الأردن وإسرائيل .. خطوة واحدة لا تكفي
فهد الخيطان
11-12-2025 12:15 AM
قرار حكومة نتنياهو إعادة فتح معبر الملك حسين "الكرامة" أمام دخول المساعدات الإنسانية من الأردن إلى غزة، بعد توقف دام أكثر من شهرين، ليست سوى خطوة اضطرارية، دفعت لها بضغوط أميركية.
سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مايك والتز، كان قد زار الأردن قبل ثلاثة أيام والتقى الملك عبدالله الثاني، وشارك في افتتاح مركز الخدمات اللوجستية، التابع للهيئة الخيرية الهاشمية، والذي يعد واحدا من أكبر مراكز تقديم المساعدات المخصصة لغزة، من ضمنها مساعدات أميركية، استعرضها السفير والتز.
لقاءات عمان تبعها زيارة لإسرائيل، أعلن بعدها ترحيبه بقرار إسرائيل "توسيع المعابر الحدودية، بما في ذلك معبر جسر اللنبي - الملك حسين، لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة".
لا تكفي هذه اللفتة من نتنياهو للقول إن العلاقات الأردنية الإسرائيلية في طريقها للتعافي. بعد أحداث السابع من أكتوبر، وما تلاها من حرب وحشية على قطاع غزة، تدهور العلاقات بين عمان وتل أبيب، إلى مستوى لم تشهد مثله من قبل.
يمكن للمطلعين على مسار هذه العلاقة أن يجزموا بأنها كانت قبل معاهدة السلام "وادي عربة" أفضل مما هي عليه اليوم على المستوى السياسي.
حتى يومنا هذا يماطل نتنياهو في الموافقة على تجديد اتفاقية تبيع إسرائيل بموجبها للأردن خمسين مليون متر مكعب من المياه سنويا. كان مثل الأمر في سنوات سابقة مجرد إجراء روتيني.
سلوك حكومة نتنياهو قبل أحداث السابع من أكتوبر كان مريبا تجاه الأردن. وكانت هناك محاولة أردنية لترسيم العلاقة، وفق مسار يفضي حقا لسلام على أساس حل الدولتين، وعلاقات ثنائية تضمن مصالح الأمن الوطني الأردني.
لم يمر وقت طويل قبل أن تتفجر الأوضاع في المنطقة، وتنهار معها كل فرص التفاهم على الحد الأدنى من المصالح المتبادلة.
قطيعة دبلوماسية، تبعتها مواجهة سياسية وإعلامية، كانت المحافل الدولية ميدانا لها، في ظل سلوك إسرائيلي صنف دول المنطقة كافة في خانة الأعداء، وحرب واسعة شملت جهات متعددة.
تمثل سياسة حكومة نتنياهو وسلوك الوزراء المتطرفين فيها تحديا خطيرا للأردن، مما دفع في بعض مراحل الصراع الأخيرة إلى رفع مستوى الاستنفار إلى درجة عالية، بعد خطوات خطيرة اتخذتها الحكومة الإسرائيلية للمضي قدما في ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، قبل أن تفلح الجهود الأردنية والعربية في إقناع الرئيس ترمب بالتدخل لوقف القرار الإسرائيلي. هل يمكن إصلاح العلاقات بين الطرفين في وقت قريب؟.
القطيعة بلغت مرحلة حساسة جدا وعميقة، مصحوبة بانهيار تام في الثقة من جانب الأردن ومعظم الدول العربية التي ارتبطت بعلاقات دبلوماسية أو علاقات غير رسمية مع حكومة نتنياهو. تقارير إعلامية أميركية تفيد بأن إدارة ترمب تخطط للقاء يجمع الجانبين الإسرائيلي والقطري في نيويورك الأسبوع المقبل لإنهاء حالة التوتر بين الطرفين، بعد الخطوة المجنونة من نتنياهو بقصف الدوحة.
وثمة جهود أميركية أيضا لجمع الرئيس المصري ونتنياهو في قمة قبل نهاية العام، بعد أشهر طويلة من المواجهة المفتوحة على كل الاحتمالات بين الجانبين، كان نتنياهو من أشعلها بسعيه لتهجير أبناء غزة إلى مصر.
لم تظهر إشارات على خطوات مماثلة مع الأردن، وليس واضحا بعد مدى اهتمام الإدارة الأميركية بملف العلاقات الأردنية الإسرائيلية.
لا نستطيع الجزم إن كان هذا الأمر يبعث على القلق أم لا، لكن في كل الأحوال لا يمكننا تجاهل هذا الملف لفترة طويلة.
"الغد"