هوس النفوذ والتغول على الصلاحيات
محمد بلقر
23-11-2025 11:50 AM
في أي منظومة عمل ناجحة، يُعتبر وضوح الصلاحيات وتوازن الأدوار ركيزة أساسية لضمان الإنسجام والكفاءة، غير أن بعض الأوساط تعاني من ظاهرة التغول على الصلاحيات، حيث يتدخل طرف في مهام الآخرين، متجاوزاً حدود صلاحياته الرسمية، مما يؤدي الى إرباك العمل وتشويش المرجعيات الإدارية.
هذا التدخل يخلق سلسلة من المشكلات؛ فهو يضعف خطوط الإتصال، ويؤدي إلى ازدواجية القرار، ويقلل ثقة الأفراد بمرجعياتهم، فيتحول العمل الجماعي إلى صراع خفي على السيطرة والإعتراف. ومع مرور الوقت، تتآكل روح المبادرة، وينحصر العمل المؤسسي، لتتحول المؤسسة من منظومة متكاملة الى بيئة توتر داخلي مستمر.
الشخصية التي تستمر في هذا السلوك غالباً ما تحركها رغبة قوية في الظهور ومكاسب الشهرة، وهي ترى في تجاوز صلاحيات الآخرين وسيلة لإظهار تأثيرها وقدرتها على التحكم وإصدار الأوامر، حيث يحاول الفرد تعويض شعوره بالضعف أو عدم الأمان عبر الهيمنة على أدوار ليست من حقه، وغالباً ما تتسم هذه الشخصية بعدم التعلم من الاخطاء المتكررة والفرص التي تعطى له وهي شخصية أنانية تحب نفسها ومصلحتها فقط، ولا يهمها مصلحة العمل، مما يجعل الصلاحيات سلوكاً مستمراً يؤكد هوسه بالسيطرة أكثر من كفاءة حقيقية.
الحل يكمن في ثقافة مؤسسية واضحة وحدود صارمة للصلاحيات، مع تحديد المسؤولية بدقة وتشجيع قنوات التواصل والتنسيق مع القنوات المختصة، والمسؤول عن هذا الموضوع مطالب بظبط التجاوزات بروح التوجيه والتوعية، لتوضيح أن النجاح لا يُقاس بالتغول والتحكم في مهام الآخرين، بل بالقدرة على التعاون والتكامل لتحقيق أهداف المؤسسة ورفع شأنها.
إن ضبط الصلاحيات ليس تضييقاً على حرية القرار، بل حماية للمؤسسة من الفوضى وضمان عدالة توزيع الأدوار. فالتغول على صلاحيات الآخرين ليس علامة كفاءة أو براعة، بل مؤشر خلل يحتاج الى معالجة سريعة قبل أن يتحول الى نقطة ضعف تهدد تماسك العمل المؤسسي خاصة إذا أعطيَ الفرص لأكثر من مرة وتكررت هذه التغولات.