جمعية الشؤون الدولية تفتح ملف القرار الأميركي: من يدير غزة
د. هيفاء ابوغزالة
12-11-2025 12:32 PM
شهدت جمعية الشؤون الدولية مساء أمس حوارًا سياسيًا معمّقًا تناول مشروع القرار الأميركي المطروح أمام مجلس الأمن الدولي بشأن قطاع غزة، في اجتماعٍ شارك فيه نخبة من القامات الوطنية والخبراء الأردنيين في القانون والسياسة والعلاقات الدولية، قدم معالي الدكتور عزّت جرادات في مستهل اللقاء عرضًا تفصيليًا لأبرز النقاط التي تضمّنها المشروع الأميركي.
وأوضح أن الولايات المتحدة وزّعت رسميًا على أعضاء مجلس الأمن مسودة قرار جديدة تنص على إنشاء “مجلس سلام” وصندوق تمويل خاص لإعادة الإعمار، إلى جانب تشكيل قوة دولية مؤقتة للاستقرار ، وتُمنح تفويضًا باستخدام “كل التدابير اللازمة” لتأمين الأوضاع الميدانية خلال مرحلة انتقالية قد تمتد لعامين.
وخلال النقاش الذي اتّسم بعمق الطرح وتنوع الرؤى، تركزت المداخلات حول الأسئلة الجوهرية في الأفق السياسي القادم:
هل يُمهّد المشروع لتكريس واقعٍ جديد يجعل من غزة كيانًا بديلًا عن الدولة الفلسطينية؟ أم يسعى إلى تحويل القطاع إلى منطقة استثمارية خاصة تُدار إداريًا واقتصاديًا من الخارج تحت غطاء دولي؟
وكيف سينعكس ذلك على مستقبل الضفة الغربية ومسار حلّ الدولتين الذي أكّد عليه الأردن في مواقفه الثابتة على مختلف المنصات الدولية؟
القامات الأردنية المشاركة أجمعوا على أن اللغة الإنشائية للمشروع لا تحمل ضماناتٍ سياسية واضحة، وأن أي قوة دولية أو مجلس سلام لا بد أن يكونا جزءًا من مسارٍ سياسي ملزم يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، لا بديلاً عنها، وأن تُضبط مهام القوة الدولية بمرجعية قانونية أممية لا تسمح بالوصاية أو الإدارة المفتوحة.
وفي ختام الحوار، خلص المشاركون إلى أن غزة ليست دولة بديلة ولا منطقة معزولة، بل جزء لا يتجزأ من الكيان الفلسطيني الموحد. وأن أي مشروع لإعادة الإعمار يجب أن يُبنى على أفقٍ سياسي عادل، يضمن وحدة الأراضي الفلسطينية ويحول دون إعادة إنتاج أزمات جديدة تحت مسميات إنسانية أو اقتصادية.
بهذا، رسّخ اجتماع جمعية الشؤون الدولية مجددًا الدور الأردني كمركز تفكيرٍ وطني فاعل، يُقدّم رؤية نقدية وموضوعية لمسارات القرار الدولي في المنطقة، ويُعيد التأكيد على ثوابت الموقف الأردني: لا أمن ولا إعمار ولا استقرار من دون دولة فلسطينية كاملة السيادة، تعيد التوازن للمنطقة وتُقيم سلامًا حقيقيًا على اساس العدالة والشرعية الدولية
وفي ختام الاجتماع، اتفق الحضور على أن ما يجري اليوم في أروقة مجلس الأمن ليس مجرد نقاشٍ حول غزة، بل اختبارٌ حقيقي لإرادة المجتمع الدولي في تطبيق العدالة لا إدارتها. فغزة كما أجمع المشاركون ليست ساحة لتجريب الحلول ولا منطقةً مؤقتة للاستثمار السياسي أو الاقتصادي، بل قضية وجودٍ وهويةٍ لشعبٍ يطالب بحقه في الحرية والدولة