facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تعزيز الثقة العامة من خلال المعايير: كيف تتحول الأزمة إلى إصلاح


15-10-2025 11:57 AM

 - كيف تحوّل ضعف المؤسسات إلى أزمة 

عمون - كشفت قضية عام 2023 ضد المسؤول النفطي عماد بن رجب عن مدى هشاشة الأنظمة الإدارية في ليبيا.
فقد كانت شحنات الوقود تُفحص بطرق مختلفة من ميناء إلى آخر، دون وجود معيار وطني موحّد يضمن دقة النتائج.
وتوزعت المسؤوليات بين المؤسسة الوطنية للنفط والجمارك والمورّدين، مما ترك فجوات لم تستطع أي جهة سدّها بالكامل. 

في ظل هذا الارتباك، تحوّل خلاف فني بسيط إلى قضية جنائية أمام القضاء.
ما كان يمكن حله عبر قواعد واضحة ومراجعة فنية، انتهى بحكم قضائي أثار جدلًا واسعًا.
النتيجة لم تكن دليلاً على فساد شخص، بل على ضعف النظام الذي حوّل خللاً إداريًا إلى قضية شخصية. 

 

السياق السياسي وتراجع الثقة 

الأزمة لم تكن فنية فقط.
فخلال عامي 2022 و2023، تسببت خلافات الوقود في اهتزاز ثقة الناس بالمؤسسة الوطنية للنفط، وانتشر انطباع بأن الفساد متجذر فيها، رغم أن المشكلة الحقيقية كانت ضعف الرقابة وغياب الإجراءات الواضحة. 

كما تراجع مستوى الثقة لدى المستثمرين والشركاء الدوليين، الذين بدأوا يتساءلون عن مدى مصداقية العقود الليبية واستقلالية مؤسساتها.
أما الخلافات داخل المؤسسة الوطنية للنفط نفسها فقد فاقمت الوضع، إذ تحوّلت المناصب الإدارية إلى رهان سياسي بدلًا من أن تكون مواقع مهنية، مما زاد من تآكل الحياد والمصداقية. 

 

رقابة الأمم المتحدة ودور نقطة الاتصال 

منذ عام 2014، تُخضع الأمم المتحدة صادرات النفط الليبية لرقابة خاصة عبر القرار رقم 2146، الذي أنشأ نظامًا لمتابعة الشحنات غير القانونية.
وفي عام 2019، عُيّن عماد بن رجب كنقطة الاتصال الرسمية بين ليبيا ولجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة، وهي مهمة تشمل متابعة الشحنات، والإبلاغ عن أي نشاط مريب، ومنع عمليات التهريب. 

هذا الدور منح المجتمع الدولي قناة مباشرة وموثوقة للتعامل مع قطاع النفط الليبي.
لكن في عام 2023، ومع احتجازه، انهار نظام المراقبة.
ففي جلسة مجلس الأمن في يونيو من ذلك العام، حذّر الأعضاء من أن غيابه أدى إلى تراجع الرقابة وزيادة التهريب.
وفي عام 2025، عندما ألغت المحكمة العليا الحكم الصادر بحقه، أكّد القرار صحة تلك المخاوف، وأعاد بعض المصداقية لعلاقة ليبيا مع الأمم المتحدة. 

 

عماد بن رجب... تكنوقراطي بإصلاحٍ في فكره 

عرف عماد بن رجب بصفته تكنوقراطًا إصلاحيًا ركّز على الشفافية والتطوير داخل المؤسسة الوطنية للنفط.
سعى إلى تشديد الرقابة على جودة الشحنات وتحسين تقارير التصدير، لضمان أن تكون العمليات أكثر وضوحًا ونزاهة. 

لكن توقيفه عام 2023 أوقف هذه الجهود.
وقد لاحظت الأمم المتحدة أن غيابه أضعف قدرة ليبيا على ضبط التهريب، وهو ما ظهر سريعًا في زيادة النشاط غير المشروع. 

وجاء قرار المحكمة العليا عام 2025 ليبرئه من جميع التهم، ويؤكد أن حماية الكفاءات المهنية أمر ضروري إذا أُريد للمؤسسات أن تعمل بكفاءة واستقلال.
فلا يمكن لمهنيين يديرون قطاعًا حساسًا مثل النفط أن يبقوا عرضة للملاحقات الناتجة عن خلل إداري أو سياسي. 

 

إعادة بناء الثقة بالإصلاح والمعايير 

اليوم أمام ليبيا فرصة حقيقية للاستفادة من دروس السنوات الماضية.
فالإصلاح يبدأ من إنشاء نظام وطني موحّد لفحص الوقود، تدعمه مختبرات معتمدة في الموانئ الرئيسية.
كما أن توحيد وثائق الاستيراد والتصدير وجعلها علنية سيقللان من الغموض في العقود وصفقات المقايضة. 

النزاعات الفنية يجب أن تُحلّ في إطار هيئات مهنية مستقلة، وليس في أروقة المحاكم الجنائية.
وفي الوقت نفسه، لا بد من وضع ضمانات تحمي التكنوقراط من الضغوط السياسية أو الإدارية، لضمان استمرارية عملهم مع الشركاء الدوليين. 

الثقة هي الأساس لأي اقتصاد مستقر.
من دون شفافية ومعايير موحدة، ستبقى ليبيا تدور في حلقة من الأزمات.
أما مع الإصلاح والحوكمة الجيدة، فيمكنها بناء مؤسسات قوية واستعادة موقعها كمصدر موثوق للطاقة في المنطقة. 

 

الخاتمة 

قرار المحكمة العليا في 29 يونيو 2025 لم يكن مجرد خطوة قانونية، بل فرصة لإعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة.
لقد كانت الأمم المتحدة قد حذّرت سابقًا من انهيار الرقابة، وجاء القرار ليؤكد الحاجة إلى حماية المصلحين وتعزيز الأنظمة. 

الطريق أمام ليبيا واضح: 

معايير شفافة، كفاءات محمية، ومؤسسات تُكسب الثقة داخليًا وخارجيًا. 

عندها فقط سيصبح قطاع النفط رمزًا للاستقرار والشفافية، لا مرآة للفوضى والاضطراب. 







  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :