خدمة العلم: بوابة الشباب نحو الرجولة وبناء المستقبل
د. هيفاء ابوغزالة
20-08-2025 09:46 AM
تُعد خدمة العلم واحدة من أهم الأدوات الوطنية التي تساهم في صياغة شخصية الشباب الأردني وتعزيز قدراتهم الصحية والنفسية والاجتماعية. إن إعادة إحياء هذه الخدمة في المرحلة الراهنة لا يمثل مجرد إجراء تنظيمي، بل هو خطوة استراتيجية تستجيب لتحديات العصر، وتستثمر في أهم مورد تمتلكه الدولة: شبابها.
كما وتصنع رجولة حقيقية لا تُقاس بالعمر فقط بل بالقدرة على تحمل المسؤولية، والوفاء بالواجب، والاستعداد لبذل الجهد في سبيل الوطن. إنها مدرسة لتعليم قيم الانتماء والولاء والالتزام، وتجعل الشباب يدركون أن القوة ليست في المظاهر بل في الالتزام والفعل والانضباط. إنها تصقل روح القيادة وتفتح أمام الشباب آفاقاً جديدة لتمكينهم ليكونوا عصب المجتمع وقادته المستقبليين.
وتُعد خدمة العلم مدرسة حقيقية للرجولة والانضباط، فهي تمنح الشباب تجربة حياتية واقعية تبني إرادتهم وتصقل مهاراتهم القيادية، وتجعلهم أكثر استعداداً لتحمل أعباء المستقبل. إنها تصنع جيلاً يتحلى بالجدية، الصلابة، والقدرة على مواجهة التحديات، بعيداً عن مظاهر اللامبالاة أو الاتكالية التي قد تضعف المجتمع.
كما تُعيد للشباب التوازن النفسي من خلال تنظيم وقتهم، وإخراجهم من دائرة الفراغ والبطالة التي تولّد الإحباط والانغلاق. الانتماء إلى مجموعة واحدة والانخراط في بيئة عمل جماعية يزرع فيهم قيم التعاون، الثقة بالنفس، الصبر، وتحمل المسؤولية، وهي مقومات أساسية لحياة صحية نفسياً وذهنية.
عودة خدمة العلم هي رسالة واضحة بأن الأردن يراهن على شبابه باعتبارهم الركيزة الأولى للأمن والتنمية، وأن مستقبل الوطن يبدأ من صناعة جيل قوي جسداً، ناضج نفسياً، متزن فكرياً، ومؤمن بواجبه الوطني. إنها ليست مجرد عودة إلى الماضي، بل قفزة نحو مستقبل أكثر صلابة يضمن للوطن أن يبقى عصياً على التحديات بفضل أبنائه الأقوياء
إن عودة خدمة العلم تعني بناء جيل أكثر وعياً وانتماءً لوطنه، قادراً على الدفاع عنه ليس فقط بالسلاح، وإنما أيضاً بالقيم، الصحة، والإرادة القوية. هي ليست مجرد التزام وطني، بل هي عقد شرف بين الدولة وشبابها: أن تستثمر الدولة في شبابها صحياً ونفسياً وبدنياً، وأن يرد الشباب هذا الاستثمار بالولاء والعمل والعطاء.
بهذا المعنى، فإن خدمة العلم ليست مجرد خيار، بل ضرورة وطنية وصحية ونفسية، وركيزة أساسية لبناء الرجولة الحقيقية التي يحتاجها الأردن اليوم وغداً.