ما هي نسبة تاثير التدخين والسمنة على احتمالية الاصابة بالسرطان؟ وهل تخفف البدائل احتمالية الاصابة به؟ .. البروفيسور البطاينة يوضح
22-10-2025 09:00 AM
عمون - أكد استاذ الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة والبيولوجيا الجزيئية "الطب الجزيئي" في جامعة اليرموك الأستاذ الدكتور خالد البطاينة، أن الغالبية العظمى من السرطانات ناتجة عن تحورات وراثية تؤدي إلى فقدان السيطرة على انقسام الخلايا، ويصعب السيطرة عليها. أما التحورات الجينية المكتسبة فتشكل نسبة 29% من التحورات وهي ما تسعى أنظمة الرعاية الصحية وجهود البحث العلمي للتدخل بها، من خلال تخفيض نسبة التعرض للعوامل البيئية المسببة للطفرات، من أجل انقاذ حياة الملايين من البشر.
واضاف، إن التحورات أو الطفرات الجينية المسببة للسرطان تنقسم إلى نوعين وراثية تُنقل من الأبوين وتزيد قابلية التعرض للإصابة مثل متحورات BRCA في سرطان الثدي، وأخرى مكتسبة تنشأ أثناء حياة الأفراد نتيجة التعرض لعوامل بيئية مثل التدخين، الإشعاع، أو الالتهابات المزمنة او النظام الغذائي غير الصحي أو قلة النشاط البدني للشخص.
وأشار البطاينة في مقابلة مع عمون على هامش انعقاد قمة الصحة 2025 في دبي، إلى أن معدلات السمنة في الاردن عالية جداً، فهناك ما يقارب نصف النساء 44.3% يعانون من السمنة أو زيادة الوزن، موضحا أن السمنة لا تغيّر الجينات نفسها (أي تسلسل الحمض النووي)، لكنها تؤثر على طريقة عملها من خلال ما يُعرف بـ"التغيرات اللاجينية" Epigenetics، وهي تغييرات كيميائية تنظم نشاط الجينات.
ونوه إلى أن تطور الامراض وزيادة خطر الاصابة بالامراض مرتبط بشكل طردي بكمية التعرض للمواد، فاذا زاد التعرض لمادة سامة زاد خطر الاصابة والعكس صحيح.
وعلّق البطاينة أن كميات المواد السامة والمسرطنة الناتج عن تسخين التبغ او تسخين السائل في السجائر الالكترونية، أقل بكثير من دخان السجائر، مما يعني أن التعرض للمواد السامة أقل ومنها "أول أكسيد الكربون والاكرولين والفورمالديهايد وغيرها الكثير".
وبيّن أن المواد السامة في دخان السجائر الناتجة عن احتراقه، مثل "النيتروزامين والهيدروكربونات العطرية"، تسبب استبدال أو حذف أو تكرار قواعد نيتروجينية في الحمض النووي، وهذه الطفرات قد تؤدي إلى تعطيل الجينات المسؤولة عن تنظيم نمو الخلايا، مثل الجين المثبط للأورام P53 ، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، اما أكياس النيكوتين فإنها خالية من التبغ ومعدلات المواد السامة فيها قليل مقارنة بدخان السجائر.
وأوضح أن أفضل طريق لأي مدخن هو الاقلاع بشكل محتم، وهناك جهود كبيرة بذلت ومازالت تبذل للتحفيز على الاقلاع والتشجيع على عدم البدء بالتدخين على مدى عقود من الزمن ولكن النتائج كما هي او هناك انخفاض بسيط في معدلات التدخين، مما يعني أن هناك شريحة كبيرة بالرغم من معرفتها للمخاطر والحملات التوعوية مستمرة في هذه العادة الامر الذي يستدعي التدخل بتوفير بدائل اقل ضرر مثبتة بالابحاث والعلوم مثل التبغ غير المحترق أو أكياس النيكوتين لهذه الشريحة التي قررت الاستمرار بتدخين السجائر لتقليل الاضرار الكبيرة الناتجة عن هذه العادة.
وعن انواع انتشار التحورات الجينية وأسبابها، قال البطاينة إن التحورات الجينية في الوطن العربي متنوعة ومعقدة، وتنتج عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية، وتعتبر واسعة الانتشار وتختلف بين الأفراد والأنسجة.
اما أنواع التحورات فتشمل تحورات في جينات إصلاح الـDNA، أو الجينات المسرطنة Oncogenes، أو جينات كابحة للأورام Tumour suppressor genes وتحدث نتيجة الإجهاد التأكسدي، التلوث، أنماط الحياة غير الصحية، والعوامل الوراثية الدقيقة.
* السمنة وتأثيرها على التغير الجيني؟
اشار البطاينة إن السمنة تؤدي إلى تغييرات في طريقة "تشغيل" أو "إيقاف" الجينات، خاصة تلك المرتبطة بالشهية، والتمثيل الغذائي، وتخزين الدهون. وأضاف، أن بعض الدراسات تشير إلى أن السمنة لدى الأم أثناء الحمل قد تؤثر على التعبير الجيني لدى الجنين، مما يزيد من خطر إصابته بالسمنة لاحقًا، وهذا التأثير لا يحدث عبر تغيير الجينات نفسها، بل عبر تعديلات لاجينية موروثة تؤثر على كيفية عمل الجينات.
وأكد أن الخبر الجيد هو أن التغيرات اللاجينية قابلة للعكس فاتباع نمط حياة صحي (نظام غذائي متوازن، نشاط بدني، نوم جيد) يمكن أن يُعيد التوازن لنشاط الجينات ويقلل من تأثير السمنة عليها. وإن كانت محاولات تغيير هذه السلوكيات صعبة فلابد من اللجوء لاطباء الغدد الصماء حيث بامكانهم وصف بدائل لتقليل الضرر مثل الإبر الجديدة فهي مثبتة علميا أنها تقلل خطر الاصابة بامراض القلب على سبيل المثال لانها تساعد في تخفيض الوزن بالرغم من وجود بعض الاعراض الجانبية والمخاطر المرتبطة فيها.
* رسالة للمجتمع العلمي والطبي في الاردن والعالم العربي
ووجه البطاينة رسالته للمجتمع العلمي والطبي في الأردن والعالم العربي، مشددا على ضرورة تبني نهج علمي واقعي لجميع شرائح المجتمع بحيث يشمل مبدأ الحد من المخاطر، وتشجيع الاطباء والعلماء والباحثين على الاطلاع على الابحاث.
وقال، "أنا باحث في مجال العلوم ومهمتي الاطلاع على البحوث والدراسات المنشورة والقيام بالابحاث، أوجه رسالة مهمة وهي الاعتماد على الادلة والاثباتات وعدم تصديق الاخبار غير المستندة لأسس علمية".
وشجع البروفيسور، على الحوار العلمي البناء والمفتوح، وزيادة الوعي بما يخص مخاطر التدخين ومحاولة مساعدة الأشخاص في الاقلاع والابتعاد عن السجائر والاتجاه نحو بدائل أقل ضرراً في الحالات التي يستصعب فيها الاقلاع، وذلك لضمان التوازن بين الوقاية، والعلاج، وتقليل الضرر بما يخدم الصحة العامة بشكل فعّال ومستدام.