النشامى من أفضل أدوات الترويج السياحي للأردن
محمد نور الدباس
18-12-2025 11:55 AM
يُعدّ المنتخب الأردني لكرة القدم من أفضل أدوات الترويج السياحي للأردن، وربما الأكثر تأثيرًا شعبيًا وإعلاميًا في السنوات الأخيرة، وذلك لعدة أسباب مترابطة منها؛ الحضور الإعلامي الدولي
مشاركات المنتخب في التصفيات القارية والدولية تنقل اسم الأردن وعلمه ونشيده إلى ملايين المتابعين عبر الشاشات ووسائل التواصل، وهو ترويج مجاني وواسع الانتشار يفوق أحيانًا الحملات الإعلانية التقليدية، وكذلك بناء صورة ذهنية إيجابية؛ الأداء القتالي، الروح الرياضية، والالتزام الأخلاقي للاعبين ترسّخ صورة الأردن كدولة شابة، طموحة، مستقرة، وقادرة على المنافسة، وهي عناصر أساسية في قرار السائح عند اختيار وجهته.
وكذلك توحيد السردية الوطنية، فالمنتخب يجسّد وحدة المجتمع الأردني وتنوّعه، ويقدّم نموذجًا للتماسك الوطني، ما يعزز الثقة بالبيئة الاجتماعية والثقافية للبلد في نظر الزائر الأجنبي، بالإضافة إلى قوة الجذب عبر الدبلوماسية الرياضية، فكرة القدم لغة عالمية، والمنتخب يمارس ما يُعرف بـالدبلوماسية الرياضية، حيث يتحول كل لقاء دولي إلى نافذة تعريف بالأردن وتاريخه وثقافته، وأخيراً قابلية الاستثمار السياحي، فنجاحات المنتخب تفتح المجال لربط الرياضة بالسياحة من خلال؛ استضافة المباريات والبطولات، والترويج للمواقع السياحية عبر اللاعبين، وحملات مشتركة بين وزارة السياحة والاتحاد الأردني لكرة القدم.
مع الإشارة إلى أن مشاركة المنتخب الأردني لكرة القدم في أي مباراة أو بطولة فهو يقوم بالتسويق سياحياً للملكة الأردنية الهاشمية، وذلك من خلال أن نسبة كبيرة من عدد السكان في أي دولة هم متابعي ومشجعي كرة القدم، وبذلك فالمنتخب يعّرف النسبة الكبرى من عدد سكان العالم بالأردن، على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية، كون متابعو ومشجعو كرة القدم من مستويات ثقافية وتعليمية مختلفة تشمل المستويات جميعها، ولا يخفى على كل ذي بصيرة أن المنتخب الأردني لكرة القدم قد قام بأكبر حملة ترويجية سياحية لم يسبق لها مثيل بمجرد تأهله لبطولة كأس العالم، الأمر الذي جعل كل من لا يعرف الأردن في مختلف دول العالم أن يقوم عن طريق محركات البحث المختلفة بالبحث عن الأردن، مما يعني بالنتيجة ترويجه سياحياً، ناهيك عن اللاعبين المحترفين الذين يلعبون لحساب أندية وفرق خارج المملكة الأردنية الهاشمية بالقيام بنفس العملية الترويجية لجمهور تلك النوادي والفرق الرياضية التي يلعبون لحسابها.
فمشاركة المنتخب الأردني لكرة القدم في بطولة كأس العرب كان له الأثر الكبير في الترويج للأردن الثقافي والأردن السياحي والأردن الاجتماعي والأردن السياسي والأردن التراثي لدى الجمهور العربي والعالمي المهتم بالرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، وخير مثال على التراث الأردني الذي عرفه الجمهور الرياضي (المنسف) الطبق الوطني في الأردن، الذي يطبخ بالأعراس والأتراح ومختلف المناسبات، ويتميز المنسف عن باقي أنواع الطبخ العربية باستخدام لبن الجميد "الأقط" الذي يصنع من الحليب بعد تحويله إلى لبن رائب، ويتكون الطبق من لحم الضأن مع سائل الجميد والأرز، والمنسف يمثل جزءًا مهمًا من التراث الأردني لاحتفاظه بالعناصر التي عُرف بها قبل أكثر من 200 عام، ولا يزال محتفظًا بالطقوس الخاصة به، وهو سيد مأدبة الأردنيين في المناسبات الاجتماعية فضلًا عن كونه مأدبة الضيافة الرسمية التي يستقبل بها الضيوف والزوار، وفي العام 2022 أُدرج المنسف على لائحة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وغيرها من النواحي التي يتميز بها المجتمع الأردني، مثل الزي الرسمي والأغاني الشعبية والوطنية.
خلاصة القول، المنتخب الأردني ليس مجرد فريق رياضي، بل علامة وطنية متحركة تروّج للأردن بقوة العاطفة والانتماء، وهو ما يجعل أثره السياحي أعمق وأكثر استدامة من كثير من أدوات الترويج التقليدية إذا ما أُحسن استثماره مؤسسيًا.