عمون - قد يشعر أي إنسان بالجوع بعد ساعات من تناول الطعام، فهذا أمر طبيعي يُعبّر عن حاجة الجسم للطاقة. لكن عندما يتحول الجوع إلى إحساسٍ متواصل لا يهدأ حتى بعد وجبة مشبعة، فإن هذه الإشارة قد تخفي وراءها اضطراباً هرمونياً أو مشكلة في التوازن الغذائي تحتاج إلى تقييم طبي دقيق.

وفقاً لتقرير صحي، فإن الشعور المستمر بالجوع — أو ما يُعرف طبياً باسم البوليفاجيا (Polyphagia) — قد يكون مؤشراً مبكراً لأمراض مختلفة تتعلق بتمثيل الغذاء أو تنظيم الهرمونات في الجسم، وغالباً ما يرتبط هذا العرض بعوامل متعددة، تبدأ من اضطراب النوم وتنتهي بمشكلات الغدة الدرقية أو تأثيرات بعض الأدوية.

1. اضطرابات الجلوكوز
السكري: يُعدّ السكري من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى نهمٍ غذائي غير مبرر، إذ يعجز الجسم في هذه الحالة عن إيصال الجلوكوز إلى خلاياه، فيفقد مصدر الطاقة الأساسي رغم وفرة الطعام. هذا الخلل يجعل الدماغ يرسل إشارات دائمة لتناول المزيد، ويرافق ذلك غالباً عطش شديد، وتكرار في التبول، وفقدان غير مبرر للوزن، وتشوش في الرؤية.

انخفاض سكر الدم (Hypoglycemia): ينتج عن هبوط مستوى الجلوكوز إلى ما دون المعدل الطبيعي، وهو ما قد يصيب مرضى السكري أو أشخاصاً يعانون من أمراض الكبد والغدة الكظرية أو أورام البنكرياس المنتجة للأنسولين. في هذه الحالة يشعر المريض بجوع حاد، يرتبط بارتجاف وتعرّق وخفقان سريع وأحياناً اضطراب في التوازن.

2. قلة النوم وتأثيرها الهرموني
قلة النوم لا تسرق الطاقة فقط، بل تعبث أيضاً بالهرمونات التي تتحكم في الشهية، مثل الجرلين واللبتين. فحين ينام الشخص أقل من حاجته، يزداد إفراز الجرلين الذي يحفّز الإحساس بالجوع، في حين ينخفض اللبتين الذي يمنح الشعور بالشبع. ونتيجة لذلك، يميل الإنسان إلى الإفراط في تناول أطعمة غنية بالدهون والسكر، وغالباً ما يصاحب ذلك زيادة في الوزن وتقلبات مزاجية.

3. الضغط النفسي
عندما يزداد التوتر، يُفرز الجسم كميات مرتفعة من الكورتيزول، وهو هرمون يساعد على التعامل مع الضغوط لكنه في الوقت نفسه يفتح الشهية. كثير من الأشخاص يميلون خلال فترات القلق إلى تناول أطعمة دهنية أو حلوى لأنها تمنحهم شعوراً سريعاً بالراحة، إلا أن هذا السلوك يزيد خطر البدانة واضطراب مستويات السكر.

4. النظام الغذائي غير المتوازن
الأطعمة الفقيرة بالبروتين أو الألياف تُشعر بالشبع لفترة قصيرة فقط، على عكس الوجبات التي تحتوي على مصادر بروتين خفيفة مثل اللحوم البيضاء والأسماك ومنتجات الألبان، أو أطعمة غنية بالألياف كالخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة. كما أن الدهون الصحية الموجودة في المكسرات وزيوت السمك تساهم في تثبيت الشهية وتنظيم مستويات الطاقة. في المقابل، تؤدي المأكولات السريعة والمعجنات والمشروبات الغازية إلى تقلبات حادة في مستوى السكر في الدم، ما يجعل الجوع يعود بسرعة بعد تناولها.

5. الأدوية وتأثيراتها الجانبية
بعض العقاقير ترفع الشهية بشكل مباشر، مثل مضادات الاكتئاب من فئة (SSRIs)، والستيرويدات، وبعض أدوية الحساسية والأنسولين. من المهم إبلاغ الطبيب عند ملاحظة زيادة غير مبررة في الوزن أو الرغبة المتكررة في الأكل بعد بدء دواء جديد، فقد يكون من الممكن استبداله بعلاج بديل لا يسبب هذه الأعراض.

6. الحمل
خلال الحمل، يزداد احتياج الجسم للطاقة لبناء أنسجة الجنين، فيرتفع الإحساس بالجوع بشكل طبيعي، خصوصاً في الثلثين الثاني والثالث من الحمل. عادة ما تُصاحبه علامات أخرى مثل انقطاع الطمث وغثيان الصباح وكبر حجم الثديين، وهي كلها مؤشرات فسيولوجية طبيعية.

7. اضطرابات الغدة الدرقية
فرط نشاط الغدة الدرقية يؤدي إلى زيادة معدل الأيض، فيحرق الجسم الطاقة بسرعة ويدفع صاحبه لتناول المزيد من الطعام. من العلامات المميزة أيضاً التعرق الزائد، وخفقان القلب، والعصبية، وفقدان الوزن رغم الشهية المرتفعة.

8. خداع المشروبات الصناعية
المحليات الصناعية في المشروبات الغازية الخالية من السكر قد تربك الدماغ؛ فهي تمنحه طعم الحلاوة دون السعرات، فيبدأ الجسم بالمطالبة بالطاقة المفقودة من خلال الجوع. بعض الدراسات تشير إلى أن الإفراط في تناول هذه المشروبات يرتبط بزيادة الوزن على المدى البعيد.

9. العطش المتخفي في صورة جوع
أحياناً لا يكون ما نشعر به جوعاً حقيقياً بل جفافاً، لأن إشارات العطش والجوع تتقاطع في الدماغ. شرب كوب من الماء قبل الأكل قد يساعد على كبح الشهية وتجنب الإفراط في الطعام.



WebMD