facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تراجع انفيديا .. وفقاعة الذكاء الاصطناعي


د. رامي كمال النسور
26-11-2025 11:04 AM

شهدت أسواق المال العالمية في الأسابيع الأخيرة تراجعاً حاداً في سهم «إنفيديا»، الشركة التي أصبحت رمزاً لثورة الذكاء الاصطناعي الحديثة. وبعد موجات صعود قياسية خلال عامَي 2023 و2024، بدأ السهم يفقد جزءاً كبيراً من مكاسبه، ما أثار تساؤلات جدّية: هل ما نشهده اليوم هو تصحيح طبيعي أم بداية انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي؟

هذا السؤال لم يَعُد مقتصراً على المستثمرين فحسب، بل أصبح مطروحاً بقوة لدى البنوك العالمية، المطورين، وخبراء التكنولوجيا، وسط ارتفاع التوقعات وتدفقات استثمارية هائلة تتجاوز مئات المليارات. ومع ظهور مؤشرات مالية دقيقة مرتبطة بالمخزون، والذمم المدينة، والتدفقات النقدية، بدأت تتكشف إشارات تدل على اختلالات بنيوية في اقتصاد الذكاء الاصطناعي.

وهنا يتبادر لنا السؤال التالي: لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي مرشح لفقاعة؟

أول هذه الأسباب هو وجود نمو غير مسبوق... وأحياناً غير مبرر إذ يشهد القطاع تدفقات مالية ضخمة في مراكز البيانات والرقائق والنماذج اللغوية، لكن جزءاً كبيراً من هذه الاستثمارات لا يعود بأرباح مباشرة. وتشير تقارير أكاديمية من «MIT وHarvard» إلى أن أكثر من 90% من مشاريع الذكاء الاصطناعي في الشركات لا تُترجم إلى أرباح فعلية، ما يجعل السوق مبنياً في جزء منه على توقعات مستقبلية أكثر من كونه قائماً على نتائج حقيقية.

يأتي بعد ذلك تضخّم قيم عشرات الشركات الناشئة إلى مليارات الدولارات رغم عدم امتلاكها تدفقات نقدية كافية. وهذا المشهد يكرر تجربة فقاعة الإنترنت عام 2000، حين ارتفعت التقييمات إلى مستويات غير واقعية ثم انهارت عند أول اختبار حقيقي للربحية.

وآخر الأسباب ألتي ترشح حدوث الفقاعة هو ما يعرف بالتمويل الدائري Circular«Funding».

فإحدى أخطر الظواهر الحالية في اقتصاد الذكاء الاصطناعي هي التمويل المتبادل بين الشركات الكبرى، فهنالك شركات سحابية تستثمر في مطوّري الذكاء الاصطناعي ثم مطوّرو النماذج يشترون خدمات سحابية ضخمة بنفس الأموال وشركات الرقائق تسجّل إيرادات قبل تحصيل قيمتها. وهذا النمط قد لا يرقى إلى مستوى الاحتيال، لكنه يخلق إيرادات مالية تبدو أكبر من حقيقتها على الورق، ويزيد من احتمال تشكّل فقاعة.

والآن ماذا يعني تراجع سهم «إنفيديا»؟

«إنفيديا» تمثل القلب النابض للبنية التحتية الحالية للذكاء الاصطناعي، وأي اهتزاز في نتائجها المالية ينعكس فوراً على القطاع بأكمله. أهم المؤشرات السلبية التي ظهرت مؤخراً التي دفعت سهم الشركة للتراجع الحاد:

ارتفاع الذمم المدينة والقفزة الكبيرة في الفواتير غير المدفوعة قد تعكس تباطؤاً في قدرة العملاء على السداد، أو مشتريات قائمة على التمويل وليس الطلب الحقيقي. ثم ارتفاع المخزون في الشركة رغم الادعاء بأن الطلب غير محدود يشير إلى اختلال بين التوقعات والمبيعات الفعلية. وكذلك ارتفاع الأرباح المحاسبية مقابل تدفق نقدي أقل يثير تساؤلات حول مدى استدامة النمو في حجم المبيعات الحالي. وكل هذه ليست مؤشرات انهيار، لكنها إشارات نضج مبكر للسوق وتحوّل من نمو صاروخي إلى نمو واقعي أكثر تحفظاً.

والسؤال الهام الآن: بين الفقاعة والتصحيح... أين نقف؟ ليس من الضروري أن تنتهي المبالغة في التقييمات بانهيار كامل. ما قد نشهده هو تصحيح قاسٍ في بعض الشركات غير المربحة واستبعاد اللاعبين الضعفاء وبقاء الشركات التي تمتلك نماذج أعمال واضحة.

إذاً، الذكاء الاصطناعي ليس فقاعة في حد ذاته، لكن التوقعات المحيطة به قد تكون فقاعة كبيرة تحتاج إلى إعادة تقييم.

والآن وبناء على كل ما جاء أعلاه.. أين تكمن المخاطر في المرحلة المقبلة؟

قد تكمن المخاطر في الاستثمارات الضخمة التي قد تتجاوز حجم الاستخدام الحقيقي على المدى القصير. وكذلك في كلفة التشغيل المرتفعة جداً للكهرباء، وأجهزة التبريد، والرقائق العالية الكلفة تجعل تشغيل النماذج العملاقة عبئاً مالياً قد لا يتحمله الجميع.

كما أن من مكامن الخطر شركات الذكاء الاصطناعي غير المربحة إذ إن الكثير من الشركات تعتمد على الحماس الاستثماري وليس على نماذج ربحية واضحة، ما يجعلها الأكثر عرضة للانهيار.

وقبل الختام نجد أن دولة الإمارات والصين تقدمان نموذجاً مختلفاً في انتشار الذكاء الاصطناعي، ففي الوقت الذي تتجه فيه بعض الشركات والدول نحو سباق غير محسوب للذكاء الاصطناعي، تبرز الإمارات والصين نموذجين متميزين للانتشار الذكي والمنظم لهذه التكنولوجيا.

فقد استبقت دولة الإمارات العالم بوضع استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي واعتماد حوكمة وتشريعات مرنة تشجّع الابتكار وتضمن سلامة الاستخدام. وقد دعمت الدولة بناء بنية تحتية رقمية عالمية المستوى، واستقطبت كبرى الشركات العالمية، وبدأت في تطوير نماذج محلية مثل نموذج فالكِن، ودمج الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة والأمن والخدمات الحكومية. حيث إن الإمارات أسست اقتصاد ذكاء اصطناعي متوازناً قائماً على القيمة الفعلية والتطبيقات الواقعية، وليس على الضجيج الإعلامي.

أما الصين فقد استطاعت تحويل الذكاء الاصطناعي إلى قوة صناعية من خلال خطط خمسية واضحة واستثمارات ضخمة موجهة، تتعامل الصين مع الذكاء الاصطناعي باعتباره حجر الزاوية للصناعة الحديثة. وكذلك تطوير الرقائق محلياً، وبناء مراكز حوسبة وطنية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في التصنيع والنقل والطاقة... كلها عناصر جعلت الصين أقل عرضة لتقلبات الأسواق وأكثر قدرة على الاستفادة الاقتصادية الفعلية.

وبالتالي لماذا التجربتان مختلفتان؟ لأنهما لا تعتمدان على ضخ الأموال فقط، بل على تشريعات واضحة وبنية تحتية قوية واستثمارات طويلة المدى وأخيراً نماذج اقتصادية قابلة للاستدامة ما يجعل الإمارات والصين في مسار بعيد عن فقاعة الذكاء الاصطناعي التي قد تهز الأسواق الغربية.

ختاماً نحن أمام مرحلة نضوج مبكر للذكاء الاصطناعي، حيث بدأت الفجوة تتضح بين التوقعات الضخمة والنتائج الاقتصادية الفعلية. تراجع سهم «إنفيديا» لا يعني نهاية الثورة، لكنه يشير إلى بداية مرحلة أكثر واقعية في التقييمات والاستثمارات، وقد تتخللها تصحيحات عنيفة لبعض الشركات.

التكنولوجيا ستبقى وتتطور، لكن السوق سيصحح نفسه، وستنجو فقط الشركات التي تمتلك نموذج عمل حقيقياً. وفي هذا المشهد العالمي المتقلّب، تقدم الإمارات والصين نموذجاً عقلانياً يثبت أن الذكاء الاصطناعي ليس سباقاً للإنفاق بل مشروع دولة، يحتاج إلى رؤية، وتخطيط، وتنفيذ شامل.

الخليج





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :