facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأمن الوطني من الدفاع إلى الردع الاستباقي


العميد المتقاعد ممدوح العامري
22-12-2025 12:09 AM

يشهد الإقليم من حولنا تحولات عميقة، لعل أبرزها ما جرى في الساحة السورية، وما رافقه من تغير في طبيعة التهديدات الأمنية واتساع رقعتها وتعقيد أدواتها، وهذه التحولات لم تعد تقتصر على صراع عسكري تقليدي أو تهديد مباشر على الحدود، بل أفرزت نمطا جديدا من المخاطر المركبة، التي تمزج بين الإرهاب، والجريمة المنظمة، والتهريب، والحرب النفسية والمعلوماتية.

في هذا السياق، أعاد الأردن قراءة أولوياته في الأمن الوطني بواقعية وهدوء، منطلقا من ثوابت الدولة، ومتكئا على مؤسساته الأمنية والعسكرية، وفي مقدمتها القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، التي أثبتت عبر السنوات أنها صمام الأمان الأول للدولة والمجتمع.

لم تعد الحدود الشمالية مجرد خط تماس جغرافي، بل تحولت إلى مساحة مفتوحة لمحاولات تهريب المخدرات والأسلحة والمتفجرات، ومحاولات تسلل وتجنيد عابرة للحدود، وقد نجحت القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بفضل يقظتها وجاهزيتها العالية، في إحباط مئات المحاولات، ومنع هذه الأخطار من الوصول إلى العمق الأردني.

غير أن خطورة المرحلة تكمن في أن التهديدات الحالية لا تنتظر الوصول إلى الحدود، بل تتشكل في بيئات قريبة، وتتحرك بسرعة، وتستفيد من الفوضى، ومن شبكات غير نظامية، ومن فضاءات رقمية يصعب ضبطها بالوسائل التقليدية وحدها.

من هنا، جاء التحول في العقيدة الأمنية الأردنية نحو الردع الاستباقي، أي التعامل مع التهديد قبل اكتماله، ومنعه قبل أن يتحول إلى خطر مباشر، وتندرج مشاركة القوات المسلحة الأردنية في عملية “عين الصقر” ضمن هذا الإطار، بوصفها نموذجا عمليا لسياسة أمنية محسوبة، تنطلق من حماية السيادة والعمق الوطني، دون تهور أو تصعيد غير محسوب.

هذا التحول لا يعني التخلي عن الدفاع أو عن ضبط الحدود، بل يعني توسيع أدوات الأمن الوطني، وربطها بالاستشراف، والاستخبارات، والقرار السيادي الواعي.

في موازاة العمل العسكري والأمني، يدرك الأردن أن التطرف يبدأ فكرة قبل أن يتحول إلى فعل،؟لذلك، فإن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تنجح بالسلاح وحده. وقد جسدت استراتيجية القوات المسلحة الأردنية لمواجهة التطرف الفكري والإرهاب هذا الفهم، من خلال التركيز على تحصين الإنسان، ورفع الوعي، وتعزيز قيم المواطنة والاعتدال والانتماء.

إن إهمال البعد الفكري والتنموي لا يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الخطر بأشكال جديدة، ويضع عبئا متزايدا على الأجهزة الأمنية، مهما بلغت كفاءتها.

لا يمكن الحديث عن أمن وطني مستدام دون معالجة الجذور الاجتماعية والاقتصادية التي تستغلها الجماعات المتطرفة وشبكات الجريمة، مثل الفقر، والبطالة، والإحباط، وضعف الثقة، وكلها عوامل تُستخدم كوقود للتطرف. ومن هنا، فإن المشاريع التنموية، وتمكين الشباب، وبناء الوعي، ليست قضايا اجتماعية فقط، بل أدوات أمن وطني بامتياز.

وفي زمن الشائعات والحروب النفسية، يصبح الإعلام شريكا اساسيا اساسيا وفاعلا في حماية الأمن الوطني، لا مجرد ناقل للأخبار فقط، فالخطاب المسؤول، والمعلومة الدقيقة، وبناء الثقة بين الدولة والمجتمع، كلها عناصر أساسية في تحصين الجبهة الداخلية ومنع انتقال الخوف أو التضليل.

بقي ان اقول ان الأردن يدخل اليوم مرحلة دقيقة، لكنه لا يدخلها مرتبكا أو معزولا، بل يدخلها بعقيدة أمنية ناضجة، ومؤسسات محترفة، ورؤية تدرك أن الأمن الوطني لم يعد يُدار بردّ الفعل، بل بالاستباق، والتكامل، وبناء الإنسان قبل السلاح، فالأمن الوطني الأردني ليس حالة طارئة، بل مشروع دولة مستمر، يقوم على التوازن بين القوة الصلبة والقوة الناعمة، وعلى الثقة المتبادلة بين الدولة ومواطنيها.

"الرأي"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :