facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التحديات الاستثمارية في الأردن: بين الطموح والإصلاح


عيد الشاعر
30-10-2025 01:21 AM

بقلم: عيد الشاعر

في خضم التحولات الاقتصادية الإقليمية المتسارعة، يبرز الأردن بوصفه سوقاً واعداً يحمل إمكانات كبيرة، لكنه يواجه فجوة واضحة بين الطموحات الاستثمارية المعلنة والواقع التنفيذي على الأرض.

فالخطط والسياسات الاستثمارية التي تتحدث عن “جذب 7 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية بحلول 2028”، و“خفض البطالة إلى 12% خلال ثلاث سنوات”، و“تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 6% سنوياً بحلول 2027”، تمثل أهدافاً طموحة ومطلوبة، لكنها تحتاج إلى أدوات تنفيذية أسرع وأكثر واقعية.

الواقع الاستثماري: أرقام طموحة وتحديات هيكلية

رغم وضوح الرؤية الوطنية، لا تزال البيئة الاستثمارية تواجه معوقات مزمنة.

فإجراءات الترخيص قد تستغرق حتى 45 يوماً في بعض الحالات، وتتوزع صلاحيات الاستثمار بين 12 جهة حكومية مختلفة. كما أن عدم الاستقرار التشريعي وتكرار تعديل القوانين يؤثر على ثقة المستثمرين، في حين ترتفع كلفة الطاقة بنسبة 40% عن متوسط دول الجوار، ما يقلل من تنافسية القطاعات الإنتاجية.

وفي البنية التحتية، تشير الأرقام إلى أن 70% من المناطق الصناعية تعاني نقصاً في خدمات المياه، وأن 45% من المستثمرين الأجانب يعتبرون ضعف البنية التحتية من أبرز العوائق أمام الاستثمار الصناعي.

الإصلاحات الحكومية المطروحة: خطوة في الاتجاه الصحيح

أعلنت الحكومة الأردنية عن حزمة من الإصلاحات الهادفة إلى تحسين بيئة الأعمال، أبرزها:

1. إصدار قانون استثمار موحد خلال الأشهر الثلاثة القادمة.

2. إنشاء محكمة اقتصادية متخصصة للفصل في منازعات الاستثمار.

3. إطلاق المنصة الرقمية الوطنية لتوحيد إجراءات الاستثمار.

4. تخفيض زمن التراخيص إلى أسبوعين كحد أقصى.

وفي البنية التحتية، يجري العمل على مشروع النقل الوطني المتكامل باستثمارات تبلغ 2 مليار دينار، إضافة إلى مشروعات الطاقة المتجددة التي تهدف إلى خفض كلف الطاقة بنسبة 30% خلال سنتين، وتطوير 15 منطقة صناعية جديدة في مختلف المحافظات.

برنامج التحول الاستثماري 2025–2028: رؤية بثلاثة محاور

1. التحول الرقمي:

رقمنة 95% من خدمات الاستثمار بحلول 2026.

ربط 22 جهة حكومية عبر منصة إلكترونية موحدة.

تقليل المعاملات الورقية بنسبة 80% خلال عام واحد.

2. تحفيز القطاعات الواعدة:

قطاع التكنولوجيا: استهداف 3 مليارات دولار استثمارات بحلول 2027.

الطاقة المتجددة: رفع مساهمتها إلى 40% من مزيج الطاقة الوطني.

الخدمات اللوجستية: زيادة مساهمتها في الناتج المحلي إلى 15%.

3. التكامل الإقليمي:

تفعيل اتفاقيات التجارة الحرة مع 28 دولة.

زيادة التبادل التجاري العربي إلى 12 مليار دولار سنوياً.

جذب 50% من استثمارات الخليج الموجهة للخارج نحو الأردن.

التحديات المستمرة التي تغفل عنها الحكومات المتعاقبة

رغم الإصلاحات، ما زالت هناك عُقد مزمنة لم تُحل جذرياً حتى اليوم:

1. تعدد المرجعيات وضعف التنسيق المؤسسي:

استمرار تضارب الصلاحيات بين أكثر من عشر جهات حكومية يُربك المستثمرين ويُضعف المساءلة.

2. ضعف الكفاءة التنفيذية:
كثير من الإصلاحات تُقرّ بسرعة وتُنفذ ببطء، دون محاسبة حقيقية لمن يعرقل الإجراءات.

3. المبالغة في الترويج الخارجي مقابل ضعف الإصلاح الداخلي:

بينما تُعقد مؤتمرات الاستثمار في الخارج، لا تزال البيئة المحلية تواجه بيروقراطية معقدة.

4. تهميش المحافظات والمستثمر المحلي:

أكثر من 80% من الاستثمارات في الأردن محلية، لكن الحوافز تتركز في العاصمة، مما يفاقم التفاوت التنموي.

5. تضارب السياسات المالية والاستثمارية:

فرض ضرائب جديدة بالتوازي مع إطلاق برامج جذب استثمار يخلق تناقضاً يُفقد الثقة في جدية الخطط.

6. فجوة التعليم وسوق العمل:

ما تزال الجامعات تُخرج تخصصات لا تتوافق مع متطلبات القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

رؤية تحويلية وإصلاح مؤسسي شامل

1. توحيد المنظومة الاستثمارية:

إنشاء المركز الوطني للاستثمار كنافذة موحدة تُصدر جميع التراخيص خلال 10 أيام عمل، مع تفويض الصلاحيات الكاملة داخله، ووضعه تحت إشراف مباشر من مجلس الوزراء.

2. الحوافز المرتبطة بالأداء:

ربط الإعفاءات والدعم بنتائج التشغيل الفعلية ونسب التصدير، بحيث تُمنح فقط للمشاريع التي تحقق نسبة تشغيل محلي لا تقل عن 70%.

3. صناديق استثمار إقليمية للمحافظات:

تأسيس صناديق مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص بتمويل يتجاوز 500 مليون دينار لدعم المشاريع المنتجة خارج العاصمة.

4. تثبيت التشريعات لخمس سنوات:

إصدار ميثاق استثماري وطني يضمن استقرار الضرائب والرسوم، ويمنح المستثمرين رؤية واضحة طويلة الأمد.

5. رقمنة القضاء الاقتصادي:

تطبيق المحكمة الاقتصادية الرقمية لتقليص مدة التقاضي إلى أشهر معدودة.

6. تعزيز الشفافية والمساءلة:

نشر تقرير شهري علني يوضح عدد المعاملات المنجزة، ومدة الاستجابة، ونسب الإنجاز في المشاريع الكبرى.

7. تحويل هيئة الاستثمار إلى كيان مستقل:

بهياكل مالية وإدارية مرنة، على غرار نموذج ماليزيا ، لتكون مسؤولة أمام مجلس الوزراء مباشرة.

8. إطلاق مؤشر وطني لرضا المستثمرين:

قياس مستوى رضا المستثمرين المحليين والأجانب شهرياً، وإعلان النتائج للرأي العام كأداة شفافية ومساءلة.

آليات تنفيذ وضمانات واقعية

وحدة تدخل فوري برئاسة وزير الاستثمار، بصلاحيات تنفيذية واضحة.

مجلس استشاري من ممثلين عن المستثمرين المحليين والأجانب لمراجعة السياسات.

نظام متابعة إلكتروني يربط الجهات الحكومية كافة ضمن قاعدة بيانات موحدة.

منصة وطنية للتنافس على المشاريع بشفافية كاملة.

تدريب كوادر متخصصة في خدمة المستثمرين وتطبيق معايير خدمة العملاء العالمية.

خطة التحفيز الاستثماري: دعم مباشر وبيئة أكثر تنافسية

تشمل الإجراءات العملية:

إعفاءات ضريبية لمدة 10 سنوات للمشاريع الاستراتيجية.

دعم كلف الطاقة بنسبة 20% للمصانع الجديدة.

تسهيلات ائتمانية بقيمة 500 مليون دينار للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

تطبيق ذكي لمتابعة الطلبات الاستثمارية لحظياً.

إنشاء خط ساخن مجاني وشكاوى فورية عبر المنصة الرقمية.

من الرؤية إلى الأثر
يمتلك الأردن رؤية إصلاحية شاملة وطموحة، تجمع بين الإرادة السياسية والتوجه الاقتصادي الجديد.
لكن نجاحها لن يُقاس بعدد المؤتمرات أو القوانين، بل بمدى قدرة المؤسسات على تحويل الوعود إلى نتائج قابلة للقياس، وخدمة المستثمر بفعالية وسرعة وشفافية.

التحول الحقيقي يبدأ عندما تتحول الخطط إلى أثر ملموس — مصانع تعمل، وظائف تُخلق، وثقة تتجدد.

الفرصة التاريخية متاحة، والإرادة موجودة، وما يحتاجه الأردن اليوم هو الانتقال من ثقافة الإعلان إلى ثقافة الإنجاز، ليصبح فعلاً من أفضل عشر دول في المنطقة جذباً للاستثمار خلال السنوات الثلاث القادمة.

* عيد الشاعر/ خبير عقار واستثمار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :