نقف بين يدي الله طالبين الرحمة نستسقيه بإنزال القطر علينا، ونسترحمه جل وعلا، ونحن نعلم أن الحرام ملأ حياتنا والجهر بالمعصية أصبح عنوان سلوكنا ، فأينما نظرنا وقد أغرقت طرقاتنا محلات بيع الخمور وحاصرت مساجدنا وبيوتنا ومواخير الليل ملأت مدننا..

نسترحمه وقد استسهلنا الحرام الصغير فوقعنا بالحرام الكبير..

نسترحمه والزنا ملأ طرقاتنا والربا بات عنوان سعينا للمال، نطلب رحمته عز وجل وقد تركنا شرعه وعطلنا حكمه وأفرغنا مساجده وصرنا ندعو غيره وجفينا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم..

نقف بين يدي الله العظيم طالبين رحمته وملبسنا حرام ومأكلنا حرام وسلوكنا حرام جاهرين بمعصيته ويتفاخر سفهاؤنا بذلك..

كيف نستسقيه ونسترحمه جل وعلا والغني سكت عن جوع الفقير وهو يعلم.. كيف نستسقيه ونحن نرى المسلمين يذبحون على أيدي عدوه وعدونا ونحن صامتون؟

نطلب القطر والرحمة وقد هجرنا قرآنه ، وإذا قرأناه لا يتجاوز حناجرنا.. نسترحمه وقد قطعنا أرحامنا ومنعنا الزكاة عن الفقراء والأيتام والأرامل وهي رزق الله إليهم ، دون أن يرف جفن لأحد منا..

"وقلت استغفروا ربكم فإنه كان غفارا يرسل السماء مدرارا" لكن الاستغفار يجب أن يكون نابعًا من القلب وتصدقه الجوارح، ويصدقه العمل لا أن نطلب الرحمة ثم نعود إلى المعاصي كبيرها وصغيرها التي تحجب المغفرة وتمنع الرزق ..

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" هذه معادلة التغيير التى وضعها الله لعباده جعل الأمر لهم إن أرادوا التغيير وجعل هذا التغيير شرط لإصلاح أمرهم عنده عز وجل ليغير واقعهم إلى أفضل حال..

أما أن ندعوة بألسنتنا وقلوبنا غافلة فهذا خداع للنفس لأن الله مطلع على القلوب ويعلم ما فيها إن خيرا أو شرا...

ولكن وسعت رحمة ربي كل شيء..

فهوى ينزل الرحمة لأجل الشيوخ الركع والأطفال الرضع والبهائم الرتع وهذا يجب أن لا يكون مدعاة للتهاون بأمره جل وعلا ، لأنه كما وسعت رحمته كل شيء

فإن عقابه شديد وأن أخره ليوم تشخص فيه الأبصار..

"نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم"

إن باب الرحمة مفتوح لمن أراد.. والشرط الإلهي واضح في هذا..

تغيير ما في النفس حتى يغير الله العظيم الحال إلى أفضل منه..

" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا"

إذا أردنا الرحمة علينا بالعمل على طريقها من أجل الفوز بها دون رياء ونفاق فالله وحده عالم ما الصدور ولا يخفى عليه شيء..

إن إصلاح النفوس لا يأتي إلا بعد صدق النوايا وهنا يأتي دور الإرادة القوية للمؤمن لأن طريق التغيير مليء بالأشواك لكن نهايته فرج ورحمة ورضا ، أما الطريق الآخر فهو مليء بالمغريات لكن نهايته وخيمة على من سلكه ... اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ولا تجعلنا من النادمين.

اللهم لا تؤاخدنا ولا تأخذنا بجريرة من عصاك وهو يعلم..