بكل وضوح وصراحة تتحدث القيادة الإسرائيلية عن مشروع إسرائيل الكبرى ، وتعلن أن حربها مع الفلسطينيين والعرب عقائدية ووجودية ، وهذا يعني عدم الاعتراف بالطرف الآخر حتى بحقه في الحياة ، وحاخاماتهم يعلنون أن قتل الفلسطينيين بالنسبة لهم عبادة ، وإخراجهم من أرضهم "تطهير" لأرض إسرائيل ، ويزعمون أن هذا تحقيق لوعد إلهي، ونحن مع ذلك ما زلنا نصر ونتصرف على أن الصراع صراع سياسي ونتجنب التعامل معه على أنه صراع عقائدي ووجودي ، في حين كما أشرت أن الآخر مصر على موقفه وأهدافه وهناك في العالم من يقف خلفه ويدعمه ويزعم أن ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين من جرائم دفاع عن النفس والأخطر في أن كثير من الغرب يتبنى هذا من منطلق عقائدي ويعتبر دعم إسرائيل واجب ديني حسب مفهومه!!
الصهاينة منذ أكثر من قرن ومنذ الزمن الأول لإطلاقهم مشروع دخول اليهود إلى فلسطين يعترون أن هذا الأمر تحقيق لوعد إلهي ، ولم يكتفوا بمطالبتهم بدخول اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لهم فيها بل أيضا طرد الفلسطينيين من بلادهم على أساس أن الأرض يجب أن تكون خالصة "ومطهرة" لهم ، وجميع الحكومات الإسرائيلية منذ عام ١٩٤٨ ومعها كل مجالس الكنيست على مدار ثمانين عاما يتبنون هذا المبدأ ويعملون على أساسه ، ولم يقتنعوا يوما بقصة السلام حتى عندما قبل العرب بمبدأ الشاركية في الأرض بدءا من مشروع التقسيم مرورا بأوسلو وكل الإتفاقيات الاخرى حتى هذه الساعة، وهذا معناه أن العرب يدورون في فراغ واعتمادهم على وهم القانون الدولي غير مجدي وأن الإسرائيلين يكسبون الوقت وماضون بتحقيق أهدافهم وقطعوا شوطا كبيرا في مشروعهم..
هذا الوضع القائم يستوجب أن يعيد العرب إعادة ترتيب أوراقهم وأولوياتهم في الصراع على أسس جديدة مبنية على الموقف الإسرائيلي وعقيدته ، لأن القيادة الإسرائيلية ماضية وجادة على طريق الوصول لهدفها في السيطرة ليس فقط على فلسطين بل على جغرافيا عربية واسعة .
مشروع إسرائيل الكبرى الذي تعمل الصهيونية على أساسه ادعاءات خرافية ، لكن مراحل تنفيذه تكاد تصبح واقعا على الأرض إذا استمر تسلسل الأحداث كما هو حاصل الآن ..
الإسرائيليون يتصرفون على أسس وأهداف ثابتة ومعلنة ونحن ما زلنا نسعى على طريق ثبت عدم جدواه رغم كل ما جرى ويجري على ساحة الصراع..فهل أن الأوان أن يقوم العرب بتغير قواعد اللعبة والتصرف على أساس أن العقيدة الإسرائيلية ترفض أن تقدم أي تنازل في سبيل خلق حالة سلام وتعتبر ذلك مخالفا لوعد الإهي مزعوم على الأقل وفي الحد الأدنى كتصعيد سياسي على الأرض والخروج من دائرة التصريحات المنددة فقط والإنتقال إلى استغلال الحالة واتهديد الفعلي بالانسحاب من كل الإتفافيات والتفاهمات مع اسرائيل وعودة المقاطعة عل هذا الفعل يدفع الإسرائيلين إلى التفكير بالتراجع ولو قليلا عن مواقفهم وأفعالهم التي تهدد باندلاع النار في المنطقة تكون هم في مقدمة الخاسرين بمواجهتها..