facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كلمة ريحان حتر أمام ضريح الشهيد وصفي التل


28-11-2025 04:30 PM

عمون - القى السيد ريحان حتر كلمة له أمام ضلايح الشهيد وصفي التل في ذكرى استشهاده الرابعة والخمسين، قال فيها:


باسم الله… وباسمك يا وصفي.. كان هتافا في الصفّ.. في الساحة في الشارع في البيت.. في الصرخة والصمت.. هل كان علينا أن نوغل في الموت.. أمّا الأردن فلا يحتمل الأحرار.. كان هذا جزءًا من قصيدة قمر على البلقا.. للشهيد ناهض حتر .. فلهذا الرجل الوطني المناضل.. حكاية عميقة مع الشهيد البطل وصفي التل..

كان عمرُ ناهض أحد عشر عامًا عند اغتيال وصفي.. ولكن يبدو أن هذا الحدث الجلل بحق الأردن وقضيته.. وعّى ناهض وطنيًّا وفكريا.. فناهض كتب عن وصفي وعن نهجه وفكره مئات الصفحات.. وكرّس نفسه لإعادة فهمه.. واستعادة إرثه في عملٍ نضالي.. للحاضر والمستقبل.. تشكل وعي ناهض تماما كما تشكل وعي الأردنيين الأحرار بعد اغتيال ناهض على عتبات قصر العدل في الخامس والعشرين من أيلول عام ألفين وستة عشر..

في السردية الأردنية.. الشهيد البطل وصفي التل.. قامةٌ أردنية.. لا تزال رمزّا وطنيًّا عابرا للأجيال.. في هذه الذكرى.. أود أن أستذكر نقاطا خطّها ناهض عن وصفي.. فناهض يعدّ أحد أبرز المفكرين الذين وثقوا وصفي التل.. إذ إنه بات مرجعا مؤكدًا في وجه أدواتٍ دخيلة.. كانت ولا تزال تشوه صورته المجتمعية.. على الصعيد الوطني أولًا.. أو على الصعد السياسية-الدبلوماسية-العسكرية..

ففي المرويات المستمدة من العصابات المعادية للأردن.. صورة لوصفي شديدةُ السواد ومشيطنةٌ بالكامل.. بينما صورته عند الأردنيين معاكسة تماما.. فهي مؤطرة تحت عنوانٍ عريض.. (زعيمٌ وطنيٌ شعبيٌ.. شهيدٌ ورمزْ.. مضادٌ للنيوليبرالية والفساد والوطن البديل.. والسلام مع العدو المركزي.. العدو الاسرائيلي..)

على عكس ما شهده الأردن خلال العقود الماضية.. تولى وصفي التل.. رئاسة الوزراء بعد أن كوّن خبرات عميقة في مجالات المقاومة المسلحة.. والاستراتيجية.. والتنمية الوطنية.. والإدارة العامة. فخبرته في المقاومة الاستراتيجية.. جاءت من التحاقه بالمقاومة اليوغسلافية خلال الحرب العالمية الثانية.. وفي القتال ضد العصابات الاسرائيلية في فلسطين التاريخية خلال حرب 1948..

أما خبرته في التنمية الوطنية والإدارة.. فاكتسبها من خلال عمله في "المكتب العربي" في الضفة الغربية.. المعني بتحديث الإنتاج الفلاحي الفلسطيني.. أما خبرته الاقتصادية.. فقد جاءت من انتمائه إلى مدرسة "حمد الفرحان القومية" التي وضعت أسس الاقتصاد الوطني-الدولي خلال خمسينات القرن الماضي..

تقلد وصفي التل منصب رئيس الوزراء لأول مرة في عام 1962.. إذ جاء من خارج نادي الحكم التقليدي شبه الإقطاعي.. وهذا دفعه للقيام بأوسع وأعمق عملية تطهير طالت الإدارة الأردنية في تاريخها.. حيث شرع في برنامج طموح لإقامة قطاع عام اقتصادي.. وتطوير البنى التحتية.. وتأسيس أول جامعة حكومية في البلاد.. وتحديث الجيش.. وبذلك كوّن.. تيارا سياسيا لا يزال يمتد تأثيره الاجتماعي حتى اليوم..

في نظرية "العدو المركزي" انطلق التل من تقدير استراتيجي أساسي يرى في إسرائيل عدوا مركزيا للعرب.. وهذه نظرية تختلف كليا عن النظرية القائلة إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية عند العرب.. ففي الأولى.. يخضع الشأن الفلسطيني لاعتبارات الصراع غير القابل للتسوية.. أما في الثانية.. فينفتح باب الأوهام بإمكانية تسوية هذا الصراع المتصاعد.. والذي غيّر ويغير وجه المنطقة..

من هنا.. رفض وصفي التل حتى رحيله.. ما أسماه بـ"أوهام الحل السلمي".. لكن ما يميز هذه النظرة بأنه لا يعني بالضرورة شن الحرب في ظروف -غير ملائمة استراتيجيا-!!! لذلك رفض التل الانجرار للفخ الإسرائيلي إثر عدوان السموع الغاشم في عام 1966.. حيث كان يهدف العدوان إلى جر الأردن إلى حربٍ.. تمكن إسرائيل من احتلال الضفة الغربية التي كانت جزءا أردنيّا أنذاك.. كما عارض وصفي مشاركة الأردن في حرب عام 1967.. ليقينه بالحسابات الاستراتيجية.. بأن المآل هو هزيمة حتمية.. سوف تقود العرب للاعتراف بالكيان الاسرائيلي وفتح أبواب أوهام الحل السلمي على مصراعيها..

على صعيد المقاومة.. آمن وصفي التل بالقتال لإعاقة نشوء الكيان الاسرائيلي.. حيث شارك في حرب 1947 في صفوف جيش الإنقاذ.. وفي أواخر عام 1948.. خطط للانتقال مع كتيبته من الجولان إلى الضفة الغربية لإشعال مقاومة جديدة.. غير أنه سُجن في دمشق بقرار من الإنقلابي حسني الزعيم.. الذي كان يفاوض على السلام مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين..

في ذاكرتنا أيضا.. أحداث أيلول 1970.. أيلول الأبيض.. الذي طهّر الأردن من مؤامرة كانت من الممكن أن تجعله مسرحا إسرائيليا.. كما يطمح اليمين الاسرائيلي المتطرف.. فقبلها بحوالي عامين.. شكّلت معركة الكرامة حدثا مفصليا في السياسة الأردنية.. فالتحرير والمقاومة كانت استراتيجية عسكريّة لا ميليشياويّة..

في بداية السبعينيات.. كان الملك الراحل الحسين بن طلال يتربع على عرش بلا دعامات.. فلجأ مجددا إلى تسوية مع الفئات الشعبية في المحافظات.. في وقت كان فيه وصفي التل زعيما وطنيا مستقلا.. يحظى بشعبية كبيرة لدى الجيش والعشائر.. فعلى حد تعبير القيادي الفلسطيني نبيل عمرو: "كان وصفي التل أكثر كثيرا من رئيس وزراء وأقل قليلا من ملك"

داخليا.. كانت خطة التل.. تتمركز حول إعادة بناء الدولة على أساس ضرب الفساد والفئات شبه الإقطاعية المسيطرة.. وتطوير الإدارة والتنمية الوطنية والريفية..

"كل ما يلزم للمعركة يعمل ويبقى ويزيد.. ومالا يلزم للمعركة يزول ويُخفف" كانت هذه الجملة عنوانا لملامِح خطة عمل وصفي التلْ.. حيث تعتبر هذه الخطة نموذجاً مختلفاً للتخطيط لأزمة اقتصادية وسياسية.. خُطط لها في زمنٍ.. كان الأردن يعاني من أزمة قاسية.. قد لا تكون بعيدة عمّا تعانيه البلاد في هذا الزمن.. بدأ إيمان الشهيد وصفي التل بالزراعة كأهم موارد البلاد.. حيث أنشأت حكومته مؤسسةً للتسويق الزراعي.. باعتبرها ضرورية في نهضة الاقتصاد الوطني.. الإبداع الفردي أيضا.. كانت قيمة ضرورية مُلحّة في رؤية وصفي التل الاقتصادية.. لأنها نقطة ارتكاز للزيادة في الإنتاج والإعمار.. وبناءً على ذلك.. انتهج التل "خطاً ثالثاً" يختلف عن مفهومي الاقتصاد العالمي الأكثر تداولاً.. الرأسمالية أو الشيوعية.. خطُّه الاقتصادي كان يستند على صُلب التراث ونواة القيمة الدينية للعرب.. فضلاً عن صدِّه لسياسات رأس المال ونواياه التسلطيّة أو احتكار السوق.. معركة التل الاقتصادية لم تقتصر على السياسات الضريبية.. أو مكافحة التضخم وضبط الإنفاق.. بل ركزت أيضا على ضرورة مراجعة أوضاع الشركات المتميزة ذات النفع العام.. ومراجعة وضع الملكيات الزراعية الصغيرة قبل الكبيرة.. وعدم فرز أي مُلكية حتى لا يصبح إنتاجها غير اقتصادي…

عشية اغتيال الشهيد وصفي التل.. كان قد رتّب للقاء مع قيادي فلسطيني فتحاوي في القاهرة لبحث صيغة جديدة للمقاومة تستعيد الفدائيين إلى قواعد قتالية في الأردن في إطار استراتيجيته الدفاعية.. حملها معه إلى مؤتمر وزراء الدفاع العرب.. أما بعد رحيل وصفي.. وضعت القوى الإمبريالية ثقلها وراء مشاريع "إنمائية" مصممة لتجريد الأردن من تفوّق طبوغرافية الأرض.. وذلك ما كان التل يرفضه لأسباب استراتيجية وتنموية معا.. ونشير خصوصا.. إلى مشاريع الاستثمارات المكثفة في الأغوار وشق الأتوسترادات العريضة التي تربط المناطق الغورية بالمرتفعات الجبلية.. واستثمارات الأغوار والبحر الميت ووادي عربة والعقبة وأوتسترادات السلام.. حيث نُفذت في خطط متلاحقة بعد رحيل وصفي التل وتفكيك تجربته وتياره.. في السبعينات والثمانينات.. أي قبل معاهدة وادي عربة..

منذ سنة 2010 وما بعدها.. وتحت ضغط تعمق الأزمة الاقتصادية ـ الاجتماعية.. وبعد سنوات طويلة من سيطرة -نموذج نيوليبرالي- أفقر وهمّش الأغلبية الأردنية لصالح طبقة كمبرادورية جديدة.. بدأت الفئات الشعبية الأردنية تحتج وتتمرد وتتجه صوب الراديكالية.. وما يجعل اتجاه الحراك الاجتماعي الأردني.. وطنيا بامتياز هو الخطر الاسرائيلي المتصاعد على الكيان الأردني.. ولكن الاستراتيجية الدفاعية لا تبنى.. إلا بإحداث تغيير سياسي اجتماعي نوعي يقوم على إصلاحات سياسية عميقة.. وضرب الفئات الكمبرادورية.. وتفكيك النموذج النيوليبرالي برمته.. وبناء نموذج تنموي وطني وشعبي ينطلق من الميزات التفضيلية الوطنية.. ويؤمّن إطلاق قوة العمل الأردنية.. ويسمح ببناء مقاومة مركزية تقودها دولة قوية وديموقراطية-عادلة.. تصون الاستقلال الوطني والتقدم الاجتماعي..

أخيرا.. يراودني سيناريو وطني.. سيناريو يوضّح تحضيرات الشهيد ناهض حتّر في حضوره هذه الذكرى الوطنيّة لاغتيال القائد البطل الشهيد وصفي التل.. لإعادة طرح قراءات وطنيّة وسياسية.. مبنية على نهج قاله وصفي يوما ما.. "من تربية الماعز في وادي رم.. حتّى تنظيم وتشكيل الجيش والمقاومة الشعبية". فوصفي التل هو الرّمز الشعبي الأردني.. الوطني والمقاوم.. وناهض حتّر هو من القارئ الوطني العنيد لرؤى وصفي للأردن المستقل.. وهويته الوطنية… فناهض لم يتوقف عن البحث والكتابة لتثبيت إرث الأردن وبناء سرديته ضد مشاريع تحاول طمسه ودثره.. حيث أعاد الشهيد وصفي التل إلى الواجهة من خلال كثير من المؤلفات والمقالات.. وقدّم والده مصطفى وهبي التل -عرار- شاعراً ومثقفاً وسياسيّاً.. كما أعاد واستحضر عشرات الشخصيات الوطنية الأردنية…

شاء من شاء.. وأبى من أبى.. هذه هي صورة وصفي التل عند الأردنيّين.. من أقصى اليمين العشائري إلى أقصى اليسار الوطني.. إنّه رمز الوطنية الأردنية الممنوع.. الذي لا يزال رمز العداء لإسرائيل في وعي الأردنيّين.. ورمز العداء للرأسمالية.. ورمز مشروع الدولة الوطنية.. ورمز القطاع العام.. ونهضة الريف.. والتعليم الجامعي المجّاني.. والخدمات الطبية.. ودعم السلع والخدمات الموجهة للفقراء





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :