء كان مكتبا مزدحما بالملفات أو بيتا يغمره دفء الصمت.
في مواجهة الدعوات التي تشجع المرأة على الانسحاب من سوق العمل والاكتفاء بحياة هادئة في البيت، يبرز صوت آخر يؤمن بأن العمل ليس مجرد مصدر دخل، بل هو احتياج نفسي ووسيلة لإثبات الذات.
فالمرأة التي تعمل لا تحصد فقط مالا، بل تبني مكانة واحترامًا لنفسها، وتحقق إنجازات ترفع من شعورها بالقيمة والجدوى. إن ساعات العمل، رغم ضغطها، قد تمنحها شعورًا بالانتماء لمجتمع أكبر، وتفتح أمامها أبواب التأثير وصناعة القرار.
والابتعاد عن العمل، حتى لو كان مريحًا على المدى القصير، قد يترك فراغًا داخليًا لا يملؤه الترفيه أو الراحة. العمل بالنسبة للمرأة هو مساحة للتعبير عن القدرات، وميدان لإثبات أن حضورها في الحياة العامة ليس ترفًا، بل ضرورة تعكس طموحها وحقها في أن تكون جزءًا من عجلة التنمية والتغيير.
وبين من يختار البقاء في البيت ومن يرى نفسه في قلب ميدان العمل، تظل الحرية الحقيقية أن تملك المرأة القرار، ولكن مع وعي كامل بأن العمل قد يكون مفتاحًا لهويتها قبل أن يكون مصدر رزقها.