facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العنوسة: مصطلح قديم .. وضجّة جديدة ولغة بلا أصحاب


د. هيفاء ابوغزالة
04-12-2025 07:28 PM

من أين خرج هذا المصطلح المتعثر الذي اسمه “العنوسة” ومن أعطاه سلطة المرور الحر فوق رؤوس النساء وكأنه قانون قديم لا يموت بينما هو في الحقيقة كلمة عتيقة فقدت صلاحيتها منذ زمن طويل كلمة سيئة السُمعة تصلح للمعاجم الصفراء أكثر مما تصلح للمجتمع الحديث ومع ذلك ما زال البعض يتعامل معها وكأنها مصباح يكشف أعمار النساء ويقيس قيمتهن بساعة رملية لا ترحم بينما الرجل يظل “أعزب” بكل لطف وخفة ظل حتى لو تجاوز العمرين معاً وكأن اللغة نفسها قررت أن تكون امرأة ضد المرأة

ومع ذلك لا يكتفي المشهد بهذا الظلم اللغوي بل يزداد سخونة حين تقرر المنصات الرقمية أن تمسك بالمصطلح القديم وتنفخه وتعيد تدويره وتقدمه على أنه كارثة اجتماعية جاهزة للاستهلاك السريع وكأن الأردن يعيش حالة طوارئ بسبب كلمة لا يعرف أحد من أين جاءت ولا لماذا ما زالت تتصدر النقاشات ولا كيف تحولت فجأة إلى معيار قيمة ووسم اجتماعي وسبب دراما مجانية.

وفي وسط هذا السوق الصاخب الذي يختلط فيه التحليل بالتهويل ويقفز فيه كل صاحب هاتف ليصبح خبيراً سكانياً .

لخمس دقائق يظهر الصوت الوحيد الذي يستحق الثقة صوت دائرة الإحصاءات العامة وعلى لسان مدير إدارة الإحصاءات الدكتور حيدر فريحات الذي ذكّر بأن الحقيقة لا تولد من صفحات مجهولة ولا من عناوين مثيرة ولا من منصات تبحث عن “الترند” بل من مصادر رسمية واضحة لها اسمها ولها مؤسساتها ولها منهجيتها . فالأرقام الحقيقية مما ذكره دكتور فريحات تأتي من مصدرين رسميين فقط وهم التعداد العام للسكان والمساكن وسجلات دائرة قاضي القضاة أما بقية ما نراه فهو مجرد ضجيج صوتي لكنه لا يصلح ليُبنى عليه رأي عام وأن ما عداها مجرد ضوضاء على شكل معلومات.

لكن أغرب ما في المشهد أن كلمة “عنوسة” كلما ظهرت جذبت معها موجة من الأحكام السلبية وكأن النساء مجرد جدول أعمار يمشي على قدمين بينما الحقيقة أن المصطلح نفسه مشكلة قبل أن تكون الظاهرة مشكلة فهو كلمة ثقيلة محمّلة بإهانة مبطنة وتصورات اجتماعية جائرة وتعامل غير عادل بين الرجل والمرأة وهي كلمة تُستخدم كسلاح ثقافي أكثر مما تُستخدم كوصف لغوي وكأن الغرض منها ليس توصيف حالة بل صناعة وصمة.
وفي النهاية، لو بقي المجتمع يقيس قيمة المرأة بمصطلح مثل “العنوسة”، فالمشكلة ليست في النساء… المشكلة في عقلية تحتاج هي نفسها إلى إعادة إحصاء.

ولهذا نقولها بوضوح وبصوت أعلى من ضجيج المنصات كفانا من هذه الكلمة التي تنتمي لرفوف الماضي كفانا من مصطلحات لا تحترم النساء ولا الواقع ولا العلم كفانا من لغة تُقاس فيها قيمة الإنسان بناءً على عمره أو زواجه أو عدمه وكفانا من تحويل كلمات قديمة إلى معارك اجتماعية جديدة.

آن الأوان أن ندفن هذا المصطلح ونستبدله بلغة تحترم النساء وتحترم عقولنا، فالمجتمعات لا تُقاس بالضجيج… بل بالوعي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :