محمد خليل المواجدة و عبدالرحمن وائل ابراهيم آثرهم حب الوطن على الجلوس في البيت بإجازتهم الجامعية، اجتمعا على حب المعرفة والبحث والإكتشاف والإعتماد على الذات بالمسير على درب الأردن كاملا بخطى مدروسة برحلة حملت ثيمة تقول: "البحث عن الربع دينار".

معرفة دون لقاء ..

عرفت محمد وعبود مصادفة من حسابهم المشترك على وسائل التواصل الإجتماعي وشدّني ما يقوم به شابين منفردين بهذا المسير الطويل إنطلاقا من الشاطئ الجنوبي في العقبة وصولا لمنطقة أم قيس نقطة النهاية، على نية قطع كامل المسافة 675 كلم خلال عطلتهم الصيفية من مقر جامعاتهم العلوم الإسلامية والأردنية مكرسين الدرب لعيش تجربة الإعتماد على الذات والسير دون دليل عن طريق الإسترشاد بواسطة تطبيقات التموضع والخرائط المطبوعة والتكيف مع كل مرحلة بما تحتاج من أدوات محمولة كاملة على أكتافهم من خيمة وفراش وطعام وشراب وملابس إضافية ومستلزمات للبقاء.

نداء الإستغاثة ..

خلال كل يوم ينشران معا على حسابهم على الإنستجرام يومياتهم بما فيها من جماليات المشاهدة وطرائف التجربة وما يمرون به من صعوبات خصوصا في موجة الحر المنصرمة حيث تجاوزت ٤٥ درجة وهم في مرحلة وادي قصيب وقد نفذ منهما ماء الشرب ،واستنجدا بالدفاع المدني والذي لبّى رجاله النداء على وجة السرعة لنقطة الإستغاثة في قلب الوادي الجاف بعد العديد من المحاولات لإيجاد شبكة اتصال حيث انقطعت هناك التغطية لمسافة كبيرة ،وهذا من تجربتنا لهذه المرحلة الطويلة من المسار، وكرم الأهالي بالإستضافة والإيواء وهذا معروف من شيمنا أينما حللت دون منّه أو تقطير.

كرم الأهالي ..

والجميل الإشادة بما نشراه عن كرم الأهالي بتزويدهم بالماء والشراب وتقديم فاكهة البطيخ " ليبرد على قلوبهم" كما قالا بطرافة أو بالإستضافة على وجبة عشاء وإفطار، وعمل زوّادة إضافية للطريق، ومما شاهدناه حلفان الناس عليهم بالدعوة والمبيت ،وكثيرا من الناس ممن ظهر في الفيديوهات نعرفهم ومنهم من دعاهم على قلاية بندورة مع جلسة عزف بسيطة على الشبابة في وادي احيمر من قبل راعي يرعى الإبل، ومنهم من قدّم خبز عربود وما تيسر من الطعام فالجود من الموجود، أما أول ليلة فقد كانت مبيت لهم في فندق البترا بعد ثمانية عشر يوم باستضافتهم من قبل رفيقي هوستل.

صعوبات الطريق ..

تجلت بالحصول على الماء خصوصا أن معظم العيون قد جفت قبل أوانها بسبب ضعف الموسم المطري، وانتشار الأفاعي والعقارب حول فراشهم بالخلاء، وأحيانا بخروجهم عن المسار المحدد وبذل الجهد الإضافي للعودة إليه، وثقل الحقيبة على الظهر التي بلغ إجمالي وزنها 35 كلغم والمشي بحر الصيف اللاهب، وما أصاب أحذيتهم من أعطاب وتمزق بالحقائب مما أضطرهم لعمل صيانة في منطقة الطفيلة بعد البحث عن " محل كندرجي" ،وقد تمزقت ملابسهم بسبب التضاريس والجفاف وقاموا بخياطتها بأنفسهم، ومع ذلك ففي كل فيديو كانت السعادة تملئ وجهيهما ووجوم الحر الشديد بادٍ على ملامحهما .

درب الأردن ..

درب مرسم مهيئ للمسير الراجل من أم قيس شمالاً حتى العقبة جنوبا بطول إجمالي 675 كلم مرورا بخمسة وسبعين قرية ومدينة عابرا للسهول والجبال والبادية مرورا بالعديد من المواقع التاريخية والتراثية ومحميات طبيعية، ومتعدد المشاهدات الطبيعية وحياة التجربة وتوفر مقومات السلامة، وكانت قناة ناشيونال جيوغرافي قد قيّمت مرحلة ضانا البترا بواحدة من أجمل مسارات آسيا، وهذه ميزة جذب إضافية لتوسطه قارات العالم القديم بمستويات صعوبة مختلفة وكان قد دشن في عام 2017 م، ولحسن التنظيم والإدارة أنعم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين على جمعية درب الأردن بوسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية.

أما العبرة وما استفادوه من دروس وتجارب سوف نترك ذلك لحين إتمام المسار كاملا واللقاء بهم مجددا بمقال موسع، شباب مغامر يستحق منا كل الإحترام والتكريم وتسليط الضوء على تجربتهم الحية في إتمام المسار ..