facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما وراء خزنة البترا


عبدالرحيم العرجان
29-11-2025 10:37 AM

مواقع مهما علمت عنها لا تعي تفاصيلها مثل إبن المكان الذي ينتمي إليها وتربى في أكنافها كان قد شدّه الشغف للتعرف على دقائق الأمور ليكبر حب مدينته بقلبه يوماً بعد يوم حتى تصبح جزءا منه وأهله جزءا منها باعتراف اليونسكو ضمن سجل المناطق المحمية للتراث العالمي اللا مادي وعلم الأنساب، إنه فارس الموسه صديقنا ودليلنا لخبايا المجهول في أرض الرقيم الناطق بتاريخ أجدانا العرب الأنباط بلسان الأم ولغات أخرى تعلمها بالفطرة وهي من صفات النوابغة والأذكياء فكيف إن كان فوق ذلك عربي أصيل من أبناء صفاء الذهن.

مطل الملوك:

دخلنا الموقع بعد قطع تذكرة الدخول المتعارف عليها متجهين لمسار المدرس بشقيه الراجل القديم على أدارج نحتتها معاول الأجداد فوق قبابب اعتلت على كتف السيق الجنوبي شق فيها من القنوات والمصافي والسدود ما كان يحجب ماء السماء عن الفيضان في المدينة في حال اشتد المطر مرورا بكهوف وآلهة وجرون سيجت كنا قد تحدثنا عنها بمقال سابق وصولا لمفترق يتشعب إلى مسارين قرب كهف ما زال فيه ساكنين، إحدى السبل توصل بنا إلى المذبح والآخر متواري عن الأنظار بلا إشارة أو علامة داله عليه ، فمسارنا الجديد نحو مطل الخزنة ورفيقنا يشير إلى نقوش عربية غير منقوطة فوق قنوات وثقت على صدر الجبل تخفي الكثير بما جاء فيها مرورا بفج عظيم شقته نفس الأيدي العربية السمراء تمهيدا لمطل الخزنة الجنوبي وباحة سويت أرضيتها تعيد لنفسك شعورا بملوك العرب عندما كانوا يعتلوها ناظرين بأنفة لزوار المدينة ومشهدها العظيم وأنت أمام أدق تفاصيل لأعجوبة العرب الخالصة من توريقات وكؤوس وآلهة وأعمدة تعلوها التيجان عزا وشموخ بصمت مذهل لا تسمع فيه إلا خفقات قلبك من عظمة المكان.

خلوة الحكم

يرشدنا فارس رفيق السنين إلى أدراج قديمة تفضي نزولاً لباحة الخزنة وأخرى نبطية اعتلاها ما استحدث منها لتسهيل الزيارة ومتطلبات الأمان فوق طود الأعجوبة بتوالي حتى بلغنا أعلاه نحو مطل المدينة خلف المركز الأمني المتربع فوق الجبل ضمن الموقع الأثري لنستكمل الطريق بين متاهة من قباب متتالية تتشابه في مداخلها ومشهدها في عالم آخر من الغياب وصولا لدرج ما أن تهم بنزوله حتى تنشغل بمتابعة ما كتب ونقش على كتف الجبل من كلمات تحث على السلام تكررت كثيرا إشارة لمدى رقي الأجداد في التوثيق وهم أول من صك وجه سيدة على عملة في التاريخ، وما أن تفرغ من المكان تجتاز أشجار البطم المتشابك حتى يفتح أمامك مشهد قل نظيره في هذه المدينة الوردية بسطات استندت لأحجار عظيمة شذبت بدقة ومهارة رصّت بتداخل وعبقرية هندسية عجز عن تفريقها زلازل الزمان وتفسخ وضغط التربة أمام مجلس تم نحته بقلب الصخر ازدان سقفه بكتابات دقيقة وبقايا ملاط ما زال جزءا كبير منه على حاله منذ ألفي عام، حين كان يجتمع فيه من شكل المكان وطبيعته الفطرية والإبداع الهندسي والمعماري كبار القوم وعليتهم هذا إن لم يكن مكانا لخلوة الحاكم وزوجتة، ومن قلب مجلس الكهف تأسرك عزلة المكان وطابعه الخاص الذي تمثل بذكاء الطبيعة كيف تشكل وطوع بالصخر على هيئته لتحار أين تنظر وتتمعن في الفضاء أم بأدق التفاصيل من حولك .

مكان يتركك للتفكر والتمعن بدقة ما بقي من النقوش والتيجان وقواعد الأساس لحمام حار وخزان ماء نقب بالصخر كان قد هجر منذ زمن قريب كان يجر إليه مياه الأمطار بقنوات صممت بفكر عظيم ، وفي الخلف أيضا بركة عميقة أسفل الشلال موسمي السقوط وأخرى طمرت ..، وإلى الجنوب هناك ممر وبوابة ما زالت حجارتها قائمة توصلك لموقع آخر خلف الجبل والعديد من كوات الآلهة في كل المكان.

فلولا ضيق الوقت لا تريد أن تترك المكان تغادره من ممر غربي آخر، أيضا أغلق معظمه بشجرة بطمة معمرة نمت منذ هجر الأنباط وادي السلع بعد بطش الرومان وطمعهم فعلت الأدراج كأنها شذبت اليوم بذات المعاول.

الكهف الفريد

تتعرج بك الممرات لمنعطفات كثيرة فوق كل منها نقش آلهة ليطل عليك هيبة جبل أم البيارة ومنشآت اكتملت لم نراها أو نسمع عنها من قبل إلا من رفيقنا وصولا إلى الباحة وما أن تقف وتلتفت إلى الخلف حتى ترى كهف منقوب تربع فوقه نسرا عظيما فاردا جناحيه لحماية المكان بمعتقدهم القديم فيثير الرهبة بقلب الغريب من دخول المكان كأنه نصّب كتعويذة أو شيء من هذا القبيل، إلا أن حديث النفس وما تجذر فيك من صلب الأجداد يعيد لك الطمأنينة بالدخول والإكتشاف.

وبمسيرنا صادفنا راعيا قد ربط حماره ليستريح مع أغنامه الثلاث فدعانا لمشاركته كأس شاي من إبريقه العتيق المسمر من دخان النار لننعم باستراحة إضافية لنودعه شاكرين له إصراره لدعوة عشاء متجهين عبر الممرات لكهف آخر وباحات أخرى وفي الواجهة ينتصب ذو الشرى متربعا كاشفا كل المكان ،وبالفعل لو وقفت أمامة سوف تشاهد هذه البنوراما كامله، ومنه أخذتنا الطريق لمجمع كهوف آخر خلف صخور مجرى وادي فرسة الغني بالمنشئات احتضنها الجبل بباحة ومدخل واحد يوصلك مخرجه لمسار الوادي المتعارف عليه وصولا لقصر البنت وقلب المدينة.

ودوما وفي كل رحلة إلى الرقيم شيء جديد يحتاج إلى رفيق بقدر فارس من أهل المكان عارف بأدق تفاصيله كأنه يقرأ راحة يده، فمهما كتبنا من وصف عن جمال هذا المكان وهدوء خلوته وخصوصيته لا تكفيه الكلمات وتعجز عنه المعاني ، يحتاج لدقة ترميم وخصوصية بالتأهيل وكاتب حاذق لقصة المكان وسرديته قبل أن يدرج ضمن مسارات الزيارة.

لنعود إلى قلب المدينة ونصادف صديقنا المغامر عاشق التراث خالد الزنفير قد أتى على متن دراجته النارية من الرياض للمشاركة في رالي جوردن رايدرز الذي احتفى بالمثلث الذهبي بحضور 400 مشارك من الخليج والشرق الأوسط.

ويبقى السؤال كم منكم زار المكان أو سمع به ؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :